الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فائدة)
قال سيف الدين: احتج مشترط السماع بأنه لولا اشتراطه لسمى الصيد شبكة
، وغير الإنسان نخلة، والثمرة شجرة، وظل الحائط حائطا، والابن أبا، لما بين هذه المواطن من العلاقات، وليس كذلك.
ثم قال: ولقائل أن يقول: جاز أن تكون العلاقة كافية ما لم يمنع مانع من أهل اللغة، وها هنا منعوا، فيجوز في غيره بمجرد العلاقة.
(المسألة السادسة: في أن المجاز المركب عقلي)
هذه المسألة مبنية على قاعدة، وهي: أن العرب لما وضعت المفردات هل وضعت المركبات؟
في ذلك قولان لأرباب علم البيان، والصحيح أنها وضعت المركبات، كما وضعت المفردات.
احتج المانع بأنا قول: مات زيد، فيكون كلاما عربيا، مع أن العرب لم تعرف زيدا حتى تركب الفعل أو غيره معه، وكذلك التركيب مع سائر الحقائق المجهولة للعرب، يكون التركيب معها كلاما عربيا، مع أنها لم تعرفها حتى تضع التركيب معها، بل وضعت المفردات، وجرت في تركيبها مع ما علمته العرب، ومع ما لم تعلمه، فلا جرم كان كل مركب من هذا النوع عربيا، باعتبار مفرداته، دون مركبه.
وجوابه: أن القائل بالوضع إنما ادعى الوضع للنوع دون الشخص، فوضع نوع الفاعل، والمفعول، ونوع (أن (، واسمها، وخبرها، ونوع المبتدأ والخبر، وكذلك بقية أنواع كلام العرب، فاندفع الإشكال.
واحتج المثبتون بأن العرب لما قالت في المفردات: إنسان على وزن إفعال- بكسر الهمزة- من كلامنا،-وبضمها وفتحها- ليس من كلامنا فحجروا، وأطلقوا.
كذلك قالوا: إن زيدا قائم من كلامنا، وقائم إن زيدا ليس من كلامنا، وإن قائما زيدا ليس من كلامنا، وفي الدار رجل من كلامنا، ورجل في الدار ليس من كلامنا، ورب رجل من كلامنا، ورب زيد ليس من كلامنا، فحجرت، وأطلقت في المركبات، كما حجرت وأطلقت في المفردات، ولا نعني بالوضع إلا ذلك.
إذا تقررت القاعدة فمن قال بأن العرب وضعت المركبات، قال بأنها وضعت كل لفظ ليركب مع ما يناسبه، فيركب لفظ السؤال مع لفظ من يصلح للإجابة، ولفظ الأكل مع الأغذية، والشرب مع الأشربة، فمتى وقع التركيب هكذا، فهو حقيقة لغوية، وإن ركب لفظ الأكل مع المائعات، فيقال: أكلت الماء، أو شربت الخبز، أو ركبت الشدائد، أو اتسعت أخلاقه، أو ضاقت أخلاقه، فهو مجاز لغوي في التركيب، وقد يصحبه المجاز في المفردات، وقد لا يصحبه.
والقائل بأن العرب لم تضع المفردات يقول: المركبات مهملة، والمهمل لا يوصف بكونه حقيقة ولا مجازا لاشتراطه الوضع في الجميع، فالحقيقة: اللفظة المستعملة في موضعها، والمجاز هو: المستعمل في غير موضعه، فاشترطا الوضع في الحقيقة والمجاز، فحيث لا وضع لا حقيقة ولا مجاز، وكما إذا أطلقنا لفظ خنفشار، وأردنا به الحصير، لا يقال: هو حقيقة فيه، ولا مجاز، فيقول هذا القائل بعدم الوضع إذا سمع قوله تعالى (وأخرجت الأرض أثقالها)] الزلزلة: 2 [، (مما تنبت الأرض)] البقرة: 61 [ليس للغة ها هنا مدخل لعدم الوضع، فلم يبق إلا تصرف العقل.