الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَربِ. فلا أحفَظُ ذَلِكَ مِن وجهٍ يَثبُتُ عِندَ الانفِرادِ، ولا أعلَمُه مَشهورًا عِندَ عَوامِّ أهلِ العِلمِ بالمَغازِى
(1)
.
وأخبرَنا أبو علىٍّ الرُّوذْبارِىُّ، أخبرَنا أبو بكرِ ابنُ داسَةَ قال: قال أبو داودَ السِّجِستانِىُّ: هذا الحديثُ لَيسَ بذَلِكَ القَوِىِّ، وقَد جاءَ فيه نَهىٌ كَثيرٌ عن أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(2)
.
قال الشيخُ رحمه الله: الحُفّاظُ يَتَوَقَّونَ ما يَنفَرِدُ به ابنُ إسحاقَ، وإِن صَحَّ فلَعَلَّ جَعفَرًا لَم يَبلُغْه النَّهىُ، واللهُ أعلَمُ.
بابُ الرُّخصَةِ في عَقرِ دابَّةِ مَن يُقاتِلُه في
(3)
حالِ القِتالِ
أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، أخبرَنا الرَّبيعُ قال: قال الشّافِعِىُّ رحمه الله: قَد عَقَرَ حَنظَلَةُ بنُ الرّاهِبِ بأَبِى سُفيانَ ابنِ حَربٍ يَومَ أُحُدٍ، فاكتَسَعَت
(4)
فرَسُه به، فسَقَطَ عَنها، فجَلَسَ على صَدرِه ليَذبَحَه، فرآه ابنُ شَعوبَ فرَجَعَ إلَيه يَعدو كأنَّه سَبُعٌ، فقَتَلَه واستَنقَذَ أبا سُفيانَ مِن تَحتِه. قال: فقالَ أبو سُفيانَ مِن بعدِ ذَلِكَ:
فلَو شِئتُ نَجَّتنِى كُمَيتٌ رَجِيلَةٌ ولَم أحمِلِ النَّعماءَ لاِبنِ شَعوبِ وما زالَ مُهرِى مُزجَرَ الكَلبِ مِنهُمُ لَدَى غُدوَةٍ حَتَّى دَنَت لِغُروبِ
(1)
الأم 4/ 259.
(2)
أبو داود عقب (2573).
(3)
ليس في: م.
(4)
اكتسعت: سقطت من ناحية مؤخرها. ينظر غريب الحديث لابن الجوزى 2/ 290.
[أُقاتِلُهُم طُرًّا وأَدعو]
(1)
يالَ غالِبٍ وأَدفَعُهُم عَنِّى برُكنٍ صَليبِ.
18191 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الجَبّارِ، حدثنا يونُسُ بنُ بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ، عن الزُّهرِىِّ وغَيرِه في قِصَّةِ أُحُدٍ. فذَكَرَ قِصَّةَ حَنظَلَةَ مَعَ أبى سُفيانَ، وما كان مِن مَعونَةِ ابنِ شَعوبَ أبا سُفيانَ وقَتلِه حَنظَلَةَ، إلَّا أنَّه لَم يَذكُرِ العَقرَ، ثُمَّ ذَكَرَ أبياتَ أبى سُفيانَ بنَحوٍ مِمّا ذَكَرَهُنَّ الشّافِعِىُّ، وزادَ عَلَيهِنَّ، قال ابنُ إسحاقَ: واسمُ ابنِ شَعوبَ: شَدّادُ بنُ الأسوَدِ. كَذا قالَ.
وقَد ذَكَرَ الواقِدِىُّ في هذه القِصَّةِ عَقرَه فرَسَه:
18192 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا محمدُ بنُ أحمدَ الأصبَهانِىُّ، حدثنا الحَسَنُ بنُ الجَهمِ، حدثنا الحُسَينُ بنُ الفَرَجِ، حدثنا محمدُ بنُ عُمَرَ الواقِدِىُّ، عن شُيوخِه فذَكَروا قِصَّةَ حَنظَلَةَ قالوا: وأَخَذَ حَنظَلَةُ ابنُ أبى عامِرٍ سِلاحَه، فلَحِقَ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأُحُدٍ وهو يُسَوِّى الصُّفوفَ، فلَمّا انكَشَفَ المُشرِكونَ اعتَرَضَ حَنظَلَةُ لأبِى سُفيانَ ابنِ حَربٍ، فضَرَبَ عُرقوبَ فرَسِه، فاكتَسَعَتِ الفَرَسُ، ويَقَعُ أبو سُفيانَ إلَى الأرضِ، فجَعَلَ يَصيحُ: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، أنا أبو سُفيانَ ابنُ حَربٍ. وحَنظَلَةُ يُريدُ ذَبحَه بالسَّيفِ، فأَسمَعَ الصَّوتُ رِجالًا لا يَلتَفِتونَ إلَيه في الهَزيمَةِ حَتَّى عايَنَه الأسوَدُ
(1)
في حاشية الأصل: "أقاتلهم أدعوهم".
والأثر عند المصنف في المعرفة (5414)، وفى الأم 4/ 245. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 23/ 442 من طريق المصنف به.
ابنُ شَعوبَ، فحَمَلَ على حَنظلَةَ بالرُّمحِ فأَنفَذَه وهَرَبَ أبو سُفيانَ
(1)
.
