الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إصبَعَيه، فقالَ: ما عَدا عيسَى ابنُ مَريَمَ ما قُلتَ هذا العُوَيدَ. ثُمَّ ذَكَرَ الحديثَ، قالَت: فلَم يَنشَبْ أن خَرَجَ عَلَيه رَجُل مِنَ الحَبَشَةِ يُنازِعُه في مُلكِه، فواللهِ ما عَلِمتُنا حَزِنَّا حُزنًا قَطّ كان أشَدَّ مِنه؛ فرَقًا مِن أن يَظهَرَ ذَلِكَ المَلِكُ عَلَيه، فيأتِيَ مَلِكٌ لا يَعرِفُ مِن حَقِّنا ما كان يَعرِفُ، فجَعَلنا نَدعو اللهَ ونَستَنصِرُه لِلنَّجاشِيِّ، فخَرَجَ إلَيه سائرًا، فقالَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعضهُم لِبَعضٍ: مَن رَجُلٌ يَخرُجُ فيَحضُرَ الوَقعَةَ حَتَّى يَنظُرَ على مَن تكونُ؟ فقالَ الزُّبَيرُ وكانَ مِن أحدَثِهِم سِنًّا: أنا. فنَفَخوا له قِربَةً، فجَعَلَها في صَدرِه، ثُمَّ خَرَجَ يَسبَحُ عَلَيها في النّيلِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الشِّقَّةِ الأُخرَى إلَى حَيثُ التَقَى النّاسُ، فحَضَرَ الوَقعَةَ فهَزَمَ اللهُ ذَلِكَ المَلِكَ وقَتَلَه، وظَهَرَ النَّجاشِيُّ عَلَيه، فجاءَنا الزُّبَيرُ فجَعَلَ يُليحُ
(1)
إلَينا برِدائِه، ويَقولُ: ألا أبشِروا، فقَد أظهَرَ الله النَّجاشِيَّ. فواللهِ ما فرِحنا بشَئٍ فرَحَنا بظُهورِ النَّجاشِيِّ
(2)
.
بابُ الأسيِر يُؤخَذُ عَلَيه أن يَبعَثَ إلَيهِم بفِداءٍ أو يَعودَ في إسارِهِم
قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: رُوِيَ عن الأوزاعِيِّ: يَعودُ في إسارِهِم إن لَم يُعطِهِمُ المالَ. قال: ومَنَ ذَهَبَ مَذهَبَ الأوزاعِيِّ ومَن قال بقَولِه فإِنَّما يَحتَجُّ - فيما أُراه - بما رُوِيَ عن بَعضِهِم أنَّه رَوَى أن النبي صلى الله عليه وسلم صالَحَ أهلَ الحُدَيبيَةِ أن يَرُدَّ مَن جاءَه مِنهُم بَعدَ الصُّلحِ مُسلِمًا، فجاءَه أبو جَندَلٍ فرَدَّه إلَى أبيه،
(1)
يليح بردائه: يرفعه ويحركه ليلوح للناظر. المغرب في ترتب المعرب 2/ 251، 316.
(2)
المصنف في الدلائل 2/ 301، وابن إسحاق في السيرة (282)، ومن طريقه ابن خزيمة (2260).
وأبو بَصيرٍ فرَدَّه، فقَتَلَ أبو بَصيرٍ المَردودَ مَعَه، ثُمّ جاءَ النبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: قَد وفَيتَ لَهُم، ونَجّانِي اللهُ مِنهُم. فلَمْ يَرُدَّه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ولَم يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيه وتَرَكَه، فكانَ بطَريقِ الشّامِ يَقطَعُ على كُلِّ مالٍ لِقُرَيشٍ، حَتَّى سألوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَضُمَّه إلَيه لِما نالَهُم مِن أذاه. قال الشّافِعِيُّ: وهَذا حَديثٌ قَد رَواه بَعضُ أهلِ المَغازِي كما وصَفتُ، ولا يَحضُرُنِي ذِكرُ إسنادِهِ
(1)
.
قال الشَّيخُ: أخبرَناه أبو عبد الله الحافظُ، أخبرَنا أحمدُ بن جَعفَرٍ القَطيعِيُّ، حدثنا عبدُ الله بن أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي، حدثنا عبدُ الرَّزّاق، عن مَعمَرٍ، قال الزُّهرِيُّ: أخبرَنِي عُروَةُ بن الزُّبير، عن المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ ومَروانَ بنِ الحَكَمِ. فذَكَرَ حَديثَ صُلحِ الحُدَيبيَة، وذَكَرَ فيه قِصَّةَ أبي جَندَلٍ وأَبِي بَصيرٍ بنَحوٍ مِن هذا وأَتَمَّ مِنه
(2)
.
