الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو أن العقل أدرك أن الأرض لا تفعل شيئا، وإنما الفاعل هو الله تعالى، فحقيقة الفعل لم توجد من الأرض، فسمته مجازا عقليا، لأنه ليس فيه إلا العقل فينسب إليه، وحيث نسب الفعل لفاعله حقيقة، كقولنا: خلق الله- تعالى- العالم، نسميه حقيقة عقلية؛ لأنها مدركة بالعقل، فهذا هو تحرير قوله: المجاز المركب عقلي.
فإن قلت: (فإذا قلنا: خنفشار، وأردنا الحصير ليس هو من موضوعات العرب، فهو مهمل كالمركبات عند هذا القائل، فلم لم نسمه مجازا عقليا؟
قلت: نسبة الأفعال لمستحقها والمؤثر فيها، ولغير المؤثر فيها يدركه العقل، وهو من أحكامه التي يقدر أن يستقل بها وجوبا واستحالة.
وأما إطلاق اللفظ المهمل المفرد على محل معين، فهو يجوز أن يكون اسما له، وأن يطلق عليه، وألا يكون شيء من ذلك، فالعلم بذلك إنما يحصل من أمر غير العقل؛ لأن حظ العقل فيه التجويز ليس إلا، ولا يحكم بوجوب، ولا استحالة، ولا يعين شيئا من ذلك، بخلاف نسبة الأفعال يوجبها الله- تعالى- ويحيلها على غيره، فلما كان العقل يستقل بها نسبت هذه المركبات له، بخلاف اللفظ المفرد.
(قاعدة)
وضعت العرب الأفعال حقيقة في استعمالها
، وقد تستعمل مع الفاعل حقيقة، نحو: خلق الله ورزق، وفي الفاعل نسبا، وعادة لا حقيقة نحو: قتل زيد عمرا، وما لم يفعل حقيقة ولا نسبا نحو: برد الماء، وسقط الحائط، ومات زيد، وتحركت الريح.
إذا تقررت هذه القاعدة، وأن ليس من شرط نسبة الفعل حقيقة، أن يكون الفاعل فاعلا مؤثرا مخرجا من] العدم [إلى الوجود.
قلنا: أن نمنع أن تنبت الأرض وتخرج مجاز بل تنبت، كما نقول. أروي الماء وأشبع الخبز، وأحرقت النار، ولا يقول أحد: إن هذه مجازات، بل حقيقة، وإنما يكون المجاز حيث يعلم أن العرب وضعت اللفظ ليركب مع غير هذا، فركب مع هذا كما تقدمت المثل، ولا تنافي بين نسبة الفعل إلى الله- تعالى- بالإيجاد وحده، ويكون تركيب اللفظ مع لفظ محل ذلك الفعل حقيقة لغوية؛ فإن الله- تعالى- هو فاعل الري عند شرب الماء.
وقولنا: أروي الماء حقيقة لغوية، وكذلك قام زيد، الله- تعالى- فاعل قيامه، واللفظ فيه حقيقة.
قوله: (أمثلة الأفعال لا تدل بالتضمن على خصوصيات المؤثر).
قلنا: عليه سؤالان:
الأول: أن الدلالة غير منحصرة في التضمن، فلم لا يجوز أن تكون دلالة الفعل بالالتزام، وهو الصحيح، فإن الفاعل لازم للفعل؟
الثاني: أن تجد لفظ (أروى) يدل على المائعات، وأشبع على الأغذية، وابتاع على ما يصلح للبيع، وأجاب يدل على ما يصلح للإجابة، وهو كثير، فقد دلت الأفعال على خصوصيات المؤثر.
قوله: (لو كان لفظ أخرج يدل على القادر، لكان قولنا: أخرج وحده معناه: أخرجه القادر، وكان يلزم أن يكون وحده خبرا يدخله التصديق والتكذيب).
قلنا: لا يلزم من دلالة لفظ على شيء، وأنه إذا فسر به كان جملة أن يكون في نفسه جملة، فإن لفظ العشرة يدل على خمسة مع خمسة.
ولو قلنا: خمسة مع خمسة كان خبرا، ولفظ العشرة في نفسها] ليس [خبرا، والصبوح: الشرب أول النهار.