الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ مَن رأى قِسمَةَ الأراضِي المَغنومَةِ ومَن لَم يَرَها
18430 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ وأبو بكرٍ أحمدُ بن الحَسَنِ القاضي قالا: حدثنا أبو العباسِ محمد بن يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بن إسحاقَ، أخبرَنا مُعاويَةُ بن عمرو، عن أبي إسحاقَ الفَزارِيّ، عن مالكِ بنِ أنَسٍ قال: حَدَّثَنِي ثَورٌ قال: حَدَّثَنِي سالِمٌ مَولَى ابنِ مُطيعٍ أنَّه سَمِعَ أبا هريرةَ يقولُ: افتَتَحنا خَيبَرَ فلَم نَغنَمْ ذَهَبًا ولا فِضَّةً، إنَّما غَنِمنا الإبِلَ والبَقَرَ والمَتاعَ والحَوائطَ، ثُمَّ انصرَفنا مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى وادِي القُرَى ومَعَه عبدٌ له يُقالُ له: مِدعَمٌ، وهَبَه له أحَدُ بَنِي الضِّباب، فبَينَما هو يحُطُّ رَحلَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذ جاءَه سَهمٌ عائرٌ حَتَّى أصابَ ذَلِكَ العَبدَ، فقالَ النّاسُ: هَنيئًا له الشَّهادةُ. فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بَل والَّذِي نَفسِي بيَدِه، إنَّ الشَّمْلَةَ التي أصابَها يَومَ خَيبَرَ مِنَ المَغانِمِ لَم تُصِبْها المَقاسِمُ لَتَشتَعِلُ عليه نارًا". فجاءَ رَجلٌ حينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بشِراكٍ أو بشِراكَينِ فقالَ: هذا شَئٌ كُنتُ أصَبتُه. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "شِراكٌ - أو: شِراكانِ - مِن نارٍ"
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن عبد الله بنِ محمدٍ عن مُعاويَةَ بنِ عمرٍو
(2)
.
18431 -
أخبرَنا أبو الحَسَنِ عليُّ بن محمدٍ المُقرِئُ، أخبرَنا الحَسَنُ بن
(1)
تقدم في (18253).
(2)
البخاري (4234).
محمدِ بنِ إسحاقَ، حدثنا يوسُفُ بن يَعقوبَ القاضِي، حدثنا عبدُ الواحِدِ بن غِياثٍ، حدثنا حَمّادُ بن سلمةَ، أخبرَنا عُبَيدُ الله بن عُمَرَ - فيما يَحسِبُ أبو سلَمةَ - عن نافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قاتَلَ أهلَ خَيبَرَ حَتَّى أَلجأهُم إلَى قَصرِهِم، فغَلَبَ على الأرضِ والزَّرعِ والنَّخل، فصالَحوه على أن يُجلَوا مِنها ولَهُم ما حَمَلَت رِكابُهُم، ولِرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفراءُ والبَيضاءُ، ويَخرُجونَ مِنها، واشتَرَطَ عَلَيهِم ألا يَكتُموا ولا يُغَيِّبوا شَيئًا، فإِن فعَلوا فلا ذِمَّةَ لَهُم ولا عَهدَ، فغَيَّبوا مَسْكًا
(1)
فيه مالٌ وحُلِيٌّ لِحُيَيِّ بنِ أخطَبَ كان احتَمَلَه مَعَه إلَى خَيبَرَ حينَ أُجليَتِ النَّضيرُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّ حُيَيٍّ:"ما فعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الذِي جاءَ به مِنَ النَّضيرِ؟ ". فقالَ: أذهَبَته النَّفَقاتُ والحُروبُ. فقالَ: "العَهدُ قريبٌ، والمالُ أكثرُ مِن ذَلِكَ". فدَفَعَه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الزبيرِ فمَسَّه بعَذابٍ، وقَد كان حُيَيٌّ قبلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرِبَةً فقالَ: قَد رأيتُ حُييًّا يَطوفُ في خَرِبَةٍ ها هنا. فذَهَبوا فطافُوا فوَجَدُوا المَسكَ في الخَرِبَة، فقَتَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