قال الشَّيخُ: وإِنَّما رد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا جَندَلٍ إلَيهِم لأنّه كان لا يُخافُ عَلَيه في الرَّدِّ لِمَكانَ أبيه، وكَذَلِكَ أشارَ على أبي بَصيرٍ بالرُّجوعِ إلَيهِم في الابتِداءِ لِذَلِكَ والله أعلمُ، وسَيَرِدُ كَلامُ الشّافِعِيِّ إن شاءَ اللهُ عَلَيه في كِتابِ الجِزيَةِ
(3)
.
18472 -
وفي مِثلِ هذا ما أخبرَنا أبو عبد الله الحافظُ وأبو محمدِ بن أبي حامِدٍ المُقرِئُ وأبو بكرٍ القاضِي وأبو صادِقٍ العَطارُ قالوا: حدثنا أبو العباسِ هو الأصَمُّ، حدثنا محمدُ بن عبد الله بنِ عبد الحَكَم، أخبرَنا عبدُ اللهِ
(1)
الأم 4/ 248.
(2)
سيأتي تخريجه في (18840).
(3)
لم نجده في كتاب الجزية.
ابنُ وهبٍ، أخبرَنِي عمرُو بن الحارِث، عن بُكَيرِ بنِ الأشَجِّ، أن الحَسَنَ بنَ عليِّ بنِ أبي رافِعٍ حَدَّثَه أن أبا رافِعٍ أخبَرَه أنَّه أقبَلَ بكِتابٍ مِن قُرَيشٍ إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: فلَمّا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُلقِيَ في قَلبِيَ الإِسلامُ فقُلتُ: يا رسولَ الله، إنِّي واللهِ لا أرجِعُ إلَيهِم أبَدًا. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لا أَخيسُ بالعَهدِ
(1)
، ولا أحبِسُ البُرْدَ
(2)
، ولَكِنِ ارجِعْ، فإِن كان في قَلبِكَ الَّذِي في قَلبِكَ الآنَ فارجِعْ". قال: فرَجَعتُ إلَيهِم ثُمَّ أقبَلتُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فأَسلَمتُ. قال بُكَيرٌ: وأَخبَرَنِي أن أبا رإفِعٍ كان قِبطيًّا
(3)
.
18473 -
أخبرَنا أبو عبد اللهِ الحافظُ، أخبرَنِي أحمدُ بن جَعفَرٍ القَطيعِيُّ، حدثنا عبدُ اللهِ بن أحمدَ بنِ حَنبَلٍ، حَدَّثَنِي أبي، حدثنا عبدُ اللهِ بن محمدٍ - قال عبدُ اللهِ: وقَد سَمِعتُه أنا مِن عبد اللهِ بنِ محمدِ بنِ أبي شَيبَةَ - حدثنا أبو أُسامَةَ، عن الوَليدِ بنِ جُمَيعٍ، حدثنا أبو الطُّفَيل، حدثنا حُذَيفَةُ بن اليَمان، قال: ما مَنَعَنِي أن أشهَدَ بَدرًا إلَّا أنِّي خَرَجتُ أنا وأَبِي حُسَيلٌ. قال: فأَخَذَنا كُفّارُ قُرَيشٍ، فقالوا: إنَّكُم تُريدونَ محمدًا. فقُلنا: ما نُريدُه، ما نُريدُ إلَّا المَدينَةَ. فأَخَذوا عَلَينا عَهدَ الله وميثاقَه لَنَنصرِفَنَّ إلَى المَدينَةِ ولا نُقاتِلُ مَعَه، فأَتَينا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأَخبَرْناه الخَبَرَ فقالَ: "انصَرِفا، نَفِي لَهُم بعَهدِهِم ونَستَعينُ
(1)
أخيس بالعهد: أنقضه. غريب الحديث للخطابى 1/ 123.
(2)
البُرْد: جمع بريد، وهو الرسول. ينظر النهاية 1/ 115.
(3)
الحاكم 3/ 598. وأخرجه أحمد (23857)، وأبو داود (2758)، والنسائي في الكبرى (8674)، وابن حبان (4877) من طريق ابن وهب به. قال الذهبي 7/ 3688: سمعه ابن وهب منه، وهو غريب.