الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يأتي بيانه في (المجاز والحقيقة) إن شاء الله تعالى، لأنه [في] موضعه، وعلى هذا التقدير يندرج في مقصودنا.
ونحن لما قسمنا دلالة اللفظ لم نقيده [بالمفرد]، بل عنينا به اللفظ من حيث هو لفظ مفرد [مفردا] كان أو مركبا، فلا يرد المركب، مع أنا لو قيدناه بالمفرد كان ذلك التقييد كتقييدنا الدال باللفظ، فيكون الجواب عنه كالجواب عن الحروف الكتابية.
وعن السابع: أن حروف المعاني اسم لتلك المفردات التي دلت عليها في وضع [اللفظ]، وإنما [النحاة] اصطلحوا على تخصيص لفظ الاسم ببعض موارده الذي هو أشرفها، وبحثنا نحن بحسب الوضع اللغوي فلا ترد الحروف؛ لأنا نلتزمها من جملة مرادنا [للأسماء]، ونحن لم نقسم الاسم، بل اللفظ الذي هو أعم.
البحث السادس
في قوله (من حيث هو جزؤه)
احترز به عن وضع لفظ المسمى لجزئه بالاشتراك، فيصير للفظ المسمى على جزئه دلالتان: دلالة تضمن باعتبار الوضع الأول، ودلالة مطابقة باعتبار الوضع الثاني، وكلامه في هذا التقسيم يجري مجرى الكليات التي لا تختص بالواقع من الوضع، ولا بلغة العرب، بل بما وقع، وكل ما يمكن وقوعه، فكأنه يقول: كلما اعتبر اللفظ بالنسبة إلى بعض مسماه كان تضمنا، فيقال له: على هذا التقدير قد يعتبر اللفظ
بالنسبة إلى بعض مسماه ولا يكون تضمنا، بل مطابقة، وهو الاعتبار الناشئ عن الوضع للجزء، والكلية تبطل بفرد، فيحتاج إلى أن يقول: إنما دل اللفظ على جزء مسماه مطابقة، من حيث كمال المسمى، لا من حيث هو جزؤه.
فأقول: (من حيث هو جزؤه) ليخرج من حيث هو كله، والجماعة يمثلون ذلك بلفظ الإمكان، فإنه موضوع للإمكان العام، والخاص والعام جزء الخاص كما تقدم بيانه في تحديد الحسن والقبح، فهو حينئذ لفظ موضوع للجزء والكل، وفي النفس منه شيء، فلعله ما وضع لذلك، بل [قوله]: إمكان عام لأحدهما، وإمكان خاص للآخر، هذا المجموع هو الموضوع لأحدهما، والمجموع الآخر للمعنى الآخر، فلا اشتراك حينئذ، وأجد أحسن من ذلك للتمثيل لفظ الحرف، فإنه موضوع لكل حرف من الحروف الدالة على المعنى، لجزئه، بل لكل جزء من أجزائه، فإن (ليت) -مثلا- حرف، والحرف الأول منها يسمى جزءا، وكذلك الثاني، والثالث وكذلك (قد) حرف تحقيق، [والأول] منها حرف، والجزء الثاني وهو الدال حرف أيضا، وكذلك القول [في] الالتزام من حيث هو كذلك، غير أن تمثيله أعسر من تمثيل التضمن، فأين لنا لفظ وضع لمعنى وضع مع ذلك للازمه مثلما وضع له ولجزئه؟ وإن كان إمكانه ظاهرا غير أن العسر هو تمثيل الواقع منه، وقد وقع في اللغة [منه] لفظ [مفعل] فإن أئمة اللغة قالوا: هو اسم للزمان والمكان والمصدر، وهو ثلاثة متلازمة في العادة،
فيكون اللفظ موضوعا للشيء ولازمه، فلا فعل إلا في زمان ومكان غالبًا، ويكفي ذلك في صحة الملازمة وصحة التمثيل، وكذلك قول العرب] في [المختار، والمختص،] والمعتد [كل واحد من هذه الألفاظ الثلاثة اسم للفاعل، والمفعول، والمفعول لازم الفاعل عقلًا.
(فائدة وسؤال)
أول من ذكر في الدلالة هذه الحيثية الإمام فخر الدين وتابعه عليها أصحابه من بعده، والمتقدمون اكتفوا بقرينة قولهم: مسمى اللفظ وجزؤه ولازمه؛ فإن قرينة الجزئية واللازمية مشعرة بأنه ليس كمال المسمى، ولا هو المسمى فاكتفوا بذلك، فإن كانت هذه القرائن كافية، فلا حاجه لهذه الحيثيات؛ فإنه حشو خال عن الفائدة، وإن كانت ليست كافية، فيلزم ذكر الحيثية أيضا في دلالة المطابقة، فإن لفظ المسمى كما يجوز أن يوضع لجزئه يجوز أن يوضع له مع غيره، فتصير دلالته عليه حينئذ تضمنًا لا مطابقة، كوضع لفظ العشرة للخمسة عشر، فيصير دالًا على العشرة دلالة المتضمن باعتبار الوضع الثاني، فيحتاج للحيثية في المطابقة، كما احتجنا إليها في الدلالتين الأخريين، وهو سؤال متجه.