الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجود غير مسمى بهذه اللفظة، فإما أن يكون له لفظ آخر لا يعلمه، أو يكون لم يوضع لجواز خلو اللغة عن الوضع لبعض المعاني كما تقدم بيانه.
(تنبيه)
زاد التبريزي بأنه قال: وقولهم: المتناهي إذا وزع على غير المتناهي لزم الاشتراك، هفوة
؛ لأن المتناهي لا يفي بغير المتناهي لا بالتعبير، ولا بالاشتراك، ثم معاني الألفاظ المشتركة لها أسام مفردة ليصح أن يقال: هذا اللفظ المشترك، واستغنت اللغة عن الاشتراك على أن في التركيبات أقساما مهملة، فلو كان وقوع الاشتراك لضرورة الإعواز لما أخلو بتلك التركيبات.
بمعنى أن خنفشار وشيبصان وديز، ونحوها مركبات مهملة لم توضع لشيء، فلو كان الاشتراك لعدم ما يوضع لوضعت هذه الألفاظ.
ويرد عليه في قوله: إن المتناهي إذا وزع على غير المتناهي لا يفي به، أن ذلك يتم له إذا كان الواضع هو الخالق؛ لأن وضع المخلوق فرع تصوره، وتصور دائما متناه.
أما إذا فرضنا الواضع هو الله تعالى أمكن أن يضع لفظا واحدا لجميع المعلومات بمعنى يجعله علما عليه، ويخصه به بإرادته تعالى وعلمه المحيطين، ويكون هو سبحانه وتعالى عالما بذلك، ونحن يتعذر علينا علم ذلك، ولا يلزم من تعذر علمنا بالشيء عدمه في نفسه، وبهذا يتجه السؤال عليه في قوله: لابد لكل واحد من معاني اللفظ المشترك من أسام مفردة، بل نقول: لا يكفي لشيء منها البتة (غير)(1) ذلك اللفظ المشترك، وعلم الله تعالى كاف في ذلك، ومن أراد تعريفه من خلقه بذلك، خلق له علما ضروريا بأن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى، فيعلم
ذلك المخلوق منا، ولا نعلم لذلك المعنى لفظا آخر غير ذلك اللفظ المشترك الذي وجد في نفسه العلم به.
مثال لقوله: يطلق المشترك حتى لا يكذب، ولا يكذب بأن العلم أن زيدا اشترى دارا، وشك هل الثمن ذهبا أو ركية؟ فيقول: اشتراها بعين، فإن ظهر أنه (ذهب) (1) قال: هو الذي أردته بلفظ العين، أو ركية وهي عين الماء، قال: هي التي أردتها بلفظ العين، وهذا وإن كان حراما شرعا إلا أنه من أغراض الناس، وقد يباح أحيانا، أو يجب الكذب، والتمويه لسبب شرعي يقتضي ذلك من تخليص أحد من القتل، أو حفظ مال معصوم (2)، ثم الواضع، بل هذه أحكام تنشأ عن الشرائع، لا عن الوضع.
تقرير لقوله: (المفاسد إنما تلتزم في الواضع الواحد، أما في القبيلتين فلا).
معناه: أن هذه المفاسد تمنع الواضع أن يضع اللفظ مشتركا، وإحدى القبيلتين إنما وضعت اللفظ على أنه غير مشترك ووضعته القبيلة الأخرى على أنه غير مشترك، ثم شاع الوضعان، فلزم الاشتراك من (غير) قصد بين الطهر والحيض، بل هو موضوع للقدر المشترك بينهما، واختلف في تعيين ذلك المشترك على ثلاثة أقوال:
أحدها: هو الجمع من قولك: قريت الماء في الحوض إذا جمعته فيه، والدم يجتمع في زمن الطهر في الجسد، وفي زمن الحيض في الرحم.
وثانيها: هو الانتقال سمي قرءا لغة، والحائض تتنقل من الطهر للحيض، والطاهر تتنقل من الحيض للطهر.