الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورَواه أيضًا قَتادَةُ عن الحَسَنِ
(1)
.
بابُ قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ في التَّبييتِ والغارَةِ مِن غَيِر قَصدٍ، وما ورَدَ في إباحَةِ التَّبييتِ
18146 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ وأبو زَكَريّا ابنُ أبي إسحاقَ وأبو بكرٍ أحمدُ بنُ الحَسَنِ قالوا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سُلَيمانَ، أخبرَنا الشَّافِعِيُّ، أخبرَنا ابنُ عُيَينَةَ، عن الزُّهرِيِّ، عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ، عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: أخبرَنِي الصَّعبُ بنُ جَثّامَةَ أنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُسأَلُ عن أهلِ الدّارِ مِنَ المُشرِكينَ يُبيَّتونَ
(2)
فيُصابُ مِن نِسائهِم وذَراريِّهِم، فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هُم مِنهُم". وزادَ عمرُو بنُ دينارٍ عن الزُّهرِيِّ: "هُم مِن آبائِهِم". لَفظُ حَديثِ أبي عبدِ اللهِ، وفِي رِوايَتِهِما: ورُبَّما قال سفيانُ في الحديثِ: "هُم مِن آبائِهِم"
(3)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن عليِّ بنِ عبدِ اللهِ، ورَواه مسلمٌ عن يَحيَى بنِ يَحيَى وغَيرِه، كُلُّهُم عن سُفيانَ
(4)
.
18147 -
وأخبرَنا أبو عبدِ اللهِ وأبو زَكَريّا وأبو بكرٍ قالوا: حدثنا
(1)
سيأتي في (18380).
(2)
يبيتون: يوقع بهم ليلًا، وهو من البيات. مشارق الأنوار 1/ 105.
(3)
المصنف في الصغرى (3615)، والمعرفة (5397)، والشافعي 4/ 239. وأخرجه أحمد (16669)، وأبو داود (2672)، والنسائي في الكبرى (8622)، وابن ماجه (2839)، وابن حبان (136) من طريق سفيان بن عيينة به.
(4)
البخاري (3012)، ومسلم (1745/ 26).
أبو العباسِ، أخبرَنا الرَّبيعُ، أخبرَنا الشّافِعِيُّ، عن سُفيانَ، عن الزُّهرِيِّ، عن ابنِ كَعبِ بنِ مالكٍ، عن عَمِّه، أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لما بَعَثَ إلَى ابنِ أبي الحُقَيقِ نَهى عن قَتلِ النِّساءِ والوِلدانِ
(1)
. لَفظُ حَديثِ أبي عبدِ اللهِ.
زادَ أبو عبدِ اللهِ في رِوايَتِه: قال الشّافِعِيُّ: فكانَ سفيانُ يَذهَبُ إلَى أنَّ قَولَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "هُم مِنهُم". إباحَةٌ لِقَتلِهِم، وأَنَّ حَديثَ ابنِ أبي الحُقَيقِ ناسِخٌ له. قال: وكانَ الزُّهرِيُّ إذا حَدَّثَ بحَديثِ الصَّعبِ بنِ جَثّامَةَ أتبَعَه حَديثَ ابنِ كَعبِ بنِ مالكٍ. قال الشّافِعِيُّ رحمه الله: وحَديثُ الصَّعبِ بنِ جَثّامَةَ كان في عُمرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فإِن كان في عُمرَتِه الأولَى فقَد قُتِلَ ابنُ أبي الحُقَيقِ قَبلَها، وقيلَ: في سَنَتِها، وإِن كان في عُمرَتِه الآخِرَةِ فهو بَعدَ أمرِ ابنِ أبي الحُقَيقِ غَيرَ شَكٍّ، واللهُ أعلمُ. قال: ولَم نَعلَمْه رَخَّصَ في قَتلِ النِّساءِ والوِلدانِ ثُمَّ نَهَى عنه، ومَعنَى نَهيِه عِندَنا -واللهُ أعلمُ- عن قَتلِ النِّساءِ والوِلدانِ، أن يَقصِدَ قَصدَهُم بقَتلٍ وهُم يُعرَفونَ مُمَيَّزينَ مِمَّن أمَرَ بقَتلِه مِنهُم. قال: ومَعنَى قَولِه: "هُم مِنهُم". أنَّهُم يَجمَعونَ خَصلَتَينِ؛ أن لَيسَ لَهُم حُكمُ الإيمانِ الَّذِي يَمنَعُ الدَّمَ، ولا حُكمُ دارِ الإيمانِ الَّذِي يَمنَعُ الغارَةَ على الدّارِ
(2)
.
