الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: في أنه، هل تجب صحة إقامة كل واحد من المترادفين مقام الآخر أم لا
؟
الأظهر في أول النظر ذلك؛ لأن المترادفين لابد وأن يفيد كل واحد منهما عين فائدة الآخر، فالمعنى لما صح أن يضم إلى معنى حينما يكون مدلولا لأحد اللفظين، لابد وأن يبقى بتلك الصفة حال كونه مدلولا للفظ الثاني؛ لأن صحة الضم من عوارض المعاني، لا من عوارض الألفاظ.
والحق أن ذلك غير واجب؛ لأن صحة الضم قد تكون من عوارض الألفاظ؛ لأن المعنى الذي يعبر عنه في العربية بلفظ "من" يعبر عنه في الفارسية بلفظ آخر، فإذا قلت: خرجت من الدار، استقام الكلام؛ ولو أبدلت صيغة "من" وحدها بمرادفها من الفارسية، لم يجز.
فهذا الامتناع ما جاء من قبل المعاني، بل من قبل الألفاظ، وإذا عقل ذلك في لغتين، فلم لا يجوز مثله في لغة واحدة؟.
المسألة الرابعة: إذا كان أحد المترادفين أظهر، كان الجلي بالنسبة إلى الخفي شرحا له
، وربما انعكس الأمر بالنسبة إلى قوم آخرين.
وزعم كثير من المتكلمين أنه لا معنى للحد إلا ذلك؛ فقالوا: الحد تبديل لفظ خفي بلفظ أوضح منه؛ تفهيما للسائل، وليس الأمر كما ذكروه على الإطلاق، بل الماهية المفردة، إذا حاولنا تعريفها بدلالة المطابقة، لم يكن إلا على الوجه الذي ذكروه.
المسألة الخامسة: في التأكيد وأحكامه
، وفيه أبحاث:
الأول: التأكيد هو: اللفظ الموضوع لتقوية ما يفهم من لفظ آخر.
الثاني: الشيء إما أن يؤكد بنفسه أو بغيره، فالأول: كقوله عليه الصلاة والسلام: "والله، لأغزون قريشا، والله، لأغزون قريشا، والله، لأغزون قريشا".
والثاني على ثلاثة أقسام:
فإن لفظة التأكيد إما أن يختص بها المفرد، وهو لفظ النفس والعين؛ أو المثنى، وهو كلا وكلتا، أو الجمع، وهو أجمعون أكتعون أبصعون والكلن وهو أم الباب، وقد يكون داخلا على الجمل مقدما عليها؛ كصيغة "إن" وما يجري مجراها.
الثالث: في حسن استعماله، والخلاف فيه مع الملاحدة الطاعنين في القرآن. والنزاع إما أن يقع في جوازه عقلا، أو في وقوعه.
أما الجواز، فهو معلوم بالضرورة؛ لأن التأكيد يدل على شدة اهتمام القائل بذلك الكلام.
وأما الوقوع، فاستقراء اللغات بأسرها يدل عليه.
واعلم: أن التأكيد، وإن كان حسنا، إلا أنه متى أمكن حمل الكلام على فائدة زائدة، وجب صرفه إليها.
الرابع: في فوائد التأكيد؛ وسيأتي - إن شاء الله تعالى - ذكرها في باب العموم عند استدلال الواقفية بحسن التأكيد على الاشتراك، والله أعلم.
قال القرافي: وتقرير قوله: والألفاظ المترادفة هي توالي الألفاظ المفردة