الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القاسِمِ السّيّارِيُّ بمَروَ، حدثنا محمدُ بنُ موسَى بن حاتِمٍ الباشانِيُّ، حدثنا عليُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقيقٍ، حدثنا الحُسَينُ بنُ واقِدٍ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباسٍ، أن عبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ وأَصحابًا له أتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نَبِىَّ اللهِ، كُنّا في عِزٍّ ونَحنُ مُشرِكونَ، فلَمّا آمَنّا صِرنا أذِلَّةً. فقالَ:"إنِّي أُمِرتُ بالعَفوِ، فلا تَقاتِلوا القَومَ". فلَمّا حَوَّلَه اللهُ إلَى المَدينَةِ أمَرَه بالقِتالِ فكَفُّوا، فأَنزَلَ اللهُ:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ}
(1)
[النساء: 77].
بابُ ما جاءَ في نَسخِ العَفوِ عن المُشرِكينَ، ونَسخِ النَّهيِ عن القِتالِ حَتَّى يُقاتِلوا، والنَّهيِ عن القِتالِ في الشَّهرِ الحَرامِ
قال الشّافِعِيُّ: يُقالُ: نُسِخَ
(2)
هذا كُلُّه بقَولِ اللهِ عز وجل: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} الآيَة
(3)
[البقرة: 193، الأنفال: 39].
17801 -
أخبرَنا أبو زَكَريّا ابنُ أبي إسحاقَ المُزَكِّي، أخبرَنا أبو الحَسَنِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عَبدوسٍ، حدثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ صالِحٍ، عن مُعاويَةَ بنِ صالِحٍ، عن عليٍّ بنِ أبي طَلحَةَ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما في قَولِه:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]، وقَولِه:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29] قال: فنَسَخَ هذا العَفوَ عن
(1)
الحاكم 2/ 66، 67 وصححه. وأخرجه النسائي (3086)، وابن جرير 7/ 231 من طريق على بن الحسن بن شقيق به. وصحح إسناده الألباني في صحيح النسائي (2891).
(2)
بعده في م: "النهي".
(3)
الأم 4/ 161.
المُشرِكينَ. وقَولِه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] فأَمَرَه اللهُ بجِهادِ الكُفّارِ بالسَّيفِ، والمُنافِقينَ باللِّسانِ، وأَذهَبَ الرِّفقَ عَنهُم
(1)
.
وبِهَذا الإِسنادِ عن ابنِ عباسٍ قال: قَولُه: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 106] و: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22]، يقولُ: لَستَ عَلَيهِم بجَبَّارٍ، {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة: 13]، {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا} [التغابن: 14]، {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109]، {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: 14]. ونَحوُ هذا في القُرآنِ، أمَرَ اللهُ بالعَفوِ عن المُشرِكينَ، وإِنَّه نَسَخَ ذَلِكَ كُلَّه قَولُه:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وقَولُه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلَى قَولِه: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} فنَسَخَ هذا العَفوَ عن المُشرِكينَ
(2)
.
17802 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ وأبو بكرٍ أحمدُ بنُ الحَسَنِ القاضِى قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، حدثنا مُعاويَةُ بنُ عمرٍو، عن أبي إسحاقَ هو الفَزارِيُّ، عن عثمانَ بنِ عَطاءٍ، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قال: قال اللهُ عز وجل: {فَإِنْ تَوَلَّوْا
(1)
أخرجه ابن جرير في تفسيره 11/ 566، وابن أبي حاتم في تفسيره (10301، 10304، 10306) من طريق عبد الله بن صالح مقتصرين على قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ. . .} .
(2)
المصنف في الدلائل 2/ 582. وأخرجه أبو عبيد في ناسخه ص 272، وابن جرير في تفسيره 2/ 424، 9/ 479، 24/ 341، وابن أبي حاتم في تفسيره (1089)، والنحاس في ناسخه ص 500 من طريق عبد الله بن صالح به مطولًا ومختصرًا.
فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} الآيَةَ [النساء: 89، 90]. قال: وقالَ: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} الآيَة [الممتحنة: 8] ثُمَّ نَسَخَ هَؤُلاءِ الآياتِ فأَنزَلَ اللهُ {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} إلَى قَولِه: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. وأَنزَلَ {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: 36]. قال: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ هذه الآيَةُ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}
(1)
.
