الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل فيه، ثم يقولون: إذا ثبت في هذا البعض بهذا الدليل، وجب أن يثبت في الباقي؛ لأنه لا قائل بالفرق، ويسمون الباقي بناء، والأول فرضا، فنقول هاهنا كذلك، غير أن مجرد ما اعتمد عليه لا يكفي حتى يضم إليه هذه المقدمة، وهي قوله: لا قائل بالفرق.
تنبيه))
قال شرف الدين بن التلمساني في (شرح المعالم): تمثيل الإمام لهذه المسألة بلفظ الطلاق لا يتجه
، فإنه لا خلاف أنه يحمل على المجاز الراجح، وإنما الخلاف في هذه المسألة، إذا ساوى المجاز الحقيقة كأن يمثله بلفظ النكاح، فإنه حقيقة في الوطء، وهو مجاز في العقد، وقد ساواه ووافقه على تخطئة الإمام بعض أهل العصر، وتخطئتهم له خطأ.
وبيانه: أن هذه المسألة هي للحنفية فإنها بين أبي حنيفة، وأبي يوسف، والحنفية أخبر بمذهبهم من غيرهم، وقد سألت أعيانهم ومشايخهم كصدر الدين قاضي القضاة، ومجد الدين بن العديم قاضي القضاة، وغيرهما، فكلهم يخبر بما أنا ذاكره لك، ورأيته في كتبهم، وهو أن الحقيقة متى ساوت المجاز الراجح، فلا خلاف بين أبي حنيفة، وأبي يوسف أن الحقيقة مقدمة، ومتى كان المجاز أرجح من الحقيقة فله حالتان:
تارة تأتي الحقيقة بحيث لا يستعمل اللفظ فيها ألبتة، ولا على وجه الندرة، فلا خلاف بينهما أن المجاز الراجح مقدم، ومتى كان اللفظ مستعملا في الحقيقة، ولو على وجه الندرة، فهو موضع الخلاف بينهما، وذكروا، لذلك فروعا أنا ذاكرها إن شاء الله تعالى، وهذا عين ما قاله الإمام، وعكس ما قاله هؤلاء الرادون عليه.
أما الفروع فقالوا: إذا حلف لا يشرب من النهر، فهذا في العرف قد رجح في الشرب منه بآلة، وأصل الوضع لا يقتضي ذلك، وهذه الحقيقة لم تترك
بالكلية؛ لأن بعض الرعاة. وغيرهم قد يكرع بعمه من النهر، فعند أبي حنيفة إن شرب بفمه حنث، وإلا فلا؛ لأنه الحقيقة، وعند أبي يوسف بالآلة حنث، وإلا فلا، وكذلك إذا حلف ليشربن من النهر، يتخرج على ذلك، وإذا حلف لا يأكل من هذه النخلة اتفقا هاهنا على أنه لا يحنث إلا بأكله من ثمرها؛ لأن الخشب لا يؤكل، ولا على الندرة، فهي حقيقة أميتت، وكذلك إذا حلف ليأكلن هذه الحنطة لا يبر بأكلها نيئة؛ لأنه حقيقة أميتت، بل لابد من القلى أو تغييرها بوجه تؤكل فيه عادةً، وجعل الحقيقة من الحقائق التي أميتت الطلاق، فإنه لمطلق القيد
تقول: وجه طلق. بالفتح في الطاء- وحلال طلق- بكسرها-، وانطلقت بطنه، وانطلق من الحبس، ومع ذلك لم يفهم منه إلا المجاز الراجح، الذي هو إزالة القيد الخاص الذي هو ملك النكاح، وجعله الإمام في (المعالم).
مثال المسألة، فيكون السؤال عليه في التمثيل لا في دعواه، ولعل لفظ الطلاق لم تمت حقيقته في زمانه، أو في بلده، فلذلك مثل به المسألة، فاندفع عنه الإشكال مطلقا، لاسيما وقد نقل عن الشافعي- رحمه الله أنه قال: إذا قال لأمته (أنت طالق)، وأراد إزالة قيد الملك لا تعتق إلا بالنية؛ لأنه حقيقة مرجوحة
ومذهب مالك أنه إذا قال (أنت طالق)، وأراد من وثاق، أو طلق الولد قبلت نيته في الفتيا من غير قرينة، وفي القضاء مع القرينة، وهذه الفروع كلها من العلماء تدل على أن اللفظ بصدد الاستعمال في الحقيقة المرجوحة.