الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيكثر الدم في سطح الجسد، ولذلك يحمر اللون، وتمتلئ العروق، والخجل يطرأ عليه السبب المؤلم فيصفر هربا، ثم يراجع نفسه ويثبت، فيرجع طلبا، فكذلك حالة الخجل مترددة بين الصفرة والحمرة.
(تفريع)
قد يجتمع من الكليات الخمسة عدد في حقيقة واحدة
، فالحيوان جنس باعتبار كونه تمام الجزء المشترك بين الإنسان والفرس، وهو عرض عام؛ لأنه خارج عن فصول أنواعه، وقارن أكثر من وحد منها؛ لأن النوع لما تركب من الجنس والفصل، كأن كل واحد منهما داخلا في النوع، خارجا عن حقيقة صاحبه.
ونوع باعتبار النامي؛ لانقسام النامي إلى الحيوان والنبات، فقد اجتمع في الحيوان ثلاثة من الكليات، والحساس فصل باعتبار الحيوان؛ لأنه فصله عن النبات، وعرض عام باعتبار فصول أنواع الحيوان؛ لأنه جزء الحيوان الخارج عنها، وجزء الخارج خارج، فهو خارج وجد في أكثر من حقيقة واحدة، فيكون عرضا عاما، وهو نوع باعتبار المدرك، فإن المدرك ينقسم إلى مدرك بالعقل، ومدرك بالحس، فهذه ثلاثة أشياء، فالحساس والناطق فصل باعتبار الإنسان؛ لأنه فصله عن البهيم، ونوع باعتبار المدرك؛ لأن الناطق هو المدرك للعلوم بالعقل، والمدرك بالعقل أحد أنواع المدرك، وخاصة باعتبار الحيوان؛ لأنه خارج عنه لما تقدم، ولم يوجد في غيره هو شأن الخاصة، وكذلك سائر فصول الحيوان.
وبهذه الطريقة يمكنك تقرير ما يقع لك من الحقائق.
التقسيم الثاني إلى آخره عليه عشرة أسئلة:
الأول: على قوله: (إن لم يستقل معناه بالمعلومية فهو الحرف).
أقول: ظاهر كلامه يقتضى أن معنى الحرف الذي هو مسماه لا يستقل بإفادة معلوم، وهذا ينفى المعلوم مطلقا كان تصورا أو تصديقا، ونعن نعلم بالضرورة أن معنى (ليت) يحصل في أنفسنا معلوما، وهو تعلق الأمل، وكذلك معنى (حتى) الذي هو الغاية يحصل في أنفسنا معلوما، وهو نهاية الشيء وطرفه، وكذلك جميع الحروف، فيؤدى كلامه إلى أن يخرج جميع الحروف من حد الحرف، هذا إن أراد مطلق المعلوم، كما هو ظاهر لفظه، وإن أراد معلوما تصديقيا، فمسلم أن الحرف لا يفيد ذلك، لكن الفعل والاسم أيضا كذلك لا يفيد واحدا منهما إلا التصور، ولا يفيد تصديقيا ألبتة إلا في ألفاظ يسيرة من الأسماء، نحو لفظ الخبر والكلام والقصة والبيان، ونحوها من الألفاظ التي وضعتها العرب للجملة المفيدة، فإن لفظ الخبر لم تضعه العرب إلا لكلام مفيد، فمعناه يفيد معلوما تصديقيا، وعلى هذا تدخل الأفعال، وغالب الأسماء في حد الحرف، وعلى التقديرين يبطل كلامه، سواء أراد معلوما تصديقيا أو تصويريا، وليس لنا معلوما غيرهما.
الثاني: على قوله: (إن دل على الزمان المعين لمعناه، فهو الفعل).
أقول: والتعيين ظاهر في التشخيص الذي يختص بفرد معين، تكون نسبته للأزمان، كنسبة زيد للأشخاص، وليس لنا فعل وضع يدل على زمان شخصي، بل يدل على النوع دون الشخص؛ فإذن الفعل الماضي يدل على أن الفعل وقع في نوع الزمن الماضي، ولا يعين فردا منه، والمضارع وإن دل على الحال، والحال هو الزمن الفرد الحاضر الذي لا يتعدد، لكنه في أصل الوضع لم يوضع إلا لنوع الحال وزمن الحال يرد نوعه على الوجود فردا بعد فرد، فقد يشخص بالاتفاق لا بأصل الوضع، ثم إن كلامه في مطلق الفعل، فلا يكفي فعل الحال في تصحيح كلامه.
الثالث: سلمنا أن المراد بالمعين ما هو أعم من الشخص والنوع بخصوصه، لكن ذلك يبطل بأمور:
أحدها: الصبوح، فإنه يدل على زمن معين بالنوع لمعناه، وهو أول النهار؛ لأن أئمة اللغة قالوا: الصبوح هو الشرب أو النهار.
