الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكلي، ويدل الواقع على حصر ذلك الكلى في ذلك الشخص الجزئي، فيفهم لحصر المسمى فيه، لا للوضع بإزائه، كما نقول:] صاحب مصر [، فيفهم منه الملك الحاضر في ذلك الوقت لحصر الواقع المسمى فيه، لا لأن اللفظ موضوع بإزائه، وكذلك إذا قلنا: الشمس يفهم العرض الموجود بعينه لحصر الواقع المسمى فيه، لا لأن اللفظ موضوع بإزائه؛ لأن لفظ الشمس مسماه كلي، كما تقدم.
وعن الثاني: أنهم سموه أعرف المعارف لفهم الشخص منه السبب المتقدم من حصر الواقع المسمى فيه، ولم يصر شائعا لذلك، فإذا ظهر أن مسماه كلي لم يبقى إلا العلم.
السادس: قال الشيخ تقي الدين: اللفظ الموضوع للكلية كصيغ العموم مسماه كل فرد، بحيث لا يبقى فرد، وهذا المسمى يمتنع أن يقع منه اثنان، ضرورة استيفاء الأول لجميع أفراد تلك المادة، وإذا امتنع أن يقع منه اثنان امتنع قبوله للشركة، فهو جزئي بالتفسير الذي فسره أن الجزئي ما يمنع تصور معناه من وقوع الشركة فيه، فحينئذ أحد الأمرين لازم. إما أن يكون لفظ الجزئي ثلاثة، إن صح كلامه في المضمرات، أو اثنين: العلم وصيغة العموم.
(فائدة)
والمضمر هو اللفظ المحتاج في تفسيره للفظ
، يجوز أن يكون منفصلا عنه ملفوظا، أو معلوما، أو قرينة تكلم، أو خطاب.
فقولنا: (اللفظ) احترازا عن أسماء الإشارة؛ فإنها محتاجة لفعل من الإشارات.
وقولنا: (منفصلا) احترازا عن الموصولات؛ فإنه يحتاج في بيانها للفظ متصل بها هو، وصلتها، وعائدها، ويجب اتصاله بها، بخلاف اللفظ المفسر للمضمر لا يجب اتصاله به، بل يعود الضمير على كلام متقدم تقدما كبيرا.
وقولنا: (ملفوظا أو معلوما)، يشمل أنواع اللفظي؛ فإنه قد يكون ملفوظا به نحو زيدا أكرمته، وقد لا يذكر أصلا؛ لأنه يكون معلوما كقوله تعالى:} إنا أنزلناه في ليلة القدر {] القدر: 1 [، فإنه يعود على القرآن، ولم يتقدم له ذكر غير أنه معلوم، وكذلك قوله تعالى:} حتى توارت بالحجاب {] سورة ص: 32 [، فاعل (توارت) ضمير يعود على الشمس، ولم يتقدم لها ذكر، غير أنها معلومة.
والضمير مشتق إما من الضمور لصغر لفظه، كقوله: فرس مضمر إذا صغر جوفه من قلة العلف والسمن، ومنه ضمور العين أي صغرها، أو من الضمير الذي هو الفؤاد؛ لأنه كناية عن شيء أضمر في النفس، وهو زيد في قولك: زيدا أكرمته، فكان الأصل أن يقول: زيدا أكرمت زيدا، لكنك أضمرت زيدا، وكنيت عنه بالهاء، فكان زيدا خرج في حلية الهاء، فهو مضمر، والمضمرات أصلها ستون، وتصل إلى مائة وخمسين بالتفريع، وذلك مبسوط في كتب النحو.
والعلم: هو اللفظ الموضوع لجزئي كزيد، مشتق من العلامة؛ لأنه علامة على ذلك الجزئي.
تقرير:
اسم الجنس عند العرب ما كان موضوعا لماهية كلية اختلف ما تحتها بالحقيقة، بخلاف المنطقيين لا يسمون جنسا؛ بل نوعا إلا ما اختلف ما تحته
بالحقيقة كالحيوان، فإن تحته الإنسان والبهيم، وهما مختلفان، والإنسان لا يسمونه جنسا لأن ما تحته يختلف بالعدد فقط، بخلاف العرب يسمونه جنسا، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(إذا اختلف الجنسان، فبيعوا كيف شئتم) يجعل الحنطة والفول جنسين، وكذلك بقيتها.