ابني حُقَيقٍ - وأَحَدُهُما زَوجُ صَفيَّةَ بنتِ حُييِّ بنِ أخطَبَ - وسَبَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نِساءَهُم وذَراريَّهُم، وقَسَمَ أموالَهُم بالنَّكثِ الَّذِي نكَثوا، وأَرادَ أن يُجلِيَهُم مِنها فقالوا: يا محمدُ، دَعنا نكونُ في هذه الأرضِ نُصلِحُها ونَقومُ عَلَيها. ولَم يَكُنْ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابِه غِلمانٌ يَقومونَ عَلَيها، وكانوا لا يَفرُغونَ أن يَقوموا عَلَيها، فأَعطاهُم خَيبَرَ على أنَّ لَهُمُ الشَّطرَ مِن كُلِّ زَرعٍ ونَخلٍ وشَئٍ ما بَدا لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانَ عبدُ الله بن رَواحَةَ يأتيهِم كُل عامٍ فيَخرُصُها عَلَيهِم
(1)
المَسْك: الجلد. تاج العروس 27/ 331 (م س ك).
ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطرَ
(1)
، فشَكَوا إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خَرصِه، وأَرادوا أن يَرشُوه، فقالَ: يا أعداءَ اللهِ تُطعِمونِي السُّحتَ، واللهِ لَقَد جِئتُكُم مِن عِندِ أحَبِّ النّاسِ إلَيَّ، ولأنتُم أبغَضُ إلَيَّ مِن عِدَّتِكُم مِنَ القِرَدَةِ والخَنازير، ولا يَحمِلُنِي بُغضِي إيّاكُم وحُبِّي إيّاه على ألا أعدِلَ بَينَكُم. فقالوا: بهَذا قامَتِ السَّماواتُ والأرضُ. قال: ورأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعَينِ صَفيَّةَ خُضرَةً فقالَ: "يا صَفيَّةُ ما هذه الخُضرَةُ؟ ". فقالَت: كان رأسِي في حَجْرِ ابنِ حُقَيقٍ وأَنا نائمَةٌ، فرأيتُ كأنَّ قَمَرًا وقَعَ في حَجرِي، فأَخبَرتُه بذَلِكَ فلَطَمَنِي وقالَ: تَمَنّينَ مَلِكَ يَثرِبَ. قالَت: وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن أبغَضِ النّاسِ إلَيَّ؛ قَتَلَ زَوجِي وأَبِي، فما زالَ يَعتَذِرُ إلَيَّ ويَقولُ:"إن أباكِ ألَّبَ عليَّ العَرَبَ، وفَعَلَ وفَعَلَ". حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِن نَفسِي، وكانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعطِي كُلَّ امرأةٍ مِن نِسائِه ثَمانينَ وَسْقًا مِن تَمرٍ كُلَّ عامٍ وعِشرينَ وَسْقًا مِن شَعيرٍ، فلَمّا كان زَمَنُ عُمَرَ بنِ الخطابِ غَشُّوا المُسلِمينَ، وأَلقَوا ابنَ عُمَرَ مِن فوقِ بَيتٍ ففَدَعوا
(2)
يَدَيه، فقالَ عُمَرُ بن الخطابِ: مَن كان له سَهمٌ مِن خَيبَرَ فليَحضُرْ حَتَّى نَقسِمَها بَينَهُم. فقَسَمَها بَينَهُم، فقالَ رَئيسُهُم: لا تُخرِجْنا، دَعنا نكونُ فيها كما أقَرَّنا رسولُ اللهِ وأبو بكرٍ. فقالَ عُمَرُ لِرَئيسِهِم: أتُراه سَقَطَ عَنِّي قَولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيفَ بكَ إذا رَقَصت بكَ راحِلَتُكَ نَحوَ الشّامِ يَومًا ثُمَّ يَومًا ثُمَّ يَومًا؟ ". وقَسَمَها عُمَرُ بَينَ مَن
(1)
يضمنهم الشطر: أي يعطيهم الثمر كله ويضمنون نصيب المسلمين. يظر شرح الزرقانى على الموطأ 3/ 459.
