الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَتلُ أبي رافِعٍ عبدِ اللهِ بنِ أبي الحُقَيقِ
ويُقالُ: سَلَّامُ بنُ أبي الحُقَيقِ.
18155 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنِي أبو عبدِ اللهِ محمدُ بنُ أحمدَ الجَوهَرِيُّ، حدثنا أبو جَعفَرٍ أحمدُ بنُ موسَى الشَّطَوِيُّ، حدثنا محمدُ ابنُ سابِقٍ، حدثنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن البَراءِ قال: بَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أبي رافِعٍ اليَهودِيِّ، وكانَ يَسكُنُ أرضَ الحِجازِ، فنَدَبَ له سَرايا مِنَ الأنصارِ، وأَمَّرَ عبدَ اللهِ بنَ عَتيكٍ، وكانَ أبو رافِعٍ يُؤذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ويُعينُ عَلَيه، وكانَ في حِصنٍ له بأَرضِ الحِجازِ، فلَمّا دَنَوا مِنه وقَد غَرَبَتِ الشَّمسُ وراحَ النّاسُ بسَرْحِهِم
(1)
، فقالَ لَهُم عبدُ اللهِ: اجلِسوا مَكانَكُم، فإِنِّي مُنطَلِقٌ فمُتَطَلِّعٌ الأبوابَ لَعَلِّي أدخُلُ فأَقتُلَه. حَتَّى إذا دَنا مِنَ البابِ تَقَنَّعَ بثَوبِه كأنَّه يَقضِي حاجَةً، وقَد دَخَلَ الناسُ، فهَتَفَ به البَوّابُ فقالَ: يا عبدَ اللهِ، إن كُنتَ تُريدُ أن تَدخُلَ فادخُلْ فإِنِّي أُريدُ أن أُغلِقَ البابَ. قال: فدَخَلتُ، فلَمّا دَخَلَ الناسُ أغلَقَ البابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأقاليدَ
(2)
على وتِدٍ. قال: فقُمتُ إلَى الأقاليدِ فأَخَذتُها ففَتَحتُ البابَ، وكانَ أبو رافِعٍ يُسمَرُ عِندَه في عَلالٍ
(3)
له، فلَمّا نَزَلَ عنه أهلُ سَمَرِه صَعِدتُ إلَيه، فجَعَلتُ كُلَّما فتَحتُ بابًا أغلَقتُ عليَّ مِن داخِلٍ، فقُلتُ: إنِ القَومُ نَذِروا بي
(4)
لَم يَخلُصوا إلَيَّ حَتَّى أقتُلَه. قال:
(1)
السرح: الإبل التي تسرح في المرعى. المفهم 3/ 673.
(2)
الأقاليد: المفاتيح، لغة يمانية. مشارق الأنوار 2/ 184.
(3)
العلالى: جمع عُلِّيَّة، بتشديد التحتانية، وهي الغرفة. فتح الباري 7/ 344.
(4)
نذروا بي: شعروا بي وعلموا بمكاني. ينظر معالم السنن 1/ 70.
فانتَهَيتُ إلَيه فإِذا هو في بَيتٍ مُظلِمٍ وسْطَ عيالِه لا أدرِى أينَ هو مِنَ البَيتِ، فقُلتُ: أبا رافِعٍ. قال: مَن هَذا؟ فأَهوِى نَحوَ الصَّوتِ فأَضرِبُه ضَربَةً غَيرَ طائلٍ
(1)
وأَنا دَهِشٌ، فلَم أُغنِ عنه شَيئًا، وصاحَ فخَرَجتُ مِنَ البَيتِ فمَكَثتُ غَيرَ بَعيدٍ، ثُمَّ جِئتُ فقُلتُ: ما هذا الصوتُ يا أبا رافِعٍ؟ فقالَ: لأُمِّكَ الوَيلُ، رَجُلٌ في البَيتِ ضَرَبَني قُبَيلُ
(2)
بالسَّيفِ. قال: فأَضرِبُه ضَربَةً ثانيَةً ولَم أقتُلْه، تُمَّ وضَعتُ ضُبابَةَ
(3)
السَّيفِ في بَطنِه، ثُمَّ اتَّكَيتُ عَلَيه حَتَّى سَمِعتُه أخَذَ في ظَهرِه، فعَرَفتُ أنِّي قَد قَتَلتُه، فجَعَلتُ أفتَحُ الأبوابَ بابًا بابًا، حَتَّى انتَهَيتُ إلَى دَرَجَةٍ فوَضَعتُ رِجلِي وأَنا أُرَى أنِّي قَدِ انتَهَيتُ إلَى الأرضِ، فوَقَعتُ في لَيلَةٍ مُقمِرَةٍ، فانكَسَرَت رِجلِي، فعَصَبتُها بعِمامَتِى، ثُمَّ إنِّي انطَلَقتُ حَتَّى جَلَستُ عِندَ البابِ، قُلتُ: واللهِ لا أخرُجُ اللَّيلَةَ حَتَّى أعلَمَ أنِّي قَد قَتَلتُه أو لا، فلَمّا صاحَ الدّيكُ قامَ النّاعِي على السُّورِ فقالَ: أنعَي أبا رافِعٍ تاجِرَ أهلِ الحِجازِ. فانطَلَقتُ أتَعَجَّلُ إلَى أصحابِي فقُلتُ: النَّجاءَ، قَد قَتَلَ اللهُ أبا رافِعٍ. حَتَّى انتَهَينا إلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فحَدَّثتُه فقالَ:"ابسُطْ رِجلَكَ". فبَسَطتُها، فمَسَحَها،
(1)
غير طائل: أي: غير ماض. معالم السنن 2/ 198.
