الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (الحقيقة ما أفيد بها ما وضعت له في أصل الإصلاح).
يقتضى أن الحقيقة اسم للفظة المستعملة في موضوعها لقوله: ما وضعت له، والتي وضعت إنما في اللفظة، فتكون الحقيقة اسما للفظة المستعملة لا نفس الاستعمال، وهذا يناقضه قوله بعد هذا:) إن الحقيقة نقلت لاستعمال اللفظ في موضوعه الأصلي).
فإن مقتضاه أن مسمى الحقيقة هو استعمال في الموضوع، لا اللفظة بوصف الاستعمال، وبينهما فرق يوجب التناقض في المعنى.
(سؤال)
قوله: (قولنا: أفيد بها ما وضعت له في أصل الاصطلاح الذي وقع به التخاطب
، وقد دخل فيه الحقيقة اللغوية، والحقيقة العرفية، والشرعية) مشكل؛ لأن الاصطلاح المفهوم منه الوضع، وقد تقدم أن الوضع له ثلاثة معان:
جعل اللفظ دليلا على المعنى، كتسمية الولد زيدا، ومنه تسمية اللغات
ووضعها، ويقال: الوضع على غلبة استعمال اللفظ في المعنى حتى يصير أشهر من غيره، وهذا هو وضع الحقائق الثلاثة الشرعية، كالصلاة للفعل المخصوص، والعرفية العامة كالدابة والجماد، والعرفية الخاصة كالجوهر والعرض عند المتكلمين، ويقال: الوضع على مطلق الاستعمال ولو مرة واحدة في صورة واحدة، وهو قولهم: من شرط المجاز الوضع أي سمع منهم مرة واحدة التجوز لذلك النوع من المجاز، ولم يسموا مطلق الاستعمال وضعا إلا في هذا الموضع.
إذا تقرر أن الوضع لفظ مشترك فإن أراد بالاصطلاح الوضع اللغوي الذي هو جعل اللفظ دليلا على المعنى، فهذا لا يندرج فيه الشرعية والعرفية؛ لآن الوضع فيها ليس بهذا التفسير، وإن أراد بالاصطلاح المعاني الثلاثة أو بعضها، فهذا استعمال اللفظ المشترك في جميع معانيه، وهو مختلف فيه، وبتقدير تسليمه، فهو مجاز على التصحيح، ومثل هذا المجاز الخفي يجتنب في الحدود، فاللازم أحد أمرين: إما عدم الاندراج، وإما دخول المجاز الخفي في الحدود، وكلاهما محدود.
تنبيه:
اشتراطه الاصطلاح في الحقيقة والمجاز يخرج الألفاظ المهملة نحو خنفشار، فإن المهمل لا حقيقة ولا مجاز لفقدان شرطهما، وهو الوضع.
وقوله: (لولا العلاقة لم يكن مجازا، بل وضعا مستأنفا).
معناه: أن يكون كما يقول العلماء في قول القائل لامرأته: سبحان الله، واسقني الماء، ويريد الطلاق، فإن هذا ليس مجازا لعدم العلاقة، وهو وضع من قائله لهذا المعنى، وبذلك فارق الكناية، لأن الكناية فيها العلاقة، وهذا الباب ليس فيه علاقة، ولهذا لم يقل به الشافعي في الطلاق ونحوه، وقال به مالك.
قوله في الجواب عن الاستعارة: (يكون لفظ (الأسد) مستعملا في موضوعه الأصلي).
معناه: أن العرب وضعت لفظ (الأسد) للحقيقي، وهذا أسد متخيل، فيكون غير الموضوع، فيكون اللفظ فيه مجازا.
(فائدة)
قوله تعالى:} ليس كمثله شيء} [الشورى: 11 [.
قال العلماء: (الكاف) يجب أن تكون رائدة؛ لأنها لو كانت أصلية لكان معنى الكلام (ليس مثل مثله شيء)، فتكون الآية تقضي أن له مثلا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا؛ لأنك إذا قلت: ليس مثل ابن زيد احد، يكون له ابن، فيتعين أن تكون الكاف زائدة، فيصير معنى الكلام) ليس مثله شيء)، ولا يكون للكاف معنى البتة غير تأكيد نفى المثل عنه سبحانه وتعالى، كما تقدم النقل عن (ابن جني) أنه قال:
(كل حرف زيد في كلام العرب فهو قائم مقام إعادة الجملة مرة أخرى)، فيكون معنى هذه الآية: ليس مثله شيء مرتين للتأكيد.
وقال الشيخ شرف الدين بن أبي الفضل:) أجعل الكاف أصلية، ولا يلزم محذور، فأقول: نفي المثل له طريقتان: إما بذاته، أو بنفي لازمه، ويلزم من نفى اللازم نفي الملزوم، ومن لوازم المثل أن له مثلا، فإذا نفينا مثل المثل انتفى لازم المثل، فينتفي المثل لنقي لازمه).
قلت له: إذا نفيت مطلق المثل الذي هو لازم المثل، ومن جملة أمثال مثل الله - تعالى - الله - فيلزم نفيه، وهو محال. قال: ليس محالا؛ لأن الله - تعالى - على هذا التقدير له اعتباران من حيث ذاته، ومن حيث هو مثل مثله، والثاني أخص من الأول.
والقاعدة: انه يلزم من نفي الأخص نفي الأعم، فلا يلزم القضاء بالنفي في حق الله - تعالى - من حيث هو مثل مثله نفيه؛ لأن النفي إنما حصل