الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113]
روى الشيخان عن سعيد بن المسيب
(1)
عن أبيه
(2)
قال: " لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أميه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
…
(أي عم) قُلْ: لا إله إلا الله، أحاجُّ بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرنَّ لك ما لم أنه عنك، فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}
(3)
.
[40] قال الحسين بن الفضل: (وهذا بعيد، لأن السورة من آخر ما نزل من القرآن، ومات أبو طالب في عنفوان
(4)
الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة)
.
الكشف والبيان للثعلبي
(5)
ص: 443.
(6)
الدراسة
عن البراء بن عازب
(7)
(أن آخر سورة أنزلت تامة سورة التوبة وآخر آية أنزلت آية الكلالة)
(8)
.
(1)
هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبى وهب القرشي المخزومي، أبو محمد، سيِّد التابعين، أحد العلماء الأثبات والفقهاء الكبار، مرسلاته أصح المراسيل، ومناقبه وفضائله كثيرة جداً. توفي بعد التسعين قبل 94 هـ، وقيل غير ذلك. ينظر: تهذيب الكمال (3/ 198)، والتقريب (2396).
(2)
المسيِّب بن حزن بن أبى وهب بن عمرو القرشي المخزومي، والد سعيِد، له ولأبيه صحبة كان ممن بايع تحت الشجرة، وقد شهد فتوح الشام، ولم يتحرر متى توفي. ينظر: الإصابة (3/ 420) والاستيعاب حاشية الإصابة (3/ 441).
(3)
صحيح البخاري (كتاب التفسير) باب قوله: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) ح: 4675، ص:: 802، 803، واللفظ له، وصحيح مسلم (كتاب الإيمان) ح: 132 ص:: 33/ 34.
(4)
عُنْفُوان الشيء: أوله، يقال في عُنْفُوان شبابه. الصحاح (عنف).
(5)
وافقه القرطبي في تفسيره 8/ 248.
(6)
ت: جمال بن محمد ربعين، ج: أم القرى.
(7)
البراء بن عازب بن الحارُ بن عدي الأنصاري الأوسي، صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما نزل الكوفة، توفي سنة 72 هـ. ينظر: الاصابة (1/ 142) والاستيعاب حاشية الاصابة (1/ 139).
(8)
رواه البخاري في صحيحه (كتاب التفسير) باب (يستفتونك قل الله يفتيكم .. ) ح: 4605،
…
ص: 786/ 787، ومسلم في صحيحه (كتاب الفرائض) ح: 4152 ص: 707، واللفظ له.
وعن عثمان قال (كانت براءة من آخر القرآن نزولاً)
(1)
.
وأخرج ابن جرير في تفسيره عن أنس رضي الله عنه (أن آخر ما أنزل الله التوبة)
(2)
، ومن المعلوم أن التوبة مدنية
(3)
بينما كانت وفاة أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنين
(4)
ولذا استبعد الحسين أن تكون الآية نزلت في أبى طالب.
أقول: لا ريب بثبوت الحديث السابق المروي في الصَّحيحين وصُرح فيه بالسببية، وما في الصحيحين مقدم على غيره، مع جواز تعدد أسباب النزول، ثم إنَّ التوفيق بين تأخر نزول براءة مع تقدم وفاة أبى طالب ممكن.
ويفهم من التعبير بالفاء الدلالة على الترتيب في قوله (فنزلت) أنها نزلت في أبي طالب
(5)
، وجعلها بعضهم للسببيَّة وسيأتي قريباً.
قال الرازي: " وقد استبعده الحسين بن الفضل؛ لأنَّ هذه السورة من آخر القرآن نزولاً، ووفاة أبى طالب كانت بمكة في أول الإسلام، وأقول هذا الاستبعاد عندي مستبعد فأيُّ بأس أن يقال إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقي يستغفر لأبي طالب من
ذلك الوقت إلى وقت نزول هذه الآية، فإنَّ التشديد مع الكفار إنما يظهر في هذه السورة فلعل المؤمنين كان يجوز لهم أن يستغفروا لآبائهم من الكافرين وكان النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً يفعل ذلك ثم عند نزول هذه السورة منعهم الله منه فهذا غير
…
مستبعد ".
(6)
قال ابن حجر: " ويحتمل أن يكون نزول هذه الآية متأخراً وإن كان سببها
…
تقدم "
(7)
وذكر رحمه الله أموراً تؤيد ذلك
(8)
.
قال الآلوسي: "واستبعد ذلك الحسين بن الفضل بأنَّ موت أبى طالب قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين وهذه السورة من آواخر ما نزل بالمدينة.
قال الواحدي
(9)
: "وهذا الاستبعاد مستبعد فأيُّ بأس أن يقال كان عليه الصلاة والسلام يستغفر لأبي طالب من ذلك الوقت وقت نزول الآية فإنَّ التشديد ومنع الكفار إنما ظهر في هذه السورة، وعليه لا يراد بقوله نزلت في الخبر أن النزول كان عقيب القول بل يراد أن ذلك سبب النزول، فالفاء فيه للسببية لا للتعقيب، واعتمد على هذا التوجيه كثير من جلة العلماء، والأولى في الجواب عن أصل الاستبعاد أن يقال إن كون هذه السورة من أواخر ما نزل باعتبار الغالب كما تقدم، فلا ينافي نزول شيء منها في المدينة والآية على هذا دليل على أن أبا طالب مات كافراً، وهو المعروف من مذهب أهل السنة والجماعة"
(10)
.
(1)
رواه عنه أبو عبيد في فضائل القرآن 2/ 204.
(2)
جزء مما رواه ابن جرير في تفسيره عن أنس 10/ 91.
(3)
ينظر: فضائل القرآن لأبي عبيد 2/ 200 والكشاف 2/ 315 والإتقان 1/ 28.
(4)
ينظر: الكامل لابن الأثير 2/ 63، والبداية والنهاية 4/ 316، السيرة النبوية لابن هشام
…
1 - 2/ 416.
(5)
ينظر: حاشية كتاب التوحيد لابن قاسم ص: 145.
(6)
تفسيره 16/ 165.
(7)
الفتح 8/ 625.
(8)
ينظر: المصدر السابق.
(9)
لم أجد قوله الآتي في تفسير هذه الآية في البسيط ولا في أسباب النزول عندما ذكر ما رواه الشيخان.
(10)
روح المعاني 11/ 33.