الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال تعالى {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190]
[33] قال عكرمة: لم يخصَّ بها آدم ولكن جعلها عامة لجميع بنى آدم بعد آدم
.
قال الحسين بن الفضل: (وهذا أعجب
(1)
إلى أهل النظر لما في القول الأول من إلصاق العظائم بنبي الله آدم عليه السلام.
الكشف والبيان للثعلبي
(2)
/ 316
(3)
الدراسة
ذكر العلماء قولين معروفين مشهورين في المقصود في قوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}
الأول: أنها في آدم وحواء، وذُكر فيما جرى بين آدم عليه السلام وحواء وإبليس محاورات اُعتمد فيها على حديث مرفوع
(4)
وأثر موقوف على ابن عباس رضي
(1)
(أعجب) أثبتها من نهاية البيان لوضوحها وهي في الكشف والبيان (حجب).
(2)
وافقه المعافي الموصلي في نهاية البيان ص: 481، والقرطبي في تفسيره 7/ 297.
(3)
ت: ابن عاشور.
(4)
قال الإمام أحمد – رحمه الله – في معنى هذه الآية: حدثنا عبد الصمد حدثنا عمر بن إبراهيم حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال: سمِّيه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش. وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره) مسنده ح: 20378 ص: 1475 وهكذا رواه ابن جرير عن محمد بن بشار عن عبد الصمد بن عبد الوراث به. ورواه الترمذي عن محمد بن المثنى عن عبد الصمد به، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم، عن قتادة، ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه. جامعه (كتاب التفسير) باب ومن سورة الأعراف ح: 3077 ص 693. ورواه الحاكم في مستدركه من حديث عبد الصمد مرفوعاً، وقال هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه 2/ 594، ورواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره 5/ 1631 عن أبي زرعة الرازي عن هلال بن فياض عن عمر بن إبراهيم به مرفوعاً وقال ابن العربي في [أحكام القرآن] 2/ 355: " وذلك مذكور ونحوه في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره " وبمثله قال القرطبي في تفسيره 7/ 296. وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: والغرض أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه:
…
=أحدها: أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري، وقد وثقه ابن معين، ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به. ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعاً فالله أعلم.
…
الثاني: أنه قد روي من قول سمرة نفسه ليس مرفوعاً. كما قال ابن جرير ........
الثالث: أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا، فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعاً لما عدل عنه، قال ابن جرير حدثنا ابن وكيع حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن (جعلا له شركاء فيما آتاهما) قال كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم، ثم ساق ابن كثير باقي الروايات، ثم قال: وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الآية بذلك وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ولو كان هذا الحديث عنده محفوظاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره ولا سيما مع تقواه لله وورعه فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ويحتمل أنه تلقاه عن بعض أهل الكتاب من آمن منهم، مثل كعب أو وهب وغيرهما كما سيأتي بيانه إن شاء الله إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع والله أعلم. ينظر: 2/ 274/ 275.
وضعف هذا الحديث المذكور الذي رواه الإمام أحمد وغيره الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير وزيادته برقم 4769 ص: 687 و ينظر: السلسلة الضعيفة برقم 342 وقال الشيح ابن عثيمين: " وهذه القصة باطلة من وجوه وساق – رحمه الله – سبعة أوجه في بطلانها. ينظر: القول المفيد على كتاب التوحيد 3/ 84 - 86.
الله عنهما.
(1)
..
قال فيه ابن كثير: "وقد تلقَّى هذا الأثر عن ابن عباس من أصحابه كمجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومن الطبقة الثانية قتادة والسدي وغير واحد من السلف، وجماعة من الخلف ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة وكانَّه ـ والله أعلم ـ أصله مأخوذ من أهل الكتاب"
(2)
(3).
وبناءً على ما رُوي من المرفوع والموقوف ذهب جماعة من المفسرين إلى هذا القول وقالوا: إن هذا الذي وقع من آدم وحواء شرك في التسمية وليس شركاً في العبادة.
فيكون التشريك من جهة الطاعة ومعلوم أن كل عاصٍ مطيع للشيطان، الخ ..
(3)
وهذا القول نسبه ابن عطية وابن الجوزي
(4)
للجمهور
(5)
واختاره الزجاج
(6)
وابن جرير
(7)
ومال إليه ابن عطية
(8)
، وذكر البغوي أنه قول السلف مثل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – ومجاهد وسعيد بن المسيب، وجماعة من المفسرين.
(9)
(1)
رواه ابن جرير في تفسيره 9/ 173/ 174 وابن أبي حاتم في تفسيره 5/ 1633/ 1634.
(2)
ينظر: تفسير ابن كثير 2/ 275 وساق كلام ابن كثير السابق الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد وقال: " قلت: وهذا بعيد جداً " ص: 443. وعلَّق سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – على كلامه بقوله: " وما ساقه الشارح – رحمه الله – في قوله: (فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما) هو القول المعتمد الذي يدل عليه ظاهر القرآن ص: 443 وقد دلَّل الشيخ البهلال على صحة هذا الحديث وثبوته في كتابه تخريج أحاديث منتقدة في كتاب التوحيد ينظر: 109 - 120.
(3)
قال ابن العربي في (أحكام القرآن): "وفي الإسرائيليات كثير ليس لها ثبات، ولا يعول عليها من له قلب، فإن آدم وحواء وإن كان غرهما بالله الغرور فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وما كانا بعد ذلك ليقبلا له نصحاً ولا يسمعا منه قولاً " 2/ 355 وبمثله قال القرطبي في تفسيره 7/ 296.
(3)
يراجع المزيد في هذا: التمهيد لشرح كتاب التوحيد للشيخ: صالح آل الشيخ ص 497 - 499.
