الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: " فافعل، لكن وقوع إن للتعليق على المستحيل قليل، وهذه الآية من ذلك ولما خفي هذا الوجه على أكثر الناس اختلفوا في تخريج هذه الآية
…
"
(1)
وقد ذكر السمين الحلبي في (إن) وجهان، الأول كونها شرطية، والثاني أنها نافية وذكر قول الزمخشري السابق ذكره ثم قال:" وهذا القول سبقه إليه الحسن البصري والحسين بن الفضل، وكأنه فراراً من الإشكال المتقدم في جعلها شرطية .... "
(2)
قال تعالى {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99]
[45] قال الحسين بن الفضل (لاضطرَّهم إلى الإيمان)
.
الكشف والبيان ص: 635
(3)
الدراسة
صّرح الله تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لو شاء إيمان جميع أهل الأرض لآمنوا كلهم جميعاً، وهذا دليل واضح على أن كفرهم واقع بمشيئته الكونية القدرية، وبيّن ذلك أيضاً في آيات كثيرة كقوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: 107] وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] وقوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] إلى غير ذلك من الآيات
(4)
.
قال ابن كثير: يقول تعالى: " (ولو شاء ربك) يا محمد لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به فآمنوا كلهم ولكن له حكمة فيما يفعله .. "
(5)
وقال السعدي: " يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ": {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] بأن يلهمهم الإيمان، ويوزع قلوبهم للتقوى، فقدرته صالحة لذلك، ولكنه اقتضت حكمته أن كان بعضهم مؤمنين وبعضهم كافرين "
(6)
.
(1)
البحر المحيط 5/ 190
(2)
الدر المصون 4/ 69 وينظرفي أوجه (إن): الكليات ص: 194/ 195.
(3)
ت: جمال ربعين، ج: أم القرى.
(4)
ينظر: أضواء البيان 2/ 438.
(5)
تفسيره 2/ 433.
(6)
تفسيره ص: 374.
وفي هذه تسلية للنبي عليه صلوات الله وسلامه، بأنه تعالى قادرُّ بأن يضطر الناس كلهم إلى الإيمان ويكرههم عليه، ولكنه لمصلحة عظمى اقتضتها حكمته البالغة لم يؤمن إلا من سبقت له السعادة في الكتاب الأول ولم يضل إلا من سبقت له الشقاوة.
وعلى هذا فتفسير الحسين رحمه الله لهذه الآية تفسير صحيح مستقيم.