الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} إلَى آخِرِها [يونس: 71]، فأَظهَرَ لَهُمُ المُفارَقَةَ، وقالَ هودٌ حينَ قالوا:{إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} الآيَةَ [هود: 54]، فأَظهَرَ لَهُمُ المُفارَقَةَ، وقالَ إبراهيمُ: {[قَدْ كَانَتْ]
(1)
لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} إلَى آخِرِ الآيَةِ [الممتحنة: 4]، فأَظهَرَ لَهُمُ المُفارَقَةَ، وقالَ محمدٌ:{إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنعام: 56، غافر: 66]. فقامَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِندَ الكَعبَةِ يَقرَؤُها على المُشرِكينَ، فأَظهَرَ لَهُمُ المُفارَقَةَ
(2)
.
بابُ الإِذنِ بالهِجرَةِ
17793 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الجَبّارِ، حدثنا يونُسُ بنُ بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ، حَدَّثَنِى الزُّهرِىُّ، عن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرَّحمَنِ بنِ الحارِثِ بنِ هِشامٍ، عن أُمِّ سلمةَ رضي الله عنها زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّها قالَت: لَمّا ضاقَت عَلَينا مَكَّةُ، وأوذِىَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وفُتِنوا، ورأَوا ما يُصيبُهُم مِنَ البَلاءِ والفِتنَةِ في دينِهِم، وأَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يَستَطيعُ دَفعَ
(3)
ذَلِكَ عَنهُم، وكانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في مَنَعَةٍ مِن قَومِه وعَمِّه، لا يَصِلُ إلَيه شَئٌ مِمّا يَكرَهُ مَمّا يَنالُ أصحابَه، فقالَ لَهُم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بأَرضِ الحَبَشَةِ مَلِكًا لا يُظلَمُ أحَدٌ عِندَه، فالْحَقوا ببِلادِه
(1)
في النسخ: "لقد كان".
(2)
سيرة ابن إسحاق (165 - زيادات يونس بن بكير).
(3)
في حاشية الأصل: "رَدَّ".
حَتَّى يَجعَلَ اللَّهُ لَكُم فرَجًا ومَخرَجًا مِمّا أنتُم فيه". فخَرَجنا إلَيها أرسالًا
(1)
حَتَّى اجتَمَعنا بها
(2)
، فنَزَلنا بِخَيرِ دارٍ إلَى خَيرِ جارٍ، أمِنّا على دينِنا، ولَم نَخشَ مِنه ظُلمًا. وذَكَرَ الحديثَ بطولِهِ
(3)
.
17794 -
أخبرَنا أبو الحَسَنِ علىُّ بنُ أحمدَ بنِ عبدانَ، أخبرَنا أحمدُ بنُ عُبَيدٍ الصَّفّارُ، حدثنا العباسُ بنُ الفَضلِ الأسفاطِىُّ، حدثنا أحمدُ بنُ يونُسَ، حدثنا داودُ بنُ عبدِ الرَّحمَنِ، حدثنا عبدُ اللَّهِ بنُ عثمانَ، عن أبي الزُّبَيرِ محمدِ بنِ مُسلِمٍ أنَّه حَدَّثَه أن جابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ حَدَّثَه أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبِثَ عَشْرَ سِنينَ يَتبَعُ الحاجَّ في مَنازِلِهِم في المَواسِمِ بمَجَنَّةَ وعُكاظٍ، ومَنازِلِهِم بمِنًى:"مَن يُؤوينى ويَنصُرُنِى حَتَّى أُبَلِّغَ رِسالاتِ رَبِّى ولَه الجَنَّةُ؟ ". فلَم يَجِدْ أحَدًا يُؤويه ويَنصرُه، حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيَدخُلُ ضاحيَةً
(4)
مِن مُضَرَ
(5)
واليَمَنِ، فيأتِيه قَومُه أو ذو رَحِمِه فيَقولونَ: احذَرْ فتَى قُرَيشٍ لا يُصيبُكَ. يَمشِى بَينَ رِحالِهِم يَدعوهُم إلَى اللَّهِ، يُشيرونَ إلَيه بأَصابِعِهِم، حَتَّى يَبعَثَنا
(6)
اللَّهُ مِن يَثرِبَ، فيأتيه الرَّجُلُ مِنّا فيُؤمِنُ به ويُقرِئُه القُرآنَ، فيَنقَلِبُ إلَى أهلِه، فيُسلِمونَ
(1)
أرسالًا: أفواجًا طائفة بعد أخرى. مشارق الأنوار 1/ 299.
