الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلماء هل يحنث بغيرها أم لا؟ بناء على أن ذلك الاستعمال، هل وصل إلى النقل فلا يحنث، أو لم يصل فيحنث؟
فهذا منشأ الخلاف، ولو قال: رأيت رأسا، لم يختلفوا أن لفظه لا يتعين للأنعام؟ لأن هذا التركيب لم يشتهر في الأنعام، وإنما اشتهر في تركيب الأيمان، وهذا هو المدرك في أن مالكا أوجب في (أيمان المسلمين)، الصوم دون الاعتكاف؛ لأن التركيب الغالب في الأيمان يقع في الحج، والصدقة، والصوم دون الاعتكاف، فتأمل هذه المواطن، فهي شريعة في الأصول والفروع.
المسألة الثالثة: في الحقيقة الشرعية
قال: (وهي اللفظة التي استفيد من الشرع وضعها للمعنى).
(سؤال)
ينبغي أن يقول: من صاحب الشرع؟ لأن الشرع هو الرسالة
، والرسالة لا تضع لفظا، إنما يتصور الوضع من صاحب الشرع الذي هو الله تعالى.
قوله: (كان اللفظ والمعنى مجهولين في اللغة أم لا)؟
تقريره: أن العلماء قالوا: إن العرب لم تعرف لفظ (المنافق) إنما عرفت (النافقاء)، وهو باب بيت اليربوع، يستره بيسير من تراب، ويكون بعيدا من غيره، فإذا اضطره الصيادون دخل من بابه المعروف، وخرج من ذلك الباب، والصياد لا يعلم، فالمنافق لما كان يظهر الإيمان، ويبطن الكفر، حصل له ذلك الشبه فسمى منافقا، فاللفظ مجهول، والمعنى أيضا مجهول؛ لأن الشرع نقل مخالفة الظاهر للباطن للمخالفة الخاصة بين الكفر والإيمان الخاص، وهذا لم يكن معلوما لهم بخصوصه، والمعلومان؛ كالزكاة، وإخراج المال- كانا معلومين، ولم يضعوا لفظ الزكاة لإخراج المال، بل
صاحب الشرع وضعه له، ولفظ بـ (الصلاة) كان معلوما لهم اسما للدعاء، والعبادة المخصوصة كانت مجهولة لهم، فأحدهما مجهول والأخر معلوم.
قوله: (منع منه القاضي مطلقا، وأثبته المعتزلة مطلقا).
يريد بالإطلاق عموم الأقسام الثلاثة المعلومين والجهولين، والمعلوم والمجهول التي تقدم تمثيلها، فإن المذهبين اطردا في الجميع، فالقاضي يقول: جميع ما أطلق في الشريعة، إنما أريد به مسماه اللغوي، وأراد الله -تعالى- بـ (الصلاة) الدعاء، ودلت الشريعة أنه لا بد من إضافة أمور أخر للدعاء، وأن ذلك الدعاء يتعين أن يكون دعاء الفاتحة، وهو قوله تعالى:{أهدنا الصراط المستقيم} ] الفاتحة: 6 [، وأن يضاف إليه جميع الفاتحة مع جميع الشروط والأركان.
والمعتزلة يقولون: بل نقل صاحب الشرع هذه الألفاظ، وجعلها اسما لهذه الحقائق المتحددة، كما يسمى الإنسان ولده جعفرا باسم النهر الصغير.
والمصنف وغيره قالوا: استعملها صاحب الشرع مجازا عن الحقائق اللغوية، فهذه ثلاثة مذاهب.
وقال سيف الدين: نفى (القاضي) الوضع الشرعي، وأثبته (المعتزلة) والفقهاء والخوارج)، فجعل الفقهاء مع المعتزلة، ولم يتعرض له المصنف، وكذلك نقله أبو الحسين في (المعتمد).
وقال أبو إسحاق في (اللمع (: هذه أول مسألة نشأت في الاعتزال؛ لأنه لما قتل عثمان رضي الله عنه ونشأت الفتنة، ثم جاءت المعتزلة، قدحوا في الصحابة رضي الله عنهم وقالوا: لا نجعلهم مؤمنين، بل منزلة بين منزلتين.
قيل لهم: إنهم مصدقون، والإيمان هو التصديق، والمؤمن المصدق
قالوا: إن اسم الإيمان قد انتقل لمن لم يعمل كبيرة.
قال: وسمعت (أبا الطيب) يقول: سمعت القاضي أبا بكر يقول: ذهبت ناشئة المعتزلة، وناشئة القدرية، وقوم من المتفقهة إلى أن في الأسماء منقولا، ولم يعلموا ما في ذلك من الكفر والطغيان، وذكر ما تقدم من أمر الصحابة رضي الله عنهم.
قال أبو إسحاق: ويمكننا آن نحترز من هذه المسألة فنقول: الأسماء منقولة إلا هذه المسالة فإنها أول بدعة ظهرت في الإسلام.
وقال الإمام في (البرهان): قال القاضي، وطوائف بعدم النقل، وأنها مقرة على معناها، ولم يرد فيها شيء.
وقالت طوائف من الفقهاء: أقرت وزيد في معناها، وقالت المعتزلة بالنقل.
واستمر القاضي على لجاج ظاهر فقال: الصلاة الدعاء، والمسمى بها في الشرع الدعاء عند وقوع أفعال وأقوال، قال: والمختار أنها مجارات عن اللغوية، فتصير المذاهب أربعة.
(تنبيه)
يشكل تصميم القاضي على هذه المسألة، وهذا التصميم مع أنه يساعد على إمكان المجاز في كلام صاحب الشرع، ووقوعه في القرآن، والسنة فلم لا قال بالمذهب الثالث وهو أن اللفظ استعمل فيها مجازا، ويستريح من
التشنيعات التي تنشأ عن إرادة الحقيقة اللغوية في قوله- صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور).
وقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} ] البقرة: 185 [مع