الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ جَوازِ انفِرادِ الرَّجُلِ والرِّجالِ بالغَزوِ في بلادِ العَدوِّ
استِدلالًا بجَوازِ التَّقَدُّمِ على الجَماعَةِ وإِن كان الأغلَبُ أنَّها سَتَقتُلُه.
18246 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ الحَكَمِ، أخبرَنا ابنُ وهبٍ، أخبرَنِى حَيوَةُ بنُ شُرَيحٍ، عن يَزيدَ بنِ أبى حَبيبٍ، عن أسلَمَ أبى عِمرانَ قال: غَزَونا المَدينَةَ -يُريدُ القُسطُنطينيَّةَ- وعَلَى الجَماعَةِ عبدُ الرَّحمَنِ بنُ خالِدِ بنِ الوَليدِ، والرّومُ مُلصِقو ظُهورِهِم بحائطِ المَدينَةِ، فحَمَلَ رَجُلٌ على العَدوِّ، فقالَ النّاسُ: مَه مَه، لا إلَهَ إلا اللهُ! يُلقِى بيَدِه إلَى التَّهلُكَةِ! فقالَ أبو أيّوبَ: إنَّما أُنزِلَت هذه الآيَةُ فينا مَعشَرَ الأنصارِ، لما نَصَرَ اللهُ نَبيه وأَظهَرَ الإسلامَ قُلنا: هَلُمَّ نُقيمُ في أموالِنا ونُصلِحُها. فأَنزَلَ اللهُ تَعالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، فالإلقاءُ بأَيدينا إلَى التَّهلُكَةِ أن نُقيمَ في أموالِنا ونُصلِحَها ونَدَعَ الجِهادَ. قال أبو عِمرانَ: فلَم يَزَلْ أبو أيّوبَ يُجاهِدُ في سَبيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بالقُسطُنطينيَّةِ
(1)
.
وقَد مَضى في هذا المَعنَى أحاديثُ
(2)
.
18247 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللَّهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ شَيبانَ الرَّملِىُّ، حدثنا سفيانُ بنُ عُيَينَةَ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، سَمِعَ جابِرَ بنَ عبدِ اللَّهِ يقولُ: قال رَجُلٌ لِلنَبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَومَ أُحُدٍ:
(1)
الحاكم 2/ 84. وأخرجه أبو داود (2512) من طريق ابن وهب به. وتقدم في (17983).
(2)
ينظر ما تقدم في (17981 - 17987).
يا رسولَ اللهِ، إن قُتِلتُ فأَينَ أنا؟ قال:"في الجَنَّةِ". فأَلقَى تَمَراتٍ كُنَّ في يَدِه، ثُمَّ قاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
(1)
. وهَذا لَفظُ أحمدَ بنِ شَيبانَ. رَواه البخارىُّ في "الصحيح" عن عبدِ اللهِ بنِ محمدٍ، ورَواه مسلمٌ عن سعيدِ بنِ عمرٍو، كِلاهُما عن سُفيانَ
(2)
.
18248 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ وأبو بكرٍ أحمدُ بنُ الحَسَنِ القاضِى وأبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو قالوا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا العباسُ بنُ محمدٍ الدّورِىُّ، حدثنا أبو النَّضرِ هاشِمُ بنُ القاسِمِ
(3)
، حدثنا سُلَيمانُ بنُ المُغيرَةِ، عن ثابِتٍ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ قال: بَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بُسَيسَةَ عَينًا يَنظُرُ ما صَنَعَت عيرُ أبى سُفيانَ، فجاءَ وما في البَيتِ غَيرِى وغَيرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: لا أدرِى ما استَثنَى بَعضَ نِسائِه. فحَدَّثَه الحديثَ قال: فخَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فتَكَلَّمَ فقالَ: "إنَّ لَنا طَلِبَةً
(4)
، فمَن كان ظَهرُه حاضِرًا فليَركَبْ معنا". فَجَعَلَ رِجالٌ يَستأذِنونَ في ظُهرانِهِم في عُلوِ المَدينَةِ قال:"لا إلَّا مَن كان ظَهرُه حاضِرًا". فانطَلَقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَصحابُه حَتَّى سَبَقوا المُشرِكينَ إلَى بَدرٍ، وجاءَ المُشرِكونَ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لا يُقَدِّمَنَّ أحَدٌ مِنكُم إلَى شيءٍ حَتَّى أكونَ أنا أُوذِنُه". فدَنا
(1)
المصنف في الدلائل 3/ 243. وتقدم في (17974).
(2)
البخارى (4046)، ومسلم (1899/ 143).
(3)
بعده في س، م:"بن سليمان".
(4)
طَلِبة: شيئا نطلبه. مشارق الأنوار 1/ 319.
المُشرِكونَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قوموا إلَى جَنَّة عَرضُها السَّمَواتُ والأرضُ".