(2)
الفدع: إزالة المفاصل عن أماكنها بأن تزيغ اليد عن عظم الزند، والرجلُ عن عظم الساق. غريب الحديث لابن الجوزي 2/ 181.
كان شَهِدَ خَيبَرَ مِن أهلِ الحُدَيبيَةِ
(1)
.
18432 -
أخبرَنا أبو سعيدِ بن أبي عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ هو الأصَمُّ، حدثنا الحَسَنُ بن عليِّ بن عَفّانَ، حدثنا يَحيَى بن آدَمَ، حدثنا أبو شِهابٍ، عن يَحيَى بنِ سعيدٍ، عن بُشَيرِ بنِ يَسارٍ أنَّه سَمِعَ نَفَرًا مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالوا: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينَ ظَهَرَ على خَيبَرَ فقَسَمَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على سِتَّةٍ وثَلاثينَ سَهمًا؛ جَمَعَ كُلُّ سَهمٍ مِائَةَ سَهمٍ، فكانَ النِّصفُ سِهامًا لِلمُسلِمينَ وسَهمَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وعَزَلَ النِّصفَ لِلمُسلِمينَ؛ لِما يَنوبُه مِنَ الأُمورِ والنَّوائبِ
(2)
.
قال الشيخُ: وهَذا لأنَّه افتَتَحَ بَعضَ خَيبَرَ عَنوَةً وبَعضَها صلحًا، فما قَسَمَ بَينَهُم هو ما افتَتَحَه عَنوَةً، وما تَرَكَه لِنَوائبِه هو ما أفاءَ اللهُ على رسولِه، لَم يوجَفْ عَلَيه بخَيلٍ ولا رِكابٍ.
18433 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذباريُّ، أخبرَنا أبو بكرِ بن داسَةَ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا محمدُ بن يَحيَى بنِ فارِسٍ، حدثنا عبدُ الله بن محمدٍ، عن جوَيريَةَ، عن مالكٍ، عن الزُّهرِيِّ أن سعيدَ بنَ المُسَيَّبِ أخبَرَه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم افتَتَحَ بَعضَ خَيبَرَ عَنوَةً
(3)
.
(1)
تقدم في (11736) بسنده وبعض متنه.
(2)
الخراج ليحيى بن آدم (94)، ومن طريقه أبو داود (3011). وأخرجه أحمد (16417) من طريق يحيى بن سعيد به. وصحح إسناده الألباني في صحح أبي داود (2602).
(3)
أبو داود (3017). وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (650).
18434 -
أخبرَنا أبو عبد الله الحافظُ، أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بن جَعفَرٍ، حدثنا عبدُ اللهِ بن أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي، حدثنا عبدُ الرحمنِ بن مَهدِيٍّ، عن مالكٍ، عن زَيدِ بنِ أسلَمَ، عن أبيه، عن عُمَرَ قال: لَولا آخِرُ المُسلِمينَ ما افتُتِحَت قَريَةٌ إلَّا قَسَمتُها كما قَسَمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيبَرَ
(1)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن صَدَقَةَ عن عبد الرَّحمنِ بنِ مَهدِيٍّ
(2)
.
18435 -
أخبرَنا أبو زَكَريّا بنُ أبي إسحاقَ المُزَكِّي وأبو بكرٍ أحمدُ بن الحَسَنِ القاضِي قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بن يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بن عبد الله بنِ عبد الحَكَم، أخبرَنا ابنُ وهبٍ، أخبرَنا هِشامُ بن سَعدٍ، عن زَيدِ بنِ أسلَمَ، عن أبيه قال: سَمِعتُ عُمَرَ بنَ الخطابِ يقولُ: لَولا أنِّي أترُكُ الناسَ بَبّانًا لا شَئَ لَهُم ما فُتِحَت قَريَةٌ إلا قَسَمناها
(3)
كما قَسَمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خيبرَ.