17803 -
أخبرَنا أبو القاسِمِ عبدُ العَزيزِ بنُ محمدٍ العَطَّارُ ببَغدادَ، حدثنا أبو عمرٍو عثمانُ بنُ أحمدَ الدَّقَّاقُ، حدثنا عبدُ المَلِكِ بنُ محمدٍ الرَّقاشِيُّ، حدثنا أبي، حدثنا المُعتَمِرُ بنُ سُلَيمانَ قال: سَمِعتُ أبى يُحَدِّثُ عن الحَضرَمِيِّ، عن أبي السَّوَّارِ، عن جُندُبِ بنِ عبدِ اللهِ قال: بَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَهطًا واستَعمَلَ عَلَيهِم عُبَيدَةَ بنَ الحارِثِ. قال: فلَمَّا انطَلَقَ ليَتَوَجَّهَ بَكَى صَبابَةً إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فبَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكانَه رَجُلًا يُقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ جَحشٍ. وكَتَبَ لَهُ كِتَابًا، وأَمَرَه أَلَّا يَقرأَه إلَّا بمَكانِ كَذا وكَذا، وقالَ:"لا تُكرِهَنَّ أحَدًا مِن أصحابِكَ على المَسيرِ مَعَكَ". فلَمَّا صارَ ذَلِكَ المَوضِعَ قرأَ الكِتابَ
(1)
أخرجه أبو عبيد في ناسخه ص 277، 281، 282، وابن أبي حاتم في تفسيره (5756، 9121)، والنحاس في ناسخه ص 540 من طريق عثمان بن عطاء به.
واستَرجَعَ قال: سَمعًا وطاعَةً للهِ ورسولِه. قال: فرَجَعَ رَجُلانِ مِن أصحابِه ومَضَى بَقيَّتُهُم مَعَه، فلَقُوا ابنَ الحَضرَمِىِّ فقَتَلوه، فلَم يُدرَ ذَلِكَ مِن رَجَبٍ أو مِن جُمادَى الآخِرَةِ، فقالَ المُشرِكونَ: قَتَلتُم في الشَّهرِ الحَرامِ؟! فنَزَلَت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} إلَى قَولِه: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217]. قال: فقالَ بَعضُ المُسلِمينَ: لَئن كانوا أصابوا خَيرًا ما لَهُم أجرٌ. فنَزَلَت: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
(1)
[البقرة: 218].
17804 -
أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبي عمرٍو، أخبرَنا أبو محمدٍ المُزَنِيُّ، أخبرَنا علىُّ بنُ محمدِ بنِ عيسَى، حدثنا أبو اليَمانِ، أخبرَنِي شُعَيبٌ، عن الزُّهرِيِّ، أخبرَنِي عُروَةُ بنُ الزُّبَيرِ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَريَّةً مِنَ المُسلِمينَ وأَمَّرَ عَلَيهِم عبدَ اللهِ بنَ جَحشٍ الأسَدِيَّ، فانطَلَقوا حَتَّى هَبَطوا نَخلَةَ، فوَجَدوا بها عمرَو بنَ الحَضرَمِىِّ في عيرِ تِجارَةٍ لِقُرَيشٍ. فذَكَرَ الحديثَ في قَتلِ ابنِ الحَضرَمِيِّ ونُزولِ قَولِه:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} قال: فبَلَغَنا أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَقَلَ ابنَ الحَضرَمِيِّ، وحَرَّمَ الشَّهرَ الحَرامَ كما كان يُحَرِّمُه، حَتَّى أنزَلَ اللهُ عز وجل {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}
(2)
.
قال الشيخُ رحمه الله: وكأَنَّه أرادَ قَولَ اللهِ عز وجل: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ
(1)
أخرجه أبو يعلى (1534) بتمامه، والنسائي في الكبرى (8803) مختصرًا، والطبراني (1670) من طريق معتمر به. وقال الهيثمي في المجمع 6/ 198: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
(2)
المصنف في الدلائل 3/ 17، 18. وأخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 45 من طريق على بن محمد بن عيسي به. وابن جرير في تفسيره 3/ 650 - 653 من طريق الزهري به. وسيأتي في (18046).