الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدراسة
ذكر تعالى أنه ما أصاب من مصيبة في الآفاق أو في أنفسكم إلا قد كُتب ذلك في العلم الأول من قبل أن تخلق نفوسكم، وهذا أمر عظيم تذهل عنده القلوب وتعجز عن إدراكه العقول، ولكنه على الله يسير
(1)
.
وأخبرهم جل في علاه – عن ذلك لأجل أن تتقرر تلك القاعدة عندهم فلا يأسَوا على ما فاتهم ولا يفرحوا بما آتاهم؛ لأنَّ كلَّ ذلك مقدر عند الله الحكيم العليم.
عن ابن عباس: (لكيلا لا تأسَوا على ما فاتكم) قال: الصبر عند المصيبة، والشكر عند النعمة وقال: ليس أحد إلا يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة فجعلها صبراً، ومن أصابه خير فجعله شكراً.
وعن ابن زيد في قوله تعالى {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}
قال: لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا، ولا تفرحوا بما آتاكم منها
(2)
.
وقال جعفر بن محمد الصادق: يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده إليك الفوت، ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يدك الموت
(3)
وفي نفس الأمر الحزن والفرح المنهيِّ عنهما هما اللذان يُتعدى فيهما إلى ما لا يجوز.
ويُعلم مما سبق صحة قول الحسين رحمه الله فلا تفرح يا ابن آدم بما أتاك ويلحقك من جراء ذلك مشقة، ولا تكترث بما فاتك وأرض بما قسم الله لك في الحالين لأن كل ما جرى عليك مكتوب ومقدر ـ والحمد لله رب العالمين ـ
(1)
هذا بيان لقوله تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} (الحديد: 22) و هذه الآية العظيمة من أقوى الأدلة على القدرية نفاة العلم – قبحهم الله -.
(2)
رواه عنهم ابن جرير في تفسيره 27/ 273.
(3)
ينظر: تفسير البغوي 4/ 329 وتفسير القرطبي 17/ 221.