قال الشيخُ رحمه الله: أمّا قَولُه في حَديثِ الصَّعبِ بنِ جَثّامَةَ أن ذَلِكَ كان في عُمرَتِهِ. فإِنَّما قال ذَلِكَ استِدلالًا بما:
18148 -
أخبرَنا أبو عمرٍو البِسطامِيُّ، أخبرَنا أبو بكرٍ الإسماعيلِيُّ،
(1)
المصنف في المعرفة (5393)، والشافعي 4/ 239. وتقدم في (18141).
(2)
الرسالة ص 298 - 300.
حدثنا جَعفَرٌ الفارِيابِيُّ، حدثنا عليُّ بنُ المَدينِيِّ، حدثنا سفيانُ، حدثنا الزُّهرِيُّ، عن عُبَيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ، عن ابنِ عباسٍ، عن الصَّعبِ بنِ جَثّامَةَ قال: مَرَّ بي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَنا بالأبواءِ أو بوَدّانَ، فأَهدَيتُ إلَيه لَحمَ حِمارِ وحشٍ فرَدَّه عليَّ، فلَمّا رأى الكَراهَةَ في وجهِي قال:"إنَّه لَيسَ بنا رَدٌّ عَلَيكَ، ولَكِنّا حُرُمٌ"
(1)
. قال: وسُئلَ عن ذَرارِيِّ المُشرِكينَ فيُبَيَّتونَ فيُصابُ مِن نِسائهِم وذَراريِّهِم، فقالَ:"هُم مِنهُم"
(2)
. قال: وسمِعتُه يقولُ: "لا حِمَى إلَّا للهِ ولِرسولِه"
(3)
. قال عليٌّ: فرَدَّدَه سفيانُ في هذا المَجلِسِ مَرَّتَينِ، ثُمَّ قال: حَفِظتُه غَيرَ مَرَّةٍ: سَمِعتُه. وكانَ إذا حَدَّثَ بهَذا الحديثِ قال: وأَخبَرَنِي ابنُ كَعبِ بنِ مالكٍ، عن عَمِّه، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لما بَعَثَ إلَى ابنِ أبي الحُقَيقِ نَهَى عن قَتلِ النِّساءِ والوِلدانِ
(4)
.
وأَمّا تاريخُ قَتلِ ابنِ أبي الحُقَيقِ وتاريخُ عُمرَتِه فقَد:
18149 -
أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، حدثنا أحمدُ بنُ عبدِ الجَبّارِ، حدثنا يونُسُ بنُ بُكَيرٍ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ هو ابنُ يَسارٍ قال: فلَمّا انقَضَى أمرُ الخَندَقِ وأَمرُ بَنِي قُرَيظَةَ، وكانَ أبو رافِعٍ سَلَّامُ بنُ أبي الحُقَيقِ ممَّن كان حَزَّبَ الأحزابَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، استأْذَنَتِ الخَزرَجُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في قَتلِ سَلَّامِ بنِ أبي الحُقَيقِ، وكانَ بخَيبَرَ،
(1)
تقدم في (10017، 10019، 10020).
(2)
تقدم في (18146).
(3)
تقدم في (13501).
(4)
تقدم في (18141، 18147).
فأَذِنَ لَهُم فيه. قال: ثُمَّ غَزا بَنِي المُصطَلِقِ في شَعبانَ سنةَ سِتٍّ، ثُمَّ خَرَجَ في ذِي القَعدَةِ مُعتَمِرًا عامَ الحُدَيبيَةِ
(1)
.
