الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنما يستتبع مسمى اسم الجنس لا لفظه عملا بالجنس، فإن الناطق بلفظ الفعل لم ينطق بلفظ المصدر، فالفعل يستلزم معنى المصدر لا لفظه، والمجاز إنما هو من عوارض اللفظ دون المعنى، فهذا هو الفرق بين المجاز، وبين ما ذكرتموه من النظائر.
(سؤال)
قال النقشواني: قوله: إن الحرف لا يدخله المجاز لعدم استقلاله بالإفادة
.
يلزمه ألا تدخله الحقيقة، فإنه إذا لم يستقل بإفادة معنى لا يكون حقيقة فيه، فيلزم من عدم المجاز عدم الحقيقة، مع أنه قد صرح في الباب الثامن بمعاني الحروف، فتكون حقائق فيها، ومجازات في غيرها بالذات.
(سؤال)
قال النقشواني: (لم لا يجوز أن ينضم الحرف لما لا ينبغي ضمه إليه، ويكون مجازا في الإفراد مع كونه مجازا في التركيب؟).
(سؤال)
قال: قوله: لا يدخل في المشتق إلا بواسطة دخوله في المشتق منه، ينتقض بقوله: إن إطلاق المشتق بعد زوال المشتق منه مجاز، فقد دخله المجاز بالذات كما قال هناك.
(سؤال)
بقى عليه علم الجنس لم يذكره، فإنه غير اسم الجنس، وغير الأعلام، والمشتقات، والحروف
، وقد تقدم تقريره عند تقسيمات الألفاظ.
(تنبيه)
زاد التبريزي فقال: لا يدخل المجاز في العلم؛ لأن كل مسمى فاسمه
حقيقة فيه، إذا نظرنا إلى الحد المذكور، ويدخل متأصلا في المشتق، وصيغة الفعل والحرف، كما تسمى المريد للسفر: مسافرا، وللحج: حاجا.
وأما الفعل فتقول: مات فلان، وسافر، ووصل، و {أتى أمر الله}] النحل: 1 [، و {إذا وقعت الواقعة}] الواقعة: 1 [، إذا لم يبق تردد في أنه يقع، مع تقرر اسم المصدر، وأما الحرف، و (الواو) إذا استعملت بمعنى (أو)، و (الفاء) لمجرد العطف، و (من) بمعنى (في)، فإنه مجاز بالتأصل كالأسماء.
قال: فإن قيل: قد ذكرتم أن العلم لا يدخله المجاز، وهو ينتقض بقولكم: أبو يوسف أبو حنيفة، ونحوه إذا وقعت المشابهة بينهما في المعنى الذي يختص بأحدهما:
قال: والجواب من وجهين:
أحدهما: أنه لابد من إخراج هذه الأعلام عن العملية لتصلح للاستعارة؛ لأنها إنما وضعت لتعريف الذات بما هي عين تلك الذات، من غير اعتبار صفة نفسية أو معنوية، فأبو حنيفة يتناول الشخص المسمى به حالة كمال علمه، كما كان يتناول وهو رضيع، وبهذا الاعتبار لو قضيت على شخص بأنه أبو حنيفة لم يفد صفة بأصل العلم فضلا عن كماله، فإذا لابد أن يجعل اسما للمعين بما هو عليه من الوصف المشهور به، فيصير عبارة عن ذات هي كذا، فتبطل العلمية عنه، ويلحق بأسماء الأجناس، فعند ذلك يصلح للاستعارة في كمال العلم.
وثانيهما: أن اسم العلم إذا لم يفد إلا العين كما تقدم، فهو بمثابة الإشارة بان هذا ذاك، فإذا لم يكن كذلك بقرينة الحس، فهو مجاز عقلي؛ لأنه حكم باتحاد العين لأجل اتحاد الصفة، وليس فيه مخالفة وضع في استعمال
هذا وذاك، فكذلك في اسم العلم، فإنه أريد به نفس موضوعه الأصلي، ولأن اختصاصه بمحل الوضع وليس تقتضيه اللغة، ولا تبينه على المشاركة في صفة يقتضيه وضع المسمى، ولابد للمجاز من ظهور في محل الاستعمال أولا واحتمال لمحل الاستعمال ثانيا، بالإضافة إلى الإشعار اللغوي.
