الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع
في أحكام الترادف والتوكيد
قال الرازي: الألفاظ المترادفة هي: الألفاظ المفردة الدالة على مسمى واحد باعتبار واحد، واحترزنا بقولنا:"المفردة" عن الرسم والحد.
وبقولنا: "باعتبار واحد" عن اللفظتين، إذا دلا على شيء واحد باعتبار صفتين؛ كالصارم والمهند، أو باعتبار الصفة وصفة الصفة؛ كالفصيح والناطق، فإنهما من المتباينة.
واعلم: أن الفرق بين المترادف والمؤكد أن المترادفين يفيدان فائدة واحدة من غير تفاوت أصلا.
وأما المؤكد: فإنه لا يفيد عين فائدة المؤكد، بل يفيد تقويته.
والفرق بينه وبين التابع؛ كقولنا: شيطان ليطان: أن التابع وحده لا فيد، بل شرط كونه مفيدا تقدم الأول عليه.
أما الأحكام ففي مسائل:
المسألة الأولى: في إثبات
ه: من الناس من أنكره، وزعم أن الذي ظن أنه من المترادفات، فهو من المتباينات التي تكون لتباين الصفات، أو لتباين الموصوف مع الصفات.
والكلام معهم: إما في الجواز، وهو معلوم بالضرورة، أو في الوقوع، وهو إما في لغتين، وهو أيضا معلوم بالضرورة، أو في لغة واحدة، وهو مثل الأسد
والليث، والحنطة والقمح، والتعسفات التي يذكرها الاشتقاقيون في دفع ذلك، مما لا يشهد بصحتها عقل ولا نقل، فوجب تركها عليهم.
المسألة الثانية: في الداعي إلى الترادف: الأسماء المترادفة إما أن تحصل من واضع، أو من واضعين:
أما الأول: فيشبه أن يكون هو السبب الأقلى، وفيه سببان:
الأول: التسهيل والإقدار على الفصاحة؛ لأنه قد يمتنع وزن البيت وقافيته مع بعض أسماء الشيء، ويصح مع الاسم الآخر، وربما حصل رعاية السجع والمقلوب والمجنس وسائر أصناف البديع، مع بعض أسماء الشيء دون البعض.
الثاني: التمكين من تأدية المقصود بإحدى العبارتين عند نسيان الأخرى.
وأما الثاني: فيشبه أن يكون هو السبب الأكثرى، وهو اصطلاح إحدى القبلتين على اسم لشيء غير الذي اصطلحت القبيلة الأخرى عليه، ثم اشتهار الوضعين بعد ذلك.
ومن الناس من قال: الأصل عدم الترادف لوجهين:
الأول: أنه يخل بالفهم التام؛ لاحتمال أن يكون المعلوم لكل واحد من المتخاطبين غير الاسم الذي يعلمه، فعند التخاطب لا يعلم كل واحد منهما مراد الآخر، فيحتاج كل واحد منهما إلى حفظ تلك الألفاظ؛ حذرا عن هذا المحذور، فتزداد المشقة.
الثاني: أنه يتضمن تعريف المعرف؛ وهو خلاف الأصل.