الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تنبيه وفائدة عظيمة)
وهو أنه ترك ما كان ينبغي له أن يذكره وهو علم الجنس
، فإنه ذكر علم الشخص لتحديده إياه بما يمنع نفس تصوره من وقوع الشركة فيه، وعلم الجنس لا يمنع تصور معناه من الشركة.
والفرق بينهما في غاية العسر، فإن (أسدا) اسم جنس (وأسامة) علم جنس، وكلاهما لا يمنع تصوره من وقوع الشركة، ويصدق على كل أسد في الخارج اللفظان أنه أسد، وأنه أسامة، وأسامة علم جنس؛ لأنهم منعوه من الصرف بالتأنيث والعلمية، وليس شيء مع التأنيث غير العلمية فتعينت، ولذلك نص عليه النحاة.
ومن ذلك: أبو براقش لطائر يتلون، وأبو قيرة لضرب من الحيات يشبه السهم القصير طوله شبر، وبنت طبق دابة تدور على صفة الطبق.
وقيل: إنها تنام سبعة أيام، فإذا انتبهت حين تنفسها تموت، وإذا أخذها الرجل يحسبها سوارا، فإن رماها وهى نائمة سلم، وان انتبهت في يده مات.
وثعالة علم للثعلب، والثعلب اسم جنس، وابن مفرض طائر بطنه أحمر، وسائره اسود، وليس له اسم جنس غير العلم فقط، وحمار قبان دويبة ملساء سوداه، وهو علم، ليس له اسم، ونقل صاحب (المفصل)
منها عددا كبيرا، وفسرها اللغويون، وكان الشيخ شمس الدين الخسروشاهى ورد الديار المصرية، وكان يحرك هذه المثلة، ويطلب الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس، فما كان يجد من يجيبه، وكان يزعم أنه لا يعرف تحقيق هذا الموضع في الديار المصرية إلا هو، ولم أر أنا من يعرفه، وكان يذكر الفرق لطلبته، ونقلته عنه، وها أنا أذكره فأقول:
الوضع مسبوق بالتصور، فلا يضع الواضع لشيء حتى يتصوره، فإذا وقعت صورته في ذهنه، فتلك الصورة هي فرد مشخص من أفراد تصورات تلك الحقيقة، بدليل أن تلك الصورة تعقبها الغفلة، ثم تأتى بعدها صورة أخرى، فتتوالى الأمثال على الذهن، وتتخللها الغفلات؛ ولأنه يكون في ذهننا تلك الصورة بعينها، فهي مثل لتلك الصورة التي في نفس الواضع، فصارت لتلك الصورة أمثال باعتبار الصور الواردات على ذهن الواضع، وباعتبار النفوس العددية، إذا تقرر أن تلك الصورة فرد من أفراد تصورات تلك الحقيقة، وكل فرد من الأمثال هو متشخص متعين في نفس الواضع، كشخص زيد في الخارج الذي هو فرد من أفراد الإنسان، وهذه الصورة الشخصية فيها عموم وخصوص، فعمومها كونها صورة تلك الحقيقة كالأسد مثلا الذي هو قدر مشترك بين التصورات المتعلقة بتلك الحقيقة.
وخصوصها هو بعينها وتشخيصها، فإن وضع لها الواضع من حيث عمومها، فهو اسم جنس، وإن وضع لها من حيث هي مشخصة، وهو خصوصها فهو علم جنس؛ لأنه وضع للعموم والخصوص، كما وضع علم الشخص لعموم الإنسان مثلا، وخصوص كونه زيدا ذلك الشخص المتشخص، فتلخص فرقان:
أحدهما: بين اسم الجنس وعلمه باعتبار دخول الخصوص في التسمية في علم الجنس، وخروجه عن اسم الجنس.
وثانيهما: الفرق بين علم الجنس، وعلم الشخص أن علم الجنس هو الموضوع للعموم بقيد التشخص الذهني، وعلم الشخص موضوع للعموم