قال: يقولُ عُمَيرُ بنُ الحُمامِ الأنصارِىُّ: يا رسولَ اللَّهِ، جَنَّةٌ عَرضُها السَّمَواتُ والأرضُ؟ قال:"نَعَم". قال: بَخٍ بَخٍ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما يَحمِلُكَ
(1)
على قَولِكَ: بَخٍ بَخٍ؟ ". قال: لا واللهِ يا رسولَ اللَّهِ إلَّا رَجاةَ
(2)
أن أكونَ مِن أهلِها. قال: "فإِنَّكَ مِن أهلِها". فاختَرَجَ
(3)
تَمَراتٍ مِن قَرَنِه فجَعَلَ يأكُلُ مِنهُنَّ، ثُمَّ قال: لَئن أنا حَييتُ حَتَّى آكُلَ تَمَراتِى هذه إنَّها لَحَياةٌ طَويلَةٌ. قال: فرَمَى بما كان مَعَه مِنَ التَّمرِ ثُمَّ قاتَلَهُم حَتَّى قُتِلَ
(4)
. رَواه مسلمٌ في "الصحيح" عن أبى بكرِ ابنِ أبى النَّضرِ ومُحَمَّدِ بنِ رافِعٍ وغَيرِهِما عن أبى النَّضرِ
(5)
.
18249 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الجَبّارِ، حدثنا يونُسُ بنُ بُكَيرٍ، عن ابنِ إسحاقَ، حَدَّثَنِى عاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتادَةَ قال: لما التَقَى النّاسُ يَومَ بَدرٍ قال عَوفُ ابنُ عَفراءَ ابنُ الحارِثِ: يا رسولَ اللهِ، ما يُضحِكُ الرَّبَّ تبارك وتعالى مِن عبدِهِ؟ قال:"أن يَراه قَد غَمَسَ يَدَه في القِتالِ يُقاتِلُ حاسِرًا". فنَزَعَ عَوفٌ دِرعَه ثُمَّ تَقَدَّمَ فقاتَلَ حَتَّى قُتِلَ
(6)
.
(1)
في س، م:"حملك".
(2)
في س، م:"رجاء".
(3)
في س، م:"فأخرج". واخترج: أخرج. المحكم 4/ 371.
(4)
أخرجه أحمد (12398)، وأبو داود (2618) من طريق أبى النضر هاشم بن القاسم به.
(5)
مسلم (1901/ 145).
(6)
ابن إسحاق -كما في سيرة ابن هشام 1/ 627، ومن طريقه ابن أبى شيبة (19730)، وابن جرير في تاريخه 2/ 448، 449، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5525).
18250 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ بِشْرانَ، أخبرَنا إسماعيلُ بنُ محمدٍ، حدثنا سَعدانُ بنُ نَصرٍ، حدثنا سفيانُ بنُ عُيَينَةَ، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ قال: قَد بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ وخَبّابًا سَريَّةً، وبَعَثَ دِحيَةَ سَريَّةً وحدَه
(1)
.
18251 -
أخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبى عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ الأصَمُّ، أخبرَنا الرَّبيعُ، أخبرَنا الشّافِعِىُّ، أن رَجُلًا مِنَ الأنصارِ تَخَلَّفَ من أصحابِ بئرِ مَعونَةَ، فرأى الطَّيرَ عُكوفًا على مَقتلَةِ أصحابِه، فقالَ لِعَمرِو بن أمَيَّةَ: سأتَقَدَّمُ على هَؤُلاءِ العَدوِّ فيَقتُلونِى ولا أتَخَلَّفُ عن مَشهَدٍ قُتِلَ فيه أصحابُنا. ففَعَلَ فقُتِلَ، فرَجَعَ عمرُو بنُ أُمَيَّةَ فذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ فيه قَولًا حَسَنًا، ويُقالُ: قال لِعَمرٍو: "فهَلَّا تَقَدَّمتَ فقاتَلتَ حَتَّى تُقتَلَ؟ "
(2)
.
قال الشّافِعِىُّ رحمه الله: وبَعَثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عمرَو بنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىَّ ورَجُلًا مِنَ الأنصارِ سَريَّةً وحدَهُما، وبَعَثَ عبدَ اللهِ بنَ أُنَيسٍ سَريَّةً وحدَه
(3)
.
وقَد ذَكَرنا إسنادَهُما في هذا الكِتابِ
(4)
.
(1)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 17/ 210، 211 من طريق المصنف به. وابن عبد البر في التمهيد 11/ 7 من طريق سعدان بن نصر به. وابن أبى شيبة (34206) من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
المصنف في المعرفة (5431)، والشافعى 4/ 242.
(3)
الأم 7/ 353.
(4)
سيأتى بعث عمرو بن أمية في (18818)، وتقدم بعث عبد الله بن أنيس في (6091).