الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك خلل في الفهم، وإذا انتفي احتمال التخصيص، كان المراد باللفظ جميع ما وضع له.
واعلم: أن
التعارض بين هذه الاحتمالات يقع في عشرة أوجه
؛ لأنه يقع التعارض بين الاشتراك وبين الأربعة الباقية، ثم بين النقل والثلاثة الباقية، ثم بين المجاز والوجهين الباقيين، ثم بين الإضمار والتخصيص؛ فكان المجموع عشرة.
المسألة الأولى: إذا وقع التعارض بين الاشتراك والنقل، فالنقل أولى
؛ لأن عند النقل يكون اللفظ لحقيقة مفردة في جميع الأوقات، إلا أنه في بعض الأوقات مفرد بالإضافة إلى معنى، وفي بعض الأوقات مفرد بالإضافة إل معنى آخر.
والمشترك مشترك في الأوقات كلها، فكان الأول أولى.
فإن قيل: لا، بل الاشتراك أولى؛ لوجوه:
أحدها: أن الاشتراك لا يقتضي نسخ وضع سابق، والنقل يقتضيه؛ فالاشتراك أولى من النسخ؛ على ما سيأتي بيانه؛ فوجب أن يكون أولى مما لا يحصل إلا عند حصول النسخ.
وثانيها: أن الاشتراك ما أنكره أحد من العلماء المحققين، والنقل أنكره كثير من المحققين، فالأول أولى.
وثالثها: أن الاشتراك: إما أن يوجد مع القرينة أو لا يوجد مع لقرينة: فإن حصلت القرينة معه، عرف المخاطب المراد على التعيين.
وإن لم توجد القرينة معه، تعذر عليه العمل، فيتوقف.
وعلى التقديرين لا يخطئ في العمل.
أما في النقل: فربما لا يعرف النقل الجديد؛ فيحمله على المفهوم الأول،
فيقع الغلط في العمل.
ورابعها: أن الاشتراك يمكن حصوله بوضع واحد؛ فإن المتكلم قد يحتاج إلى التكلم بالكلام المجمل؛ فيقول: الواضع وضع هذا اللفظ لهذا ولهذا بالاشتراك.
أما النقل: فيتوقف على وضعه أولا، ثم على نسخه ثانيا، ثم على وضعٍ جديد، والموقوف على أمرٍ واحدٍ أولى من الموقوف على أمور كثيرة.
وخامسها: أن السامع قد يسمع استعمال اللفظ في المعنى الأول، وفي المعنى الثاني، ولا يعرف أنه نقل من الأول إلى الثاني؛ فيظنه مشتركا.
فحينئذ؛ يحصل فيه كل مفاسد الاشتراك مع مفاسد أخرى، وهي جهله بكون اللفظ منقولا، مع جميع المفاسد الحاصلة من النقل.
وسادسها: أن المشترك أكثر وجودا من المنقول، فلو كانت المفاسد الحاصلة من المشترك أكثر، لكان الواضع قد رجح ما هو أكثر مفسدة على ما هو أقل مفسدة، وهو غير جائز.
والجواب: أن الشرع إذا نقل اللفظ عن معناه اللغوي، إلى معناه الشرعي، فلابد أن يشتهر ذلك النقل، وأن يبلغ إلى حد التواتر.
وعلى هذا التقدير تزول المفاسد المذكورة، والله أعلم.