قال الشيخُ: ثُمَّ كانَت عُمرَتُه التي تُسَمَّى عمْرَةَ القَضاءِ، ثُمَّ عُمرَةُ الجِعرانَةِ، ثُمَّ عُمرَتُه في سنةِ حَجَّتِه، كُلُّهُنَّ بَعدَ ذَلِكَ، وقَتْلُ ابنِ أبي الحُقَيقِ كان قَبلَهُنَّ، فكَيفَ يَكونُ نَهيُه في قِصَّةِ ابنِ أبي الحُقَيقِ عن قَتلِ النِّساءِ والوِلدانِ ناسِخًا لِحَديثِ الصَّعبِ بنِ جَثّامَةَ الَّذِي كان بَعدَه؟! وزَعَموا أنَّه هاجَرَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وماتَ في خِلافَةِ أبي بكرٍ، فإِن كان سَماعُه الحديثَ مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعدَما هاجَرَ، فيَكونُ ذَلِكَ أيضًا بَعدَ قِصَّةِ ابنِ أبي الحُقَيقِ؛ فإِنَّ في حَديثِ الهُدنَةِ ما دَلَّ على أنَّه أوَّلُ ما التَقَى بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فيَكونُ وجهُ الحديثينِ ما أشارَ إلَيه الشّافِعِيُّ رحمه الله مِنَ اختِلافِ الحالَينِ، واللهُ أعلَمُ.
واحتَجَّ الشّافِعِيُّ في جَوازِ التَّبييتِ أيضًا بما:
18150 -
أخبرَنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ الحَسَنِ وأبو زَكَريّا ابنُ أبي إسحاقَ المُزَكِّى قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سُلَيمانَ، أخبرَنا الشّافِعِيُّ، أخبرَنا عُمَرُ بنُ حَبيبٍ، عن عبدِ اللهِ بنِ عَونٍ، أنَّ نافِعًا كَتَبَ إلَيه يُخبِرُه أنَّ ابنَ عُمَرَ أخبَرَه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أغارَ على بَنِي المُصطَلِقِ وهُم غارّونَ في نَعَمِهِم بالمُرَيسيعِ، فقَتَلَ المُقاتِلَةَ وسَبَى الذُّرّيَّةَ
(2)
. أخرَجاه في
(1)
المصنف في الدلائل 4/ 33. وينظر أسد الغابة 1/ 101، وسيرة ابن هشام 2/ 274.
(2)
المصنف في المعرفة (5399)، والشافعي 4/ 239. وأخرجه البغوي في شرح السنة (2698) من طريق أبي بكر ابن الحسن به. وتقدم في (17940).
"الصحيح" مِن حَديثِ ابنِ عَونٍ كما مَضَى
(1)
.
18151 -
أخبرَنا أبو عليٍّ الرُّوذْبارِيُّ، أخبرَنا محمدُ بنُ بكرٍ، حدثنا أبو داودَ، حدثنا الحَسَنُ بنُ عليٍّ، حدثنا عبدُ الصَّمَدِ وأبو عامِرٍ، عن عِكرِمَةَ بنِ عَمّارٍ، حدثنا إياسُ بنُ سلمةَ، عن أبيه قال: أمَّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَينا أبا بكرٍ رضي الله عنه، فغَزَونا ناسًا مِنَ المُشرِكينَ فبَيَّتناهُم نَقتُلُهُم، وكانَ شِعارُنا تِلكَ اللَّيلَةَ: أمِتْ أمِتْ. قال: سَلَمَةُ: فقَتَلتُ بيَدِي تِلكَ اللَّيلَةَ سَبعَةَ أهلِ أبياتٍ مِنَ المُشرِكينَ
(2)
.