18193 -
وأخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الفَضلِ ابنُ إبراهيمَ، حدثنا أحمدُ بنُ سلمةَ، حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، أخبرَنا أبو عامِرٍ العَقَدِىُّ، حدثنا عِكرِمَةُ بنُ عَمّارٍ اليَمامِىُّ، عن إياسِ بنِ سلمةَ، عن أبيه. فذَكَرَ الحديثَ في الحُدَيبيَةِ ورُجوعِهِم إلَى المَدينَةِ، قال: فبَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهرًا مَعَ رَباح غُلامِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قال: وخَرَجتُ مَعَه بفَرَسِ طَلحَةَ أُنَدّيه
(2)
مَعَ الظَّهرِ، فلَمّا أصبَحنا إذا عبدُ الرَّحمَنِ بنُ عُيَينَةَ قَد أغارَ على ظَهرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاستاقَه أجمَعَ وقَتَلَ راعيَه، فقُلتُ: يا رَباحُ، خُذْ هذا الفَرَسَ فأَبلِغْه طَلحَةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ، وأَخبِرْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ المُشرِكينَ قَد أغاروا على سَرحِه. قال: ثُمَّ قُمتُ على ثَنيَّةٍ فاستَقبَلتُ المَدينَةَ فنادَيتُ ثَلاثَةَ أصواتٍ: يا صَباحاه. قال: ثُمَّ خَرَجتُ في آثارِ القَومِ أرميهِم بالنَّبلِ وأَرتَجِزُ:
أنا ابنُ الأكوَعِ
…
واليَومُ يَومُ الرُّضَّعِ
(3)
(1)
مغازى الواقدى 1/ 273.
(2)
في م: "أبديه". وقال القاضى عياض: كذا رواه بالباء بعضهم عن ابن الحذاء، وكذا قاله ابن قتيبة، أي: أخرجه إلى البدو وأبرزه إلى موضع الكلأ، وكل شئ أظهرته فقد أبديته، ورواه سائرهم:"أنديه". بالنون والدال مشددة، وهو أن تورد الماشية الماء فتبقى قليلًا ثم ترد إلى الرعى ساعة ثم ترد إلى الماء. مشارق الأنوار 1/ 81، وينظر غريب الحديث لأبى عبيد 4/ 13.
(3)
يوم الرضع: يوم هلاك اللئام، يقال: لئيم راضع: إذا كان يرضع اللبن من أخلاف إبله ولا يحلب لئلا يسمع صوت الحلب فيطلب منه اللبن. وقيل: معناه: اليوم يعرف من أرضعته كريمة فأنجبته أو لئيمة فهجنته، وقيل: معناه: اليوم يظهر من أرضعته الحرب من صغره. مشارق الأنوار 1/ 293.
قال: فأَرمِى رَجُلًا فأَضَعُ السَّهمَ حَتَّى يَقَعُ في كَتِفِه، وقلتُ:
خُذْها وَانا ابنُ الأكْوَعِ
…
واليَومُ يَومُ الرُّضَّعِ
قال: فواللَّهِ ما زِلتُ أرميهِم وأَعقِرُ بهِم، فإِذا رَجَعَ إلَىَّ فارِسٌ أتَيتُ شَجَرَةً فجَلَستُ في أصلِها فرَمَيتُه فعَقَرتُ به، فإِذا تَضايَقَ الجَبَلُ فدَخَلوا في مُتَضايِقٍ رَقِيتُ الجَبَلَ، ثُمَّ جَعَلتُ أُرَدّيهِم بالحِجارَةِ. قال: فما زِلتُ كَذَلِكَ أتَّبِعُهُم حَتَّى ما خَلَقَ اللهُ بَعيرًا مِن ظَهرِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا جعَلتُه وراءَ ظَهرِى وخَلَّوا بَينِى وبَينَه. وذَكَرَ الحديثَ إلَى أن قال: فما بَرِحتُ مَكانِي حَتَّى نَظَرتُ إلَى فوارِسِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَخَلَّلونَ الشَّجَرَ، وإِذا أوَّلُهُمُ الأخرَمُ الأسَدِىُّ، وعَلَى إثرِه أبو قَتادَةَ الأنصارِىُّ، وعَلَى إثرِه المِقدادُ بنُ الأسوَدِ الكِندِىُّ، فأَخَذتُ بعِنانِ فرَسِ الأخرَمِ قُلتُ: يا أخرَمُ، إنَّ القَومَ قَليلٌ، فاحذَرْهُم لا يَقتَطِعونَكَ حَتَّى يَلحَقَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَصحابُه. فقالَ: يا سلمةُ إن كُنتَ تُؤمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، وتَعلَمُ أن الجَنَّةَ حَقٌّ والنَّارَ حَقٌّ، فلا تَحُلْ بَينِى وبَينَ الشَّهادَةِ. فخَلَّيتُه، فالتَقَى هو وعَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عُيَينَةَ، فعَقَرَ الأخرَمُ بعَبدِ الرَّحمَنِ فرَسَه وطَعَنَه عبدُ الرَّحمَنِ فقَتَلَه، وتَحَوَّلَ عبدُ الرَّحمَنِ على فرَسِه فلَحِقَ أبو قَتادَةَ عبدَ الرَّحمَنِ فطَعَنَه فقَتَلَه، وعَقَرَ به عبدُ الرَّحمَنِ، فتَحَوَّلَ أبو قَتادَةَ على فرَسِ الأخرَمِ وخَرَجوا هارِبينَ. وذَكَرَ الحديثَ
(1)
. رَواه مسلمٌ في "الصحيح" عن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ
(2)
.
(1)
أخرجه ابن أبى شيبة (37999)، وأحمد (16539)، وأبو داود (2752)، وابن حبان (7173) من طريق عكرمة بن عمار به.
(2)
مسلم (1807/ 132).