الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المطففين
قال تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15]
[100] قال الحسين بن الفضل: (كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته)
الكشف والبيان للثعلبي
(1)
/ 378
(2)
الدراسة
دلّت هذه الآية على أعظم نعيم، يفوز به أهل الجنة، ألا وهو رؤية الله الكريم المنان، ومسألة (رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة) من أشد المسائل على أهل البدعة والضلال وهدى الله أهل السنة والجماعة إلى الحق فأجمعوا قاطبة على إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة، والأدلة على ذلك واضحة وصريحة، وقد قرِّر العلماء هذه المسألة وأوضحوا أدلتها فبينوا وأناروا الطريق لسالكيه.
وأرى أن موضوع (الرؤية) أبرز من أن أظهره أو أتحدث عمَّن خالف فيه أو أحيل إلى مراجع فيه، فهو ـ والحمد لله ـ من الوضوح أوضح من أن يطال الكلام فيه.
سئل الإمام مالك عن هذه الآية فقال: لمَّا حجب الله الفجار عن رؤيته دلَّ أنه ليتجلى للمؤمنين حتى يروه
(3)
.
وقال الإمام الشافعي في قوله {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} " فلما حجبهم في السخط كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرِّضا ".
(4)
قال الحافظ ابن كثير: "وهذا الذي قاله الشافعي رحمه الله في غاية الحسن وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .. "
(5)
وروى ابن جرير عن الحسن قوله: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون كل يوم غُدْوة وعشية، أو كلاماً هذا معناه.
وقد روي عن قتادة: هو لا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم.
(6)
وقال ابن جرير: " فالصواب أن يقال: " هم محجوبون عن رؤيته، وعن كرامته، إذا كان الخبر عاماً لا دلالة على خصوصه "
(7)
(1)
وافقه السمعاني في تفسيره 6/ 182 والبغوي في تفسيره 4/ 575 والقرطبي في تفسيره 29/ 229 والشوكاني في فتح القدير 5/ 53.
(2)
ت: صلاح بن سالم باعثمان، ج: أم القرى.
(3)
ينظر: تفسير السمعاني 6/