(2)
ليس في: م.
(3)
المصنف في الدلائل 2/ 301 وما بعدها، وابن إسحاق (282). وأخرجه أحمد (1740) من طريق ابن إسحاق به.
(4)
في م: "صاحبه".
(5)
في س، م:"مصر".
(6)
في م، ص 8:"يبعث".
بإِسلامِه، حَتَّى لَم يَبقَ دارٌ مِن دورِ يَثرِبَ إلَّا فيها رَهطٌ مِنَ المُسلِمينَ يُظهِرونَ الإسلامَ، ثُمَّ يَبعَثُنا
(1)
اللَّهُ، فأتَمَرنا واجتَمَعنا سبعينَ رَجُلًا مِنّا فقُلنا: حَتَّى مَتَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطرَدُ في جِبالِ مَكَّةَ ويُخالُ
(2)
- أو قال: ويَخافُ
(3)
- فرَحَلْنا حَتَّى قَدِمنا عَلَيه المَوسِمَ، فوَعَدَنا شِعبَ العَقَبَةِ، فاجتَمَعنا فيه مِن رَجُلٍ ورَجُلَينِ، حَتَّى تَوافَينا فيه عِندَه فقُلنا: يا رسولَ اللَّهِ علامَ نُبايِعُكَ؟ قال: "تُبايِعونِى على السَّمعِ والطّاعَةِ في النَّشاطِ والكَسَلِ، وعَلَى النَّفَقَةِ في العُسرِ واليُسرِ، وعَلَى الأمرِ بالمَعروفِ والنَّهىِ عن المُنكَرِ، وأَن تَقولوا في اللَّهِ لا يأخُذُكُم في اللَّهِ لَومَةُ لائمٍ، وعَلَى أن تَنصُرونِى إن قَدِمتُ عَلَيكُم يَثرِبَ، وتَمنَعونِى مِمّا تَمنَعونَ مِنه أنفُسَكُم وأَزواجَكُم وأَبناءَكُم، ولَكُمُ الجَنَّةُ". فقُلنا: نُبايِعُكَ. فأَخَذَ بيَدِه أسعَدُ بنُ زُرارَةَ - وهو أصغَرُ السَّبعينَ رَجُلًا إلَّا أنا - فقالَ: رُوَيدًا يا أهلَ يَثرِبَ، إنّا لَم نَضرِبْ إلَيه أكبادَ المَطِيِّ إلَّا ونَحنُ نَعلَمُ أنَّه رسولُ اللَّهِ، وإنَّ إخراجَه اليَومَ مُفارَقَةُ العَرَبِ كافَّةً، وقَتلُ خيارِكُم، وأَن تَعَضَّكُمُ السُّيوفُ؛ فإِمّا أنتُم قَومٌ تَصبِرونَ على عَضِّ السُّيوفِ وقَتلِ خيارِكُم ومُفارَقَةِ العَرَبِ كافَّةً فخُذوه وأَجرُكُم على اللَّهِ، وإِمّا أنتُم تَخافونَ مِن أنفُسِكُم خِيفَةً فذَروه، فهو أعذَرُ لَكُم عِندَ اللَّهِ. فقالوا: أخِّرْ عَنّا يَدَكَ يا أسعَدُ بنَ زُرارَةَ، فواللَّهِ لا نَذَرُ هذه البَيعَةَ ولا نَستَقيلُها. فقُمنا إلَيه رَجُلًا رَجُلًا، يأخُذُ عَلَينا شَرطَه ويُعطينا على ذَلِكَ الجَنَّةَ
(4)
.
(1)
في م: "يبعث".
(2)
خيل عليه تخييلا وتخيلا: وجه التهمة إليه. ينظر التاج 28/ 450.
(3)
في س، م:"نخاف".
(4)
أخرجه أحمد (14457) من طريق داود بن عبد الرحمن (العطار) به. وتقدم في (16634). وقال =
17795 -
حدثنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، أخبرَنِى عبدُ اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ موسَى، حدثنا إسماعيلُ بنُ قُتَيبَةَ، حدثنا عثمانُ بنُ أبى شَيبَةَ، حدثنا جَريرٌ، عن قابوسَ بنِ أبي ظَبيانَ، [عن أبيه]
(1)
، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بمَكَّةَ، فأُمِرَ بالهِجرَةِ وأُنزِلَ عَلَيه:{وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا}
(2)
[الإسراء: 80].