(4)
ابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي بن عبيد الله التميمي البغدادي، أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي، الحافظ، المفسر، الفقيه الواعظ، صاحب التصانيف الكثيرة، له: زاد المسير، صيد الخاطر، وغيرهما، توفي سنة (597 هـ)، ينظر: السير (21/ 365)، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 399.
(5)
ينظر: المحرر الوجيز 2/ 486 وزاد المسير 3/ 303.
(6)
ينظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 396
(7)
ينظر: تفسيره 9/ 176.
(8)
ينظر: المحرر الوجيز 2/ 487.
(9)
ينظر: تفسيره 2/ 182.
وذهب إليه الإمام محمد بن عبد الوهاب
(1)
في كتابه التوحيد
(2)
.
القول الثاني: أن المقصود هو ذرية آدم عليه السلام.
وهذا ما ذهب إليه الحسن البصري
(3)
ورجحه ابن العربي
(4)
والبيضاوي
(5)
والقرطبي
(6)
وأبو حيان
(7)
وابن كثير
(8)
وغيرهم
(9)
.
قال ابن القيم: " واللذان (جعلا له شركاء فيما آتاهما) المشركون من أولادهما، ولا يلتفت إلى غير ذلك مما قيل إن آدم وحواء، كانا لا يعيش لهما ولد فأتاهما إبليس فقال: إن أحببتما أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحارث، ففعلا، فإن الله اجتباه وهداه، فلم يكن ليشرك به بعد ذلك"
(10)
{جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ} أي جعل أولادهما له شركاء فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم
(11)
ويدل على هذا القول أمور منها:
(1)
محمد بن عبد الوهاب: محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي النجدي، أبو عبد الله، الإمام المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في القرن الثاني عشر، له عدة مؤلفات، منها: التوحيد، كشف الشبهات، وغيرهما، توفي سنة (1206 هـ) ينظر: علماء نجد لابن بسام (1/ 125)، الأعلام للزركلي (6/ 257).
(2)
ينظر: فتح المجيد ص: 445 وقرة عيون الموحدين ص: 219 للشيخ عبد الرحمن بن حسن شرح (كتاب التوحيد) للإمام محمد بن عبد الوهاب، وحاشية (كتاب التوحيد)، للشيخ عبد الرحمن بن قاسم، ص:335.
(3)
رواه عنه ابن جرير في تفسيره 6/ 175/ 176.
(4)
ابن العربي: محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسي الأشبيلي، أبو بكر بن العربي المالكي، العلامة المشهور، له: التفسير، أحكام القرآن، وغيرهما، توفي سنة (543 هـ)، ينظر: السير
…
(20/ 197)، طبقات المفسرين للسيوطي (ص: 90).
(5)
ينظر: تفسيره متن حاشية شيخ زاده 4/ 343/ 344
(6)
ينظر: تفسيره 7/ 297.
(7)
ينظر: البحر المحيط 4/ 438.
(8)
ينظر: تفسيره 2/ 275
(9)
كابن جزي الكلبي في التسهيل 2/ 57 والقاسمي في محاسن التأويل 7/ 317 وابن عثيمين في القول المفيد 3/ 86 وابن عاشور في التحرير والتنوير 8/ 386 والسعدي في تفسيره ص: 312 ومال إليه الشنقيطي في الأضواء 2/ 305.
(10)
بحثت عن مقولة ابن القيم هذه فيما تيسر لي من كتبه فلم أجدها، ولأهميتها نقلتها من حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص:236.
(11)
ينظر: تفسير المعافي الموصلى ص 480، والبحر المحيط 4/ 438.
1 -
أن القرآن شهد له بقوله بعده {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} ولم يقل يشركان
(1)
قال الشنقيطي: "وهذا نص قرآني صريح في أن المراد المشركون من بني آدم، لا آدم وحواء، واختار هذا الوجه غير واحد لدلالة القرآن عليه"
(2)
.
2 -
أن هذا القول يقتضي براءة آدم وحواء من قليل الشرك وكثيره ويسلّمهم من النقص الذي لا يليق بآحاد البشر فكيف بالانبياء.
(3)
.
إذا جُعلت الآية في آدم وحواء فهي تفتقر إلى نقل صحيح - كما ذكر سابقا.
قال ابن حزم: " وهذا الذي نسبوه إلى آدم عليه السلام من أنه سمى ابنه عبد الحارث خرافة، موضوعة، مكذوبة، من تأليف من لا دين له ولا حياء لم يصح سندها قط وإنما نزلت في المشركين على ظاهرها ".
(4)
" وذُكر غير ذلك"
(5)
.
وهذا القول الثاني هو الذي أيَّده الحسين، وعلَّل له بأنه الأليق بالأنبياء.
وهو الذي يوافق القاعدة التفسيرية التي ترجح أن القول الذي يعظم مقام النبوة ولا ينسب إليها ما لا يليق بها أولى بتفسير الآية.
(6)
(1)
ينظر: القول المفيد لابن عثيمين 3/ 86.
(2)
أضواء البيان 2/ 305.
(3)
ينظر: تفسير الرازي 15/ 70 والتسهيل لابن جزري 2/ 56 والقول المفيد 3/ 86.
(4)
الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/ 5. وابن حزم هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزْم الظاهري الأموي، مولاهم، الأندلسي القرطبي الإمام، الحافظ، أبو محمد، صاحب المصنفات، يقال إنه جمع أربعمائة مجلدة من تصنيفه في قريب من ثمانين ألف ورقة، توفي سنة (456 هـ). ينظر: مرآة الجنان (3/ 61)، البداية (15/ 796).
(5)
ينظر: تفسير الرازي 15/ 70/ 71.
(6)
ينظر في بيان هذه القاعدة: قواعد الترجيح للدكتور الحربي 1/ 328 - 343.