وثانيها: الغبوق فإنه اسم للشرب آخر النهار، فقد عين لمعناه زمانا بالنوع.
وثالثها: الغدو وهو اسم للحركة أول النهار.
ورابعها: الرواح فإنه اسم للحركة بعد الزوال، قاله العلماء لغة.
وفى قوله تعالى:} غدوها شهر ورواحها شهر {] سبأ: 12 [.
أي: مسير ريح سليمان عليه السلام في النصف الأول مسيرة شهر، مسيرتها به في النصف الأخير من النهار مسيرة شهر.
وخامسها: المتقدم فإنه يدل على وقوع معناه في الزمن السابق.
وسادسها: المتأخر يدل على وقوع معناه في الزمن اللاحق.
وسابعها: الماضى.
وثامنها: الحال.
وتاسعها: المستقبل، فإن هذه الأسماء الثلاثة تدل على اختصاص معنى، كما في الزمن الماضي، والحال، والمستقبل، فهذه كلها أسماء قد اندرجت في حد الفعل، فيكون غير مانع] فيكون باطلا [.
الرابع: على قوله: (أول لا يدل، وهو الاسم).
يقتضى أن الاسم لا يدل على زمن معين لمعناه، وهو يبطل بالنصوص السبعة المتقدمة في الفعل، فإنها أسماء، وهى تدل، فلا يكون حده جامعا.
وأحسن ما ذكره النحاة في حد الفعل: أنه اللفظ الدال على أحد الأزمنة الثلاثة بصيغته، فقولهم: بـ (صيغته) يخرج تلك النقوض ويعنون بـ (صيغته) كونه على وزن (فعل) أو (يفعل) أو (افعل) أو (لا يفعل)، وتلك النقوض كلها إنما دلت بالحروف والصيغة، لا بالصيغة وحدها.
(تنبيه)
جميع أوضاع العرب وضعت فيها الحروف والصيغة نحو إنسان.
هذه الحروف (تدل كونها على وزن إفعال بكسر الهمزة، إلا الفعل، فإنها وضعت الصيغة للزمان، والحروف للدلالة على المصدر، ويدلك على ذلك أنك إذا جردت الوزن)، فقلت: فعل في نحو ضرب، فهم الزمان بمجرد الوزن، وإذا جردت الوزن في قولك: الماضي والمستقبل، فقلت: الفاعل والمستفعل، لا يفهم الزمان.
فتنبه لهذه الدقيقة، وإن الصيغة وضعت في الأفعال خاصة، وهذا يبطل قول من يقول: الفعل يدل على الزمان تضمنا، بل هو حينئذ مطابقة، فإن الصيغة وحدها للزمان، والحروف وحدها للمصدر، خلافا لمن اعتقد أن المجموع للمجموع.
الخامس: على قوله: إن كان الاسم لجزئي، فإن كان مضمرا، فهو المضمرات، جعل هاهنا الجزئي اسما للمعنى،
وقيل: هذا جعله اسما للفظ، وهذا هو الحقيقة، والأول كان مجازا،
ثم جعل المضمر اسما لجزئي، وهو ليس كذلك، بل مسمى المضمر كلي؛ لأنه لو كان اسما لجزئي لما صدق على شخص آخر إلا بوضع آخر كالعلم، لكن كل متكلم يقول: أنا] ونحن [إلى آخر الدهر من غير احتياج إلى وضع، فدل على أن لفظ (أنا) موضوع لمفهوم المتكلم وكذلك (نحن) و (أنت) وأخواتها لمفهوم المخاطبة، و (هو) وأخواتها لمفهوم الغائب؛ ولأنه لو كان موضوعا لجزئي لما صدق على جزئي آخر إما بطريق المجاز أو الاشتراك.
والأول: باطل، وإلا لافتقر للقرينة، ولصح] سلبه [عن المحل الثاني؛ لأنها من خواص المجاز، وليس كذلك.
والثاني: باطل؛ لأنه يلزم أن يكون اللفظ مشترك بين أمور لا نهاية لها، وهو باطل؛ لأن الوضع فرع التصور؛ ولأنه يلزم أن يكون مجملا؛ لأنه شأن الاشتراك، والمضمرات ليست مجملات.
فإن قلت: لو كان موضوعا لكلي لما دل على الشخص المعين؛ لأن الدال على الأعم غير دال على الأخص، ولما كان أعرف المعارف؛ لأن الكلي يكون دائرا بين أفراده، وهذا هو كالنكرة؛ لأنها دائرة بين أفراد ذلك الجنس، لكن النحاة جعلوه أعرف المعارف.
قلت: الجواب عن الأول: أن دلالة اللفظ على الجزئي لها سببان:
وضع اللفظ بإزائه، فيدل عليه الوضع لوضعه بإزائه، والثاني أن يوضع