الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه لا يفهم أحد من ذلك إلا الصلاة المخصوصة، والإمساك المخصوص، فلو قال بالمجاز لم يكن في ذلك محذور، وما الفرق بين المجاز في هذه اللفظات، وبين سائر الألفاظ التي وقع فيها المجاز، وهى كثيرة جدا؟.
تقرير: إنما سمت المعتزلة أسماء الأفعال بالشرعية؛ لأنها شرائع
، وسمت أسماء الفاعلين دينية؛ لأن الدين له معان أحدها: الطاعة، ومنه قوله تعالى:{وذلك الدين القيمة} ] البينة: 5 [، {إن الدين عند الله الإسلام}] آل عمران: 19 [، وهو المراد هاهنا، والفاعلون هم المطيعون، والطاعة متأتية منهم، بخلاف الأفعال، فلذلك خصصوا الشرعية بالأفعال، والدينية بالفاعلين.
(قاعدة)
اللفظ العجمي إنما كان عجميا؛ لأن واضعه الأول العجم، واستعماله بعد ذلك من العرب لا يبطل ذلك، ولا يحدد له عربية، وكذلك وضع العرب له، فإذا سمت العرب ولدها بإبراهيم وغيره من الألفاظ العجمية، لا تصير تلك الألفاظ عربية بالأوضاع الطارئة بعد ذلك وإن كانت عربية، ومقتضى هذا أن اللفظ لا يكون عربيا إلا لكون واضعه الأول عربيا، وإن وضعه غير العرب بعد ذلك، كوضع الشرع وغيره لا يخرجه ذلك عن كونه عربيا، فظهر حينئذ انحصار أسباب كون اللفظ عربيا، وعجميا في واضعه الأول.
وكذلك أيضا الإفادة لا توصف بكونها عربية ولا عجمية؛ لأن الإفادة هي المفهم من اللفظ لمسماه، والمفهوم في العرب والعجم نشأ عن الطباع البشرية، وذلك لا يغيره كون السامع عربيا أو عجميا، فكما لا يقال: في علم العرب إنه عربي، ولا في علم العجم إنه عجمي، لمعنى تباين النوع، لا لمعنى صحة النسبة للمحل، فكذلك لا يقال في الإفادة: إنها عربية ولا عجمية.
إذا تقرر هذا كان قوله (إن الإفادة لو لم تكن عربية لم يكن القرآن عربيا) كلام بعيد عن الصواب إلا أن يريد بأن الإفادة عربية أنها نشأت عن وضع عربي، فهذا مجاز لا حاجة إليه.
بل فيقول: لأن هذه الألفاظ لو لم تكن عربية؛ لأن واضعها الأول هو العرب لما كان القرآن كله عربيا، واستقام البحث من غير حاجة لوصف المفهوم بوصف لا يقبله إلا على طريق المجاز.
تقرير كلامه في هذا الدليل دائر بين نصرة مذهبه، ومذهب القاضي، ولا يتعين لأحدهما؛ لأن المجاز عن اللفظ اللغوي لا يخرج عن كون اللفظ عربيا، بل لو قيل: هذا الدليل ظاهر في إثبات مذهب القاضي دون مذهبه لم يبعد؛ لأن اللفظ المجازى لا يفيد أصلا، بل المفيد هو المجموع من اللفظ والقرينة.
أما على مذهب القاضي فالمفيد هو اللفظ، هذا إذا جرينا على قوله في الإفادة، ويمكن أن يقال: بل هو ظاهر في مذهبه، وقوله بالمجاز فقط لقوله: لو لم تكن إفادتها لهذه المعاني، وهذه إشارة إلى العبادات بخصوصها، وهذه بخصوصها لم يقل القاضي: إن الألفاظ أفادتها ألبتة، بل اللفظ إنما أفاد المسميات اللغوية، والعمائم التي ضمت المسميات اللغوية بأدلة خارجية.
وقوله:) وفساد اللازم يدل على فساد الملزوم).
تقريره: أنه جعل عدم كون إفادة هذه الألفاظ لغوية ملزوما لعدم كون القرآن عربيا، فالملازمة واقعة بين عدمين، واللازم منفى؛ لأن القرآن عربي عملا بالنص، فينتفي الملزوم، وهو عدم كون إفادة هذه الألفاظ لغوية.