الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلنا: لا نعلم: أنه زيد، فظهر حينئذ أن المعتبر هو النفس مع القدر المشترك بين أطوار الشكل، وهذا المجموع ثابت من أول العمر إلى فنائه، وكلام صاحب الكتاب يشعر بأن المسمى بزيد إنما هو نفسه فقط؛ لأنها الأجزاء الباقية من أول العمر إلى آخره، فإنها جواهر شفافية غير الرطوبات، ولا تسلط عليها الحرارة بالتحليل، ولا يخلفها الغذاء، فهذا هو سبب بقائها.
فصاحب الكتاب يقول: إن جواهر النفس لعل الضرب لم يصادفها، فيكون الكلام مجازا، وعلى ما قررته أيضا أن المجموع هو المسمى، لا يكون ضرب المجموع؛ لأن جواهر النفس من جملته، ولم يعلم ملاقاة الضرب لها.
(فائدة)
بهذا التفسير تظهر رؤية رسول الله- صلى الله عليه وسلم في النوم، فإن العلماء قالوا: في قوله عليه السلام: (من رآني فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بي)، إن المرئى في النوم إنما هو مثاله- عليه السلام لرؤيته في المواضع] المتعددة [في وقت واحد
.
وأما جواب الصوفية بأنه عليه السلام كالشمس في موضعها وهو يرى في الأرض كلها، فهو من الترهات التي لا فكرة لقائلها؛ لأنا نرى النبي- عليه
السلام- في بيت مخصوص، ويراه الآخر في موضع مخصوص، ولو رأيت الشمس بذاتها في موضع مخصوص ما رئيت بذاتها في موضع آخر مخصوص، بل الحق أن الله - تعالى - يخلق له أمثلة كثيرة، يأتي لكل إنسان بمثاله عليه السلام، فيكون تقدير الحديث: من رأى مثالي، فقد رأى مثالي حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بمثالي، ومثاله عليه السلام هو المعصوم، وإنما يعلم أن هذا مثاله عليه السلام، أحد رجلين: صحابي رآه حيا، ورجل وصف له، وتكررت الصفة عليه حتى ارتسم في ذهنه طور خاص، وصورة خاصة، لا يغيرها في ذهنه تغير الأحوال الواردة على المثال من السواد، والشيخوخة والشبوبية، وعدم الأعضاء، وغير ذلك، فإن صفة الرائي تظهر في مثاله عليه السلام، فمن رآه أسود فهو كافر، أو شيخا فهو يعظمه، أو أمرد فهو يستهزئ به، إلى غير ذلك مما تقرر في علم التأويل، فلا بد للرائي من ضبط القدر المشترك بين الأطوار، بحيث لا يشك أن هذا المتغير بصفة الرائي هو الصورة التي حققها قبل التغير كما تقدم تقريره في زيد، وإلا فلا تصح له رؤية البتة، بل يحتمل الصدق، والكذب.
قوله: (ضربت زيدا مجاز عقلي)؛ لأن زيدا علم لا يدخله المجاز، والضرب مستعمل في موضوعه، فلم يبق المجاز إلا في النسبة، فيكون مجازا عقليا) عليه سؤالان:
(السؤال الأول)
أنه قد تقدم أن العلم يدخله المجاز، وها هنا دخله المجاز من باب التعبير بالكل عن الجزء، إن جعلنا المضروب بعضه، أو التعبير بالحال عن المحل إن جعلناه اسما للنفس خاصة.
(السؤال الثاني)
أن مجاز التركيب إنما يكون إذا وضعت العرب اللفظ ليركب مع لفظ