(2)
في م: "قبل".
(3)
كذا في النسخ، قال ابن حجر عن روايات البخاري: قوله: ضبيب السيف. بضاد معجمة مفتوحة
وموحدتين، وزن رغيف. قال الخطابي: هكذا يروى، وما أراه محفوظًا، وإنما هو ظبة السيف،
وهو حرف حد السيف، ويجمع على ظبات: قال: والضبيب لا معنى له هنا؛ لأنه سيلان الدم من
الفم. وقال عياض: هو في رواية أبي ذر بالصاد المهملة، وكذا ذكره الحربي، وقال: أظنه طرفه.
وفي رواية غير أبي ذر بالمعجمة، وهو طرف السيف. فتح الباري 7/ 344، وينظر مشارق الأنوار
2/ 37، 38.
فكأنَّما لَم أشتَكِها قَطُّ
(1)
.
18156 -
وأخبرَنا أبو عمرٍو الأديبُ، أخبرَنا أبو بكرٍ الإسماعيلِيُّ، أخبرَنِي الحَسَنُ بنُ سُفيانَ، حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، أخبرَنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسَى (ح) قال: وأَخبَرَنِي المَنيعِيُّ، حدثنا أبو بكرِ ابنُ أبي شَيبَةَ، حدثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ موسَى، أخبرَنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن البَراءِ قال: بَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أبي رافِعٍ اليَهودِيِّ رِجالًا مِنَ الأنصارِ، وأَمَّرَ عَلَيهِم عبدَ اللهِ بنَ فُلانٍ. وذَكَرَ الحديثَ بنَحوِه، غَيرَ أنَّه قال: فإِنِّي مُنطَلِقٌ فمُتَلَطِّفٌ لِلبَوّابِ. وقالَ: فدَخَلتُ فكَمَنتُ، فلَمّا دَخَلَ النّاسُ أغلَقَ البابَ، ثُمَّ عَلَّقَ الأقاليدَ على وتِدٍ
(2)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن يوسُفَ بنِ موسَى عن عُبَيدِ اللهِ بنِ موسَى
(3)
.
ويُذكَرُ مِن وجهٍ آخَرَ أن ذَلِكَ كان بخَيبَرَ، وأَنَّ عبدَ اللهِ بنَ أُنَيسٍ هو الَّذِي قَتَلَه.
وفِي حَديثٍ آخَرَ أن عبدَ اللهِ بنَ أُنَيسٍ ضَرَبَه وابنَ عَتيكٍ ذَفَّفَ عَلَيه
(4)
وفِي الرِّواياتِ كُلِّها أن ابنَ عَتيكٍ سَقَطَ فوُثِئَت
(5)
رِجلُه.
(1)
أخرجه البخاري (3022) من طريق أبي إسحاق به.
(2)
في م: "ود". وهو الوتد على لغة نجد. ينظر التاج 9/ 249 (و ت د). والحديث عند المصنف في الدلائل 4/ 36، 37.
(3)
البخاري (4039).
(4)
بعده في م: "وفي الروايات كلها أن ابن عتيك ذفف عليه". وذفف عليه: أجهز عليه. ينظر غريب الحديث لأبي عبيد 4/ 32، 33.
(5)
وُثِئَت: أصاب العظم وهن لا يبلغ الكسر. المغرب 2/ 340.