الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وثالثها: الزمان تقول العرب: جاءت الريح لقرئها، أي لزمانها، والحيض له زمان، والطهر له زمان، فسمي قرءا لذلك.
ومن ذلك التعزيز قيل: مشترك بين الإهانة والتعظيم، لقولنا: عزر الحاكم الجاني، فهو إهانة، وقوله تعالى:} لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا {(الفتح: 9)، أي: تعظموه، فهو ليس بمشترك حينئذ، قالوا: بل هو متواطئ للقدر المشترك بين الموضعين (وهو المنع) (1) فتعزيز الجناة يمنعهم من العود للجنايات، وتعزيز رسول الله صلى الله عليه وسلم منعه من أعدائه ن جميع المكاره، ومن ذلك العسعسة في قوله تعالى:} والليل إذا عسعس {(التكوير: 17)، قالوا: هو مشترك بين أول الليل وآخره.
قال النفاة للاشتراك: بل هو متواطئ للقدر المشترك بينهما، وهو اختلاط الظلام بالضياء، وعلى هذا النحو جروا في جميع المشتركات من الألفاظ.
المسألة الثانية: في أقسام اللفظ المشترك:
قوله: مثل تسميته الخاص باسم العام، مثاله: تسمية الإنسان بالحيوان، فإن الحيوان جزء الإنسان، فيصير اللفظ مشتركا بين الجزء والكل، وأما تمثيله بالإمكان، إذا قيل لغير الممتنع ولغير الضروري، فإن غير الممتنع يشمل الواجب والممكن، وغير الضروري هو الممكن، فلذلك قال: إن غير الممتنع أعم من غير الضروري لصدقه على غير الضروري الذي هو الممكن، وعلى الضروري الذي هو الواجب، وإذا اعتبرت هذا اللفظ بالنسبة إلى الإنسان وحده في المثال السابق كان مشتركا أيضا؛ لأنه يصدق على جزئه وكله.
قوله: (وإذا لم يكن أحدهما جزء الآخر، فلابد وأن يكون صفة) ممنوع؛ لأن التقسيم وقع فيها إذا كان بينهما تعلق، والتعلق قد يكون بالجزئية وبالصفة وبالشرطية والعلية والمانعية، أو يكون جزء علة أو شرطه أو مانعه، فلو وضع لفظ الشمس لسخونة الماء الناشيء عن الشمس كان مشتركا، وبينهما تعلق، وليس السخونة الحاصلة للماء صفة للشمس، وبقية النظائر كثيرة لا يعسر التمثيل بها.
قوله: (المشترك بين الشيء وعدمه لا يفيد إلا التردد بين النفي، والإثبات المعلوم لكل أحد) ممنوع، بل يفيد استحضار السامع ذينك النقيضين، فإنه ليس من لوازم الإنسان أن يكون كل نقيضين حاصلين بباله.
وثانيهما: يفيد أنه أحد هذين النقيضين مراد المتكلم، وهذا لم يكن عند السامع قبل ذلك.
وثالثهما: أنه يفيد تعيين المراد، وحصول المقصود إذا اقترنت به قرينة ضعيفة لو انفردت لم يفد تعين المراد، والمجموع المركب منها، ومن اللفظ المشترك يفيد تعين المراد، فقد صار ما ليس مفيدا بسبب وضع هذا اللفظ المشترك، وهي فائدة جليلة، ثم ينتقض ما ذكره بلفظ القرء للحيض والطهر، وهو عدم الدم، فهما نقيضان.
وأجيب عن الأخير بأنه عدم الدم عمن شأنها أن تحيض، وعلى هذا يكون ضدا لا نقيضا، ويبنى على هذا التردد هل بنت المهد طاهر أم لا؟ فعلى توجه المنع لا تسمى حائضا ولا طاهرا، كما لا يسمى (الخراز)(1) لا بصيرا ولا أعمى ولا سميعا، ولا أصم لعدم قبوله لذلك (2).