الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[36] قال الحسين بن الفضل: (هذه نجاسة الحكم لا نجاسة العين، فسموا نجساً على الذم)
.
الكشف والبيان ص: 116
(1)
الدراسة
أصل الحكم في اللغة: المنع، والحُكْم بالشيء أن تقضي بأنه كذا وليس بكذا سواءٌ ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه.
(2)
واصطلاحاً: إثبات أمر لأمر، أو نفيه
…
عنه مثل زيد قائم وعمرو ليس بقائم.
(3)
قال الفراء: لا تكاد العرب تقول نَجِس إلا وقبلها رِجْس، فإذا أفردوها قالوا: نَجَس لا غير، ولا يجمع ولا يؤنث.
(4)
ويقال امرأة نَجَس ورجال نَجَس ونسوة نَجَس.
(5)
وقال أبو عبيدة: "متحرك الحروف بالفتحة، ومجازه: قذر وكل نَتْنٍ وَطفَسٍ نَجَسٌ".
(6)
وقال الزجاج: "يقال لكل مُستَقْذرٍ نَجَسٌ فإذا ذكرت الرجِسَ قلت: هو رِجْس نَجِسٌ ".
(7)
ووُصف المشركون بأنهم نجس لأنهم يجنبون ولا يغتسلون، روي ذلك عند قتادة
(8)
.
وقال ابن عباس وغيره: بل معنى الشرك هو الذي نجسه.
(9)
وأيُّ نجاسة أبلغ ممِّن يعبد مع الله آلهة أخرى.
(10)
قال الزمخشري: " ومعناه ذو نجس؛ لأنَّ معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس، ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات، فهي ملابسة لهم، أو جُعلوا كأنهم النجاسة بعينها، مبالغةً في وصفهم بها ".
(11)
وذهب الحسن إلى أن من صافح مشركاً فليتوضأ
(12)
.
وقد استدل بالآية من قال بأن المشرك نجس الذات كما ذهب إليه بعض الظاهرية والزيدية
(13)
، وذهب الجمهور من السلف والخلف، ومنهم أهل المذاهب الأربعة إلى أن الكافر ليس بنجس الذات؛ لأنَّ الله سبحانه أحلَّ طعامهم وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل في آنيتهم وشرب منها وتوضأ فيها وأنزلهم في مسجده وهذا يفيد عدم نجاسة ذواتهم
(14)
.
(1)
ت: جمال بن أحمد ربعين، ج: أم القرى.
(2)
ينظر: المفردات ص: 134.
(3)
ينظر: مذكرة الشنقيطي ص: 10.
(4)
معاني القرآن 1/ 430 وينظر: تفسير البغوي 2/ 266 - 267.
(5)
ينظر: العين 4/ 193 وتهذيب اللغة 4/ 3520 وفتح القدير 2/ 441.
(6)
مجاز القرآن 1/ 255.
(7)
معاني القرآن وإعرابه 2/ 441.
(8)
رواه عنه الطبري في تفسيره 10/ 120 وابن أبي حاتم عنه في تفسيره 6/ 1775 ولم يذكرا الاغتسال، وينظر: تفسير البغوي 2/ 267.
(9)
المحرر الوجيز 3/ 20، وينظر: تفسير القرطبي 8/ 95.
(10)
ينظر: تفسير السعدي ص: 333.
(11)
الكشاف 2/ 261.
(12)
ينظر: المحرر الوجيز 3/ 20 والكشاف 2/ 261 وتفسير القرطبي 8/ 95 والبحر المحيط 5/ 29 وفتح القدير 2/ 244.
(13)
الزيدية هم صنف من أصناف الشيعة وإنما سمُّوا (زيدية) لتمسكهم بقول (زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة، ولم يجوزوا ثبوت إمامة في غيرهم، وهم ست فرق. ينظر: مقالات الإسلاميين 1/ 136 والملل والنحل حاشية الفصل في الملل والأهواء والنحل 1/ 207.
(14)
فتح القدير (بتصرف) 2/ 244.
قال ابن العربي: " اعلموا وفقكم الله أن النجاسة ليست بعين حسية، وإنما هي حكم شرعي، أمر الله بإبعادها كما أمر بإبعاد البدن عن الصلاة عند الحدث وكلاهما أمر شرعي ليس بعين حسية ".
(1)
وعلى ما سبق فقول الحسين رحمه الله هو الصحيح المنقول عن المذاهب الأربعة.
قال البغوي: " وأراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين، سمَّوا نجساً على الذم"
(2)
.
وقال ابن كثير: " أمر الله تعالى عباده المؤمنين الطاهرين ديناً وذاتاً بنفي المشركين الذين هم نجس ديناً عن المسجد الحرام .. "
(3)
وهذه دلالة واضحة على أن أعيانهم طاهرة، ولكنهم خبثاء في عقائدهم ومن هنا صارت نجاستهم حكمية.
فالمشرك نجس لأجل عقيدته الشركية، وقد يكون جسده نظيفاً مطيباً لا يستقذر.
(4)
قال عبد الرحمن السعدي: " وليس المراد هنا نجاسة البدن، فإنَّ الكافر كغيره طاهر البدن، بدليل أن الله تعالى أباح وطء الكتابية ومباشرتها، ولم يأمر بغسل ما أصاب منها، والمسلمون ما زالوا يباشرون أبدان الكفار، ولم ينقل عنهم أنهم تقذروا منها، تَقَذُّرهم من النجاسات، وإنما المراد كما تقدم نجاستهم المعنوية بالشرك، فكما أن التوحيد والإيمان طهارة فالشرك نجاسة ".
(5)
والحمد لله رب العالمين على فضله وسماحة أحكامه.
(1)
أحكام القرآن 2/ 468.
(2)
تفسيره 2/ 267.
(3)
تفسيره 2/ 346.
(4)
ينظر: التحرير والتنوير 10/ 62.
(5)
تفسيره: ص: 333.