(4)
قال الشَّيخُ: وهَذا عِندَنا والله أعلمُ على أنَّه كان يَستَطيبُ قُلوبَهُم، ثُمَّ يَقِفُها لِلمُسلِمينَ نَظَرًا لَهُم.
18436 -
وقَد أخبرَنا أبو نَصرِ بنُ قَتادَةَ، حدثنا أبو الفَضلِ بنُ خَميرُويَه، أخبرَنا أحمدُ بن نَجْد، حدثنا الحَسَنُ بن الرَّبيع، حدثنا عبدُ اللهِ
(1)
أحمد (284)، وعنه أبو داود (3020). وتقدم في (12951).
(2)
البخاري (2334).
(3)
في س، ص 8، م:"قسمتها".
(4)
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 3/ 246 من طريق ابن وهب به. وأبو يعلى في مسنده (224) من طريق هشام بن سعد به. وتقدم في (12952).
ابنُ المُبارَك، عن جَريرِ بنِ حازِمٍ قال: سَمِعتُ نافِعًا مَولَى ابنِ عُمَرَ يقولُ: أصابَ النّاسُ فتحًا بالشّامِ فيهِم بلالٌ - وأَظُنُّه ذَكَرَ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنهما فكَتَبوا إلَى عُمَرَ بنِ الخطابِ: إنَّ هذا الفَئَ الَّذِي أصَبنا لَكَ خُمُسُه ولَنا ما بَقِيَ، لَيسَ لأحَدٍ مِنه شَئٌ، كما صَنَعَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بخَيبَرَ. فكَتَبَ عُمَرُ: إنَّه لَيسَ على ما قُلتُم، ولَكِنِّي أقِفُها لِلمُسلِمينَ. فراجَعوه الكِتابَ وراجَعَهُم، يأبَونَ ويأبَى، فلَمّا أبَوا قامَ عُمَرُ فدَعا عَلَيهِم فقالَ: اللَّهُمَّ اكفِنِي بلالًا وأَصحابَ بلالٍ. قال: فما حالَ الحَولُ عَلَيهِم حَتَّى ماتوا جَميعًا
(1)
.
قال الشيخُ رحمه الله: قَولُه: إنَّه لَيسَ على ما قُلتُم. لَيسَ يُريدُ به إنكارَ ما احتَجّوا به مِن قِسمَةِ خَيبَرَ؛ فقَد رُوّيناه عن عُمَرَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ويُشبِهُ أن يُريدَ به: لَيسَتِ المَصلَحَةُ فيما قُلتُم، وإِنَّما المَصلَحَةُ في أن أقِفَها لِلمُسلِمينَ. وجَعَلَ يأبَى قِسمَتَها لِما كان يَرجو مِن تَطييبِهِم ذَلِكَ له، وجَعَلوا يأبَونَ لِما كان لَهُم مِنَ الحَقِّ، فلَمّا أبَوا لَم يُبرِمْ عَلَيهِمُ الحُكمَ بإِخراجِها مِن أيديهِم ووَقفِها، ولَكِن دَعا عَلَيهِم حَيثُ خالَفوه فيما رأى مِنَ المَصلَحَة، وهُم لَو وافَقوه وافَقَه أفناءُ النّاسِ وأَتباعُهُم، والحديثُ مُرسَلٌ، والله أعلمُ.
وقَد رُوِّينا في كِتابِ القَسْمِ في فتحِ مِصرَ أنَّه رأى ذَلِكَ، ورأى الزُّبَيرُ بن العَوّامِ قِسمَتَها كما قَسَمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيبَرَ
(2)
.
(1)
أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (378) من طريق ابن المبارك به.
(2)
تقدم في (12958).