18152 -
وأَمّا الحديثُ الَّذِي أخبرَنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ، أخبرَنا أبو الحَسَنِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ عَبدوسٍ، حدثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، حدثنا القَعنَبِيُّ فيما قرأَ على مالكٍ، عن حُمَيدٍ الطَّويلِ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلَى خَيبَرَ فجاءَها لَيلًا، وكانَ إذا جاءَ قَومًا بلَيلٍ لا يُغِيرُ عَلَيهِم حَتَّى يُصبحَ، فلَمّا أصبَحَ خَرَجَت يَهودُ بمَساحيهِم ومَكاتِلِهِم، فلَمّا رأَوه قالوا: محمدٌ واللهِ، محمدٌ والخَميسُ. فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اللهُ أكبَرُ، خَرِبَت خَيبَرُ، إنَّا إذا نَزَلنا بساحَةِ قَومٍ فساءَ صَباحُ المُنذَرينَ"
(3)
. رَواه البخاريُّ في "الصحيح" عن القَعنَبِيِّ
(4)
.
(1)
البخاري (2541)، ومسلم (1730/ 1).
(2)
أبو داود (2638). وتقدم في (13184). وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (2297).
(3)
مالك 2/ 468، ومن طريقه الترمذي (1550)، والنسائي في الكبرى (8598)، وابن حبان (4746). وتقدم في (3280، 3282، 18036).
(4)
البخاري (2945).
18153 -
وأَمّا الحديثُ الَّذِي أخبرَنا أبو زَكَريّا ابنُ أبي إسحاقَ المُزَكِّى وأبو بكرِ ابنُ الحَسَنِ القاضِي قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ، أخبرَنا الرَّبيعُ بنُ سُلَيمانَ، أخبرَنا الشّافِعِيُّ، أخبرَنا عبدُ الوَهّابِ الثَّقَفِيُّ، عن حُمَيدٍ، عن أنَسٍ قال: سارَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى خَيبَرَ، فانتَهَى إلَيها لَيلًا، وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا طَرَقَ قَومًا لَم يُغِرْ عَلَيهِم حَتَّى يُصبِحَ، فإِن سَمِعَ أذانًا أمسَكَ، وإِن لَم يَكونوا يُصَلّونَ أغارَ عَلَيهِم حينَ يُصبحُ، فلَمّا أصبَحَ رَكِبَ ورَكِبَ المُسلِمونَ، وخَرَجَ أهلُ القَريَةِ ومَعَهُم مَكاتِلُهُم ومَساحيهِم، فلَمّا رأَوا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالوا: محمدٌ والخَميسُ. فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللهُ أكبَرُ، خَرِبَت خَيبَرُ، إنّا إذا نَزَلنا بساحَةِ قَومٍ فساءَ صَباحُ المُنذَرينَ". قال أنَسٌ: وإِنِّي لَرِدفٌ لأبِي طَلحَةَ، وإِنَّ قَدَمِي لَتَمَسُّ قَدَمَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1)
.
18154 -
وأخبرَنا أبو سعيدِ ابنُ أبي عمرٍو، حدثنا أبو العباسِ، أخبرَنا الرَّبيعُ قال: قال الشّافِعِيُّ في رِوايَةِ أنَسٍ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان لا يُغيرُ حَتَّى يُصبحَ: لَيسَ بتَحريمٍ لِلإِغارَةِ لَيلًا ولا نَهارًا ولا غارّينَ في حالٍ، واللهُ أعلمُ، ولَكِنَّه على أن يَكونَ يُبصِرُ مَن مَعَه كَيفَ يُغيرونَ؛ احتياطًا مِن أن يُؤتَوا مِن كَمينٍ، أو مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ، وقَد يَختَلِطُ الحَربُ إذا أغاروا لَيلًا فيَقتُلُ بَعضُ المُسلِمينَ بَعضًا، قَد أصابَهُم ذَلِكَ في قَتلِ ابنِ عَتيكٍ فقَطَعوا رِجلَ أحَدِهِم. قال الشّافِعِيُّ: قَد أمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالغارَةِ على غَيرِ واحِدٍ مِن يَهودَ فقَتَلوه
(2)
.
(1)
المصنف في المعرفة (5400)، والشافعي 4/ 252. وقال الذهبي 7/ 3606: إسناده صحيح.
(2)
الأم 4/ 252.