الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ مُبتَدإِ الإذنِ بالقِتالِ
17798 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بنُ إسحاقَ الصَّغانِىُّ، حدثنا أبو اليَمانِ الحَكَمُ بنُ نافِعٍ، أخبرَنا شُعَيبُ بنُ أبى حَمزَةَ، عن الزُّهرِيِّ، حَدَّثَنِى عُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ أن أُسامَةَ بنَ زَيدٍ أخبَرَه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ على حِمارٍ على إكافٍ
(1)
على قَطيفَةٍ فَدَكيَّةٍ
(2)
، وأَردَفَ أُسامَةَ بنَ زَيدٍ وراءَه، يَعودُ سَعدَ بنَ عُبادَةَ في بَنِى الحارِثِ بنِ الخَزرَجِ قبلَ وقعَةِ بَدرٍ، فسارَ حَتَّى مَرَّ بمَجلِسٍ فيه عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَىٍّ ابنُ سَلولَ، وذَلِكَ قبلَ أن يُسلِمَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ، فإِذا في المَجْلِسِ رِجالٌ مِنَ المُسلِمينَ والمُشرِكينَ وعَبَدَةِ الأوثانِ واليَهودِ، وفِي المُسلِمينَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَواحَةَ، فلَمّا غَشِيَتِ المَجلِسَ عَجاجَةُ الدّابَّةِ
(3)
خَمَّرَ ابنُ أُبَىٍّ أنفَه برِدائه، ثُمَّ قال: لا تُغَبِّروا عَلَينا. فسَلَّمَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ وقَفَ، فنَزَلَ فدَعاهُم إلَى اللَّهِ عز وجل وقَرأَ عَلَيهِمُ القُرآنَ. قال: فقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلولَ: أيُّها المَرءُ، إنَّه لا أحسَنَ مما تَقولُ إن كان حَقًّا، فلا تُؤذينا به في مَجلِسِنا، ارجِعْ إلَى رَحلِكَ
(4)
، فمَن جاءَكَ فاقصُصْ عَلَيهِ. فقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَواحَةَ: بَلَى يا رسولَ اللَّهِ، فاغشَنا به في مَجالِسِنا؛ فإِنّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فاستَبَّ المُسلِمونَ
(1)
الإكاف: برذعة الحمار. معجم لغة الفقهاء 1/ 84.
(2)
فدكية: منسوبة إلى فدك، قرية بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة. معجم البلدان 4/ 238.
(3)
عجاجة الدابة: غبارها الذي تثيره حوافرها. مشارق الأنوار 2/ 67.
(4)
في ص 8: "أهلك".
والمُشرِكونَ واليَهودُ، حَتَّى كادوا يَتَثاوَرونَ
(1)
، فلَم يَزَلِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُم حَتَّى سَكَتوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم دابَّتَه، فسارَ حَتَّى دَخَلَ على سَعدِ بنِ عُبادَةَ، فقالَ له النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"أيا سَدُ، ألَم تَسمَعْ ما قال أبو حُبابٍ؟ يُريدُ عبدَ اللَّهِ بنَ أُبَىٍّ، قال كَذا وكَذا". فقالَ سَعدُ بنُ عُبادَةَ: يا رسولَ اللَّهِ، اعفُ عنه واصفَحْ، فوالَّذِى أنزَلَ
(2)
الكِتابَ، لَقَد جاءَ اللَّهُ بالحَقِّ الَّذِى أنزَلَ عَلَيكَ ولَقَدِ اصطَلَحَ أهلُ هذه البُحَيرَةِ
(3)
على أن يُتَوِّجوه فيُعَصِّبوه
(4)
، فلَمّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بالحَقِّ الَّذِى أعطاكَ شَرِقَ بذَلِكَ
(5)
، فذَلِكَ فعَلَ به ما رأيتَ. فعَفا عنه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، وكانَ وأَصحابُه يَعفونَ عن المُشرِكينَ وأَهلِ الكِتابِ كما أمَرَهُمُ اللَّهُ عز وجل، ويَصبِرونَ على الأذَى، قال اللَّهُ عز وجل:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: 186]، وقالَ اللَّهُ:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109]، وكانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتأَوَّلُ في العَفوِ ما أمَرَ اللَّهُ به
(1)
يتثاورون: أي قارب أن يثور بعضهم إلى بعض بقتال أو مشاجرة، تفسير غريب ما في الصحيحين 1/ 183.
(2)
بعده في س، والمهذب 7/ 3511:"عليك".
(3)
البحيرة: يعني المدينة، والعرب تسمى القرى الجار. مشارق الأنوار 1/ 79.
(4)
يعصبوه: يسودوه. غريب الحديث للخطابى 1/ 159.
(5)
شرق بذلك: لم يقدر على إساغته والصبر عليه، فكأنه اعترض في حلقه. الفائق 1/ 80.
حَتَّى أُذِنَ له
(1)
فيهِم، فلَمّا غَزَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَدرًا فَقَتَلَ اللهُ به مَن قَتَل مِن صَنَادِيدِ كُفّارِ قُرَيشٍ، قال ابنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلولَ ومَن مَعَه من عَبَدَةِ الأوثَانِ: هذا أمرٌ قَد تَوَجَّهَ
(2)
. فبايَعوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على الإسلامِ
(3)
، رواه البخاريُّ في "الصحيح" عن أبي اليَمانِ
(4)
، وأَخرَجاه مِن حديث معمرٍ وعُقَيلٍ عن الزُّهرِيِّ
(5)
.
17799 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العبَّاسِ محمدُ بنُ يَعقُوبَ، حدثنا أبو الحَسَنِ محمدُ بنُ سِنانٍ القَزّازُ، حدثنا إسحاق بنُ يوسُفَ الأزرَقُ، حدثنا سفيانُ الثَّورِيُّ، عن الأعمَشِ عن مُسلِمٍ البَطينِ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، عن ابنِ عباسٍ قال: أخرَجَ أهلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكرٍ الصِّدّيقُ: إنّا للهِ وإِنّا إلَيه راجِعونَ، أخرَجوا نَبيَّهُم، لَيَهلِكُنَّ. قال: فنزلَت {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]. وكانَ ابنُ عباسٍ يَقرؤها: (أَذِنَ)
(6)
. قال أبو بكرٍ الصِّدّيق: فعَلِمتُ أنَّها قِتالٌ. قال ابنُ عَباسٍ: وهِيَ أوَّلُ آيَةٍ نَزَلَت في القِتالِ
(7)
.
17800 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو العباسِ قاسِمُ بنُ
(1)
في م: "لهم".
(2)
توجه: استمر فلا طمع في إزالته وتغييره. تفسير غريب ما في الصحيحين 1/ 183.
(3)
أخرجه أحمد (21769) عن أبي اليمان به. وتقدم في (6908، 6909).
(4)
البخاري (4566، 6207).
(5)
البخاري (5663، 6254)، ومسلم (1798/ 116).
(6)
ينظر روح المعاني 9/ 154.
(7)
الحاكم 2/ 66 وصححه. وأخرجه أحمد (1865)، والترمذي (3171)، والنسائي (3085)، وابن حبان (4710) من طريق إسحاق بن يوسف به. وقال الترمذي: حسن.