17796 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ محمدُ بنُ الحُسَينِ بنِ الفَضلِ القَطّانُ ببَغدادَ، أخبرَنا عبدُ اللَّهِ بنُ جَعفَرِ بنِ دُرُسْتُويَه، حدثنا يَعقوبُ بنُ سُفيانَ، حدثنا الحَجّاجُ بنُ أبى مَنيعٍ، حدثنا جَدِّى، عن الزُّهرِىِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ رضي الله عنها قالَت: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يَومَئذٍ بمَكَّةَ - لِلمُسلِمينَ: "قَد أُريتُ
(3)
دارَ هِجرَتِكُم، أُريتُ سَبْخَةً ذاتَ نَخلٍ بَينَ لابَتَينِ". وهُما الحَرَّتانِ. فهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المَدينَةِ حينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ورَجَعَ إلَى المَدينَةِ بَعضُ مِن كان هاجَرَ إلَى أرضِ الحَبَشَةِ مِن المُسلِمينَ، وتَجَهَّزَ أبو بكرٍ مُهاجِرًا، فقالَ له رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "على رِسلِك؛ فإِنِّى أرجو أن يُؤذَنَ لِى". فقالَ أبو بكرٍ: وتَرجو ذَلِكَ بأَبِى أنتَ وأُمِّى؟ قال: "نَعَم". فحَبَسَ أبو بكرٍ نَفسَه على رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَحابَتِه، وعَلَفَ راحِلَتَينِ عِندَه ورَقَ السَّمُرِ أربَعَةَ
= الذهبي 7/ 3510: سنده جيد صححه الحاكم.
(1)
ليس في: م.
(2)
المصنف في الدلائل 2/ 516. والحاكم 3/ 3 وصححه. وأخرجه أحمد (1948)، والترمذي (3139) من طريق جرير به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
(3)
في النسخ عدا الأصل: "رأيت".
أشهُرٍ
(1)
. أخرَجَه البخارىُّ في "الصحيح" بطوله مِن حَديثِ عُقَيلٍ ويونُسَ عن الزُّهريِّ
(2)
.
17797 -
أخبرَنا أبو الحُسَين ابنُ الفَضلِ القَطّانُ ببَغدادَ، أخبرَنا عبدُ اللهِ بنُ جَعفَرٍ، حدثنا يَعقوبُ بنُ سُفيانَ، حدثنا أبو الوَليدِ هشامُ بنُ عبدِ المَلِكِ الباهلِيُّ وأبو عُمَرَ حَفصُ بنُ عُمَرَ النَّمَريُّ قالا: حدثنا شُعبَةُ قال: أنبأنا أبو إسحاقَ قال: سَمعتُ البَراءَ يقولُ: كان أوَّلَ من قَدِمَ عَلَينا مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُصعَبُ بنُ عُمَيرِ وابنُ أُمِّ مَكتومٍ، وكانا يُقرئانِ القُرآنَ، ثُمَّ جاءَ عَمّارُ بنُ ياسِرِ وبِلالٌ وسَعدٌ، ثُمَّ جاءَ عُمَرُ بنُ الخطابِ في عِشرينَ، يَعنِي
(3)
مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جاءَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فما رأَيتُ أهلَ المَدينَةِ فرحوا بِشَيءٍ قَطُّ فرَحَهُم بِه، حَتَّى رأيتُ الوَلائدَ والصِّبيانَ يَسعَونَ في الطَّرِيقِ
(4)
يَقولونَ: جاءَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، جاءَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال: فما قَدِمَ المَدينَةَ حَتَّى قَرأتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] في سُوَر مِثلِها مِنَ المُفَصَّلِ
(5)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن أبي الوَليد
(6)
(1)
المصنف في الدلائل 2/ 458، 459. وأخرجه أحمد (25626)، وأبو داود (4083)، وابن خزيمة (265، 2518)، وابن حبان (6277، 6868) من طريق الزهري به مطولًا ومختصرًا.
(2)
البخاري (2297).
(3)
في م: "وبينهم".
(4)
في س، م:"الطرائق"
(5)
الطيالسي (739). وأخرجه أحمد (18512)، والنسائي في الكبرى (11666) من طريق شعبة به. وابن حبان (6281، 6870) من طريق أبي إسحاق به مطولًا.
(6)
البخاري (3924).