قال: وهذا من لطائف المباحث.
قلت: والجواب عن كلامه:
أما الوجه الأول: فقوله: (إن العلم إنما وضع لتلك الذات مع قطع النظر عن الصفة) - فمسلم، ولكن قوله:(ولابد وأن يجعل في ثاني حال عبارة عن ذات هو كذا، فتبطل العلمية عنه).
قلنا: إن أراد أن اللفظ ينتقل عن الذات، ويصير اسما للمجموع المركب من الذات والصفة فممنوع، ولا ضرورة لذلك، والأصل عدم النقل، ويدل على ذلك أن الصفة قد تذهب، ولا يتغير ذلك الاسم، ولا يحتاج لنقل آخر لنفس الذات، ولا يصير اللفظ مجازا في تلك الذات بعد ذهاب الصفة، بل كل صفة تطرأ ويشتهر بها المحل أمكننا أن نقول لكل من شارك في تلك الصفة: إنه زيد، فنقول: عمر زيد، إذا اشتركا في السمن، وإن كان السمن قد يعقبه الهزال، والأسماء في أنفسها لا تتغير.
وإن أراد أن الاسم وضع لنفس الذات، ثم اتفق أن تلك الذات حدث لها أمر صارت مشهورة به، فصار لازما لتلك الذات، والاسم موضوع للملزوم دون اللازم، فنقول نحن في الذات الأخرى: إنها منزلة منزلة الذات الأولى ونستعير لها لفظا؛ لأن لازمها أشبه لازم الأخرى، فهذا حق، وليس فيه نقل الاسم عن عين الذات مع الصفة، بل التعبير بلفظ الذات عن ذات أخرى حصل لها مثل تلك الصفة العارضة للذات الأولى، وهذا لا يخرج اللفظ الأول عن علميته، ولا يبطل المجاز فيه لاندراجه في حد المجاز،
وهو استعمال اللفظ في غير وضع له، فإن وضع لذات فاستعمل في غيرها، فلفظ الخبر أبدا هو المجاز.
فإذا قلنا: أبو يوسف أبو حنيفة، فأبو حنيفة هو المجاز؛ لأنه استعمل في أبي يوسف، ولم يوضع له، وكذلك زيد زهير شعرا، وحاتم جودا، المجاز في زهير، وحاتم، ولو صح قوله: إنه صار اسم جنس لكان نكرة، وصح نعته بالنكرات، واتفق النحاة على أنه لا ينعت بالنكرات، ولذلك اتفقوا على أنه لا تدخله الألف ولام التعريف، ولو كان اسم جنس لعرف باللام، اتفقوا على عدم صحة إضافته، وهو في هذه الحالة، ولو كان اسم جنس لصحت إضافته، فظهر أنه لا نقل، وإنما استعرنا لفظ إحدى الذاتين لأجل ما عرض لها للذات الأخرى، كأنا قلنا: هذا الاسم عرض لمسماه، مثل ما عرض لمسمى ذلك الاسم مع بقاء الاسمين على ما وضعا له.
وقوله: (إذا كان العلم لا يفيد إلا اسم العين، فهو بمثابة الإشارة بأن هذا ذاك، فإذا لم يكن بقرينة الحس فهو مجاز عقلي).
معناه: أن لفظ أحد العلمين لم يوضع ليركب مع هذا العلم، فلما ركب معه كان مجازا عقليا، مع أن النحاة يقولون: تقديره أنه منزل منزلته، وإذا تقرر أنه مجاز عقلي فهو كونه مجازا في الإفراد.
وأما قوله: (ليس في مخالفة وضع في استعمال هذا وذاك).
قلنا: لا نسلم بل خولف الوضع؛ فإن زهيرا وضع ليعبر به عن مسمى مخصوص عبر به عن غيره، وهو زيد.
قوله: (ولابد للمجاز من ظهور في محل الاستعمال أولا، واحتماله لمحل الاستعمال ثانيا).