السابع: على قوله: (الموضوع] لموصوفية [أمر بصفة هو المشتق، يشكل بالضمرات، فإن) أنا) و (نحن) موضوع لمفهوم المتكلم، و (أنت) و (أنت) و (أنتم) موضوعة للمخاطب، و (هو) و (هي) و (هم) موضوعة للغائب، فهذه موضوعة لموصوفية بالتكلم، والخطاب والغيبة، وليست مشتقات، وكذلك المبهمات، نحو هذا وهؤلاء، و (تلك) و (ذلك) موضوعة لموصوفية أمر ما يكون مشارا إليه، وليست مشتقات اتفاقا، بل يشترط في المشتقات أمر زائد، وهو كون صيغته فيها حروف أصلية، وهى حروف مصدر من المصادر نحو: ضارب، أو معنى من المعانى نحو: أسود من السواد، ومتى فقد هذا لا يكون مشتقا، وهو الذي دل عليه حده للمشتق حيث قال الميداني: المشتق هو أن توجد بين اللفظين مشاركة] في المعنى والتركيب [، فيرد أحدهما إلى الآخر،] ومتى فقد هذا لا يكون مشتقا، وهو الذي دل عليه حد المشتق [.
الثامن: على هذا الموضع أيضا أن المشتق ليس مسماه الموصوفية، بلى الذات تفيد الموصوفية، فإنا إذا قلنا: عالم، فمعناه ذات مالها العلم،
فقولنا: لها العلم هي الموصوفية، وهو جزء مدلول عالم، والجزء الآخر الذي عرضت له هذه الموصوفية، وقد صرح هو بهذا بعد هذا في مسائل الاشتقاق، فقال: مدلول المشتق مركب، والمشتق منه مفرد، ووجود المركب بدون المفرد محال.
تقرير قوله: إن مدلول الضارب مجهول، بحسب دلالة هذا اللفظ.
معناه: أن العقل دل على أن الموصوف بهذه المعاني ليس معنى لاستحالة قيام العرض بالعرض، وأنه يجب أن يكون مستقلا بنفسه غنيا عن المحل، فإن كان المعنى من عوارض الأجسام، كالضرب يجب أن يكون متحيزا، وهذا شيء لا يفيده اللفظ، بل العقل، ثم إذا كان متحيزا يعلم بدليل آخر أنه زيد، أو غيره لا باللفظ المشتق.
التاسع: على قوله: (إن المسمى قد يكون نفس الزمان، كلفظ الزمان واليوم والغد) فإنه مشكل؛ لأن الزمان موضوع لمطلق الزمان، وإما اليوم فمسماه أخص من مطلق الزمان، لأنه موضوع للزمان الذي أنت فيه، بقيد كونه نصف دورة الفلك، فمسمى اليوم يصدق عليه الزمان، لا أنه نفس الزمان، وكذلك الغد اسم لما هو اخص من مطلق الزمان؛ لأنه اسم لليوم الذي بعد يومك بقيد كونه نصف دورة الشمس، وأنه معدوم لم يأت بعد، فهو شيء يصدق عليه الزمان، لا أنه مطلق الزمان.
العاشر: على قوله في الاصطلاح: (إن أحد أجزائه الزمان، ولذلك يتطرق إليه التصريف) فإنه كلام غير معقول، فإنه إن أراد أنه يكون منه فعل، نحو: اصطبح يصطبح، فهذا التصريف لم ينشا عن كون أحد أجزاء مدلوله الزمان؛ لأن كل مصدر نحو الضرب والعلم، ونحوهما تنصرف منها الأفعال، وليس الزمان جزء مدلولها، فلا مدخل لكون الزمان جزء مدلول الاصطباح في التصريف.
فقوله: (ولهذا يتطرق إليه التصريف) لا يعقل، وان أراد بالتصريف غير تصرف الماضي والمستقبل منه، فلا أعرفه.