الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: في أقسام هذا المجاز
، والذي يحضرنا منه اثنا عشر وجها:
أحدهما: إطلاق اسم السبب على المسبب، والأسباب أربعة: القابل والصورة والفاعل والغاية.
مثال تسمية الشيء باسم قابلة قولهم: سال الوادى.
ومثال التسمية باسم الصورة: تسميتهم اليد بالقدرة.
ومثال التسمية باسم الفاعل حقيقة أو ظنا: تسمية المطر بالسماء.
ومثال التسمية باسم الغاية: تسمية العنب بالخمر، والعقد بالنكاح.
وثانيهما: إطلاق اسم المسبب على السبب: كتسمية المرض الشديد والمذلة العظيمة بالموت، ويحتمل أن يكون وجه المجاز هاهنا ما بين الأمرين من المشابهة، ثم هاهنا بحثان:
البحث الأول: أن العلة الغائية حال كونها ذهنية- علة العلل، وحال كونها خارجية- معلولة العلل، فقد حصلت لها علاقتا العلية والمعلولية؛ وكل واحدة منهما علة لحسن التجوز إلا أن نقل اسم السبب إلى المسبب، أحسن من العكس؛ لأن السبب المعين يقتضى المسبب المعين لذاته.
وأما المسبب المعين فإنه لا يقتضى لذاته السبب المعين على ما بينا الفرق بينهما في الكتب العقلية.
وإذا كان كذلك كان إطلاق اسم السبب على المسبب أولى من العكس.
الثاني هو: أن العلة الغائية لما اجتمع فيها الوجهان: السببية، والمسببية، كان استعمال اللفظ المجازى فيها أولى من سائر المواضع؛ لاجتماع الوجهين.
وثالثها: تسمية الشيء باسم ما يشابهه؛ كتسمية _الشجاع) أسدا، و (البليد) حمارا، وهذا القسم على الخصوص هو المسمى بالمستعار.
ورابعها: تسمية الشيء باسم ضده؛ كقوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} ] الشورى: 40 [، {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}] البقرة: 194 [، ويمكن جعل ذلك من باب المجاز للمتشابهة؛ لأن جزاء السيئة يشبهها في كونها سيئة، بالنسبة إلى من يصل إليه ذلك الجزاء.
وخامسها: تسمية الجزاء باسم الكل؛ كإطلاق اللفظ العام، مع أن المراد منه الخصوص.
وسادسها: تسمية الكل باسم الجزء، كما يقال للزنجى: إنه أسود والأول أولى؛ لأن الجزء لازم الكل، أما الكل فليس بلازم للجزء.
وسابعها: تسمية إمكان الشيء باسم وجوده، كما يقال للخمر التي في الدن: إنها مسكرة.
وثامنها: إطلاق اللفظ المشتق بعد زوال المشتق منه؛ كقولنا للإنسان بعد فراغه من الضرب: إنه ضارب.
وتاسعها: المجاورة؛ كنقل اسم الرواية من الجمل إلى ما يحمل عليه من ظرف الماء، وكتسمية الشراب بالكأس، ويمكن جعله من المجاز بسبب القابل.
وعاشرها: المجاز بسبب أن أهل العرف استعماله فيما كانوا يستعملونه فيه؛ كالدابة، إذا استعملت في الحمار.