الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الثاني: فينقسم إلى ما هو مقتضى ثبوته في نفسه، وإلى ما هو مقتضى الوفاء بحكمته.
أما الأول: فقد يكون شرطا شرعيا كالملك إذا قال: اعتق عبدك عني، أو جنسا كإمساك جزء من الليل، أو غسل جزء من الرأس، وقد يكون سببا كفهم نجاسة الماء القليل بمجرد وقوع النجاسة فيه من قوله عليه السلام:(فلا يغمس يده في الإناء)، وقد يكون انتفاء ما ينافيه من ضد وغيره، كفهم صحة صوم من أصبح جنبا من آية المباشرة.
وأما الثاني فقد يكون مقتضى الوفاء بأصل الحكمة، ويقتضي الوفاء بحكمة التخصيص.
فأما الأول: فهو مفهوم الموافقة، ويسمى فحوى الخطاب ولحنه.
وأما الثاني: فهو مفهوم المخالفة، ويسمى دليل الخطاب.
والقسم الأول من أصل التقسيم، ومن القسم الثاني يسمى دلالة الضرورة والاقتضاء.
(تقرير)
قوله: (عند من لم يثبت الأسامي الشرعية)
.
معناه: أن من أثبتها لا يحتاج في التصديق، وفي النفي لإضمار شيء؛ لأن المسمى الشرعي حينئذ يكون منفيا.
أما من لم يثبتها، ولم يبق إلا المسمى اللغوي، وهو أصل الإمساك، وهو واقع بالضرورة، فلا يحصل الصدق في الإخبار عن نفيه إلا بنفي أمر آخر.
وقوله: إن من هذا القبيل قوله [تعالى]: {حرمت عليكم أمهاتكم
[وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم، وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما} [النساء: 23].
وقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} [المائدة: 3] عند أهل الحق، فمنطوقه صحيح، وأما مفهومه أن غير أهل الحق يخالفون.
فما تلخص لي أن العقلاء مجمعون على أن التحريم لا يتعلق بالأعيان، من باب تكليف ما لا يطاق.
وأما المعتزلة فيمنعون ذلك بناء على منع تكليف مالا يطاق.
قوله: (وحاصله يرجع إلى صرف اللفظ عن مقتضى الوضع إلى ما هو مجاز).
فيه كلام مشكل؛ لأنه إن أراد مجاز المفردات، فغير مسلم؛ لأن التحريم باق في التحريم، والميتة في الميتة، وإن أراد مجاز المركبات، ففيه بحثان:
البحث الأول:
أن العرب هل وضعت المركبات أم لا؟ قولان، فعلى عدم الوضع لا مجاز ولا حقيقة، فإن المهمل لا يدخله مجاز ولا حقيقة؛ لوقوع الاتفاق على اشتراط الاستعمال في الموضوع في الحقيق، وفي غير الموضوع في المجاز، وكلاهما فرع الوضع.
البحث الثاني:
إن سلمنا أن العرب وضعت المركبات، وهو الصحيح، فهاهنا بحث دقيق، وهو أن المضاف للمحذوف هل هو سبب للتجوز، أو محل التجوز؟
فظاهر كلام الإمام في مواضيع في (المحصول) أنه سبب التجوز.
وكلام غيره من أرباب علم البيان أنه محل التجوز.
وتحرير المذهبين: أن الإمام [الرازي] يقول: الأصل في المنصوب أن يكون هو المفعول لغة، وهذا هو الحقيقة، فإذا أضمرنا مضافا محذوفا، فقد صيرناه المفعول، وأبطلنا الحقيقة، فصار المضاف سبب التجوز.
وغيره يقول: إنما وضعت العرب اللفظ على وفق الحكمة، فوضعت لفظ السؤال ليتركب مع لفظ من يصلح للإجابة، ولفظ التحريم ليركب مع لفظ ما يقبل الكسب والاختيار؛ لأنه المناسب للحكمة، فإذا ركبنا لفظ السؤال مع القرية، والتحريم مع الميتة، فقد خالفنا أصل الوضع، فيكون المجاز حاصلا في المنصوب الذي هو القرية والميتة، والمتجوز عنه هو الأهل في القرية، والأكل في الميتة، فالمحذوف محل التجوز أي محل المتجوز عنه، فإذا وضح لك الطريقان، فكلام التبريزي يأتي على طريق الإمام فخر الدين أن المضاف سبب التجوز، فتفطن لهذا الموضع فهو عزيز.
وقوله: (أهل العلم لقبوا هذا القسم بلقب).
يريد أنهم لقبوه بدلالة الاقتضاء.
وقوله: (لاقتران القرينة بجنسه)، يعني: أن دلالة الالتزام فيه مطردة، مع أن دلالة الالتزام ليست مجازا على ما علمت، لكنه مشى على قاعدة الإمام في التباسهما عليه.