الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخارجي، بقيد التشخص الخارجي، فهذا تحرير الفرقين بين المعاني الثلاثة فتأمله.
فإذا قلت: إذا كان مسمى علم الجنس صورة ذهنية مشخصة، فكيف انطبقت على ما لا يتناهى من الجزئيات؛ فإن الجزئي لا ينطبق على كثيرين بالضرورة.
قلت: هذه الصورة الجزئية لما أخذت في الذهن أخذت بقيد كونها المشترك بين تلك الأشخاص الكثيرة، فلذلك انطبق عليها كل مشترك بين أشياء ينطبق عليها، فكانت هذه الصورة كلية من هذا الوجه، وجزئية من حيث أخذها بقيد الشخص.
(تنبيه)
ينبغي أن يتفطن لهذه المباحث لمعنى قول النحاة: إن أجمع وجمعاء وغدوة وبكرة إذا قصد بها زمن معين أنها معارف مع صدقها على ما لا يتناهى، من ذلك النوع أن الواضع وضع لتلك الحقائق بقيد التشخص الذهني، فهي أعلام أجناس، فلذلك امتنع صرفها، وإلا إذا قيل لك: كيف تصير النكرة معرفة بالقصد؟ مع أنه لا يكاد يطلق يقول: رأيت رجلا، أو اشتريت عبدا، أو أنفقت مالأ، ونحو ذلك إلا ويريد في نفسه معنى من ذلك الجنس واللفظ نكرة إجماعا، فكيف صارت غدوة وبكرة معرفة في اللفظ بمجرد القصد، فلا جواب إلا أن يرجع إلى المباحث المتقدمة.
فنقول:
العرب وضعت لفظ نكرة وضعين:
أحدهما: لمطلق نكرة، فهذا اسم جنس نكرة.
والوضع الثاني: لنكرة بقيد تشخصها بزمان معين في مطلق ذلك التعين، وأخذت معه الشخص الذهني، فكان هذا الوضع علم جنس، فإنها لو اقتصرت على تعين النكرة الذي هو قدر مشترك بين سائر المعينات كان نكرة أيضا: لأن إضافة الكلى يحصل المجموع كليا، فيصير نكرة.
قلنا: ولو حصل من القيود ألف قيد، ألا ترى أن لفظ إنسان نكرة مع أنه جسم كما تقدم نام حي حساس ناطق، ولم تخرجه كثرة القيود عن التنكير، فحينئذ لا بد من الشخص الذهني فيندفع الإشكال.
وكذلك في جمع وجمعاء وسحر إذا أريد به يوم معين، وكذلك سموا الشيح (شيحان) والميرة بيرة، والفجور تفجار وفى الأعداد ستة ضعف ثلاثة وثمانية ضعف أربعة، وأربعة نصف ثمانية، والأوزان التي يوزن بها، فيقولون: سكران فعلان، وطلحة فعلة، وأفضل أفعل، فيمنعون الصرف للعلمية مع سبب آخر مع صدق هذه المثل كليا على ما لا يتناهي، ومن لم يفهم المباحث السابقة لم يفهم هذه المواضع في كلام العرب.
فإن قلت: إذا قلتم: إن علم الجنس في هذه الأمثلة كلها وضع الصورة المتشخصة في الذهن، فكيف صدقت تلك الصورة المتشخصة على جميع الصور الخارجية؟ وإنما تصدق من حيث عمومها، لا من حيث خصوصها.
قلت: بل تصدق من حيث الخصوص أيضا لابد إذا تصورت في ذهنك صورة الأسد، فهذه الصورة خاصة، وأنت تجدها في نفسك تنطبق من حيث هي على كل أسد، كما إذا انطبع في مرآة صورة شجرة، فأنت تجدها تنطبق على كل شجرة من ذلك النوع، وذلك الشكل، وإن كان عددا غير متناه، وكذلك إذا صورتها في حائط تجدها تنطبق على ما لا يتناهى من ذلك النوع، وذلك الشكل، فكذلك إذا كانت الصورة، فتأمل ذلك، ولذلك إذا أخذت مقدارا من الماء في الخارج، فإنك تجده ينطبق على كل مقدار من الماء من ذلك النوع.
(التقسيم الثالث: .... إلى قوله: وأما المركب).
(تنبيه)
اعلم أن المتواطئ هو اللفظ الموضوع لمعنى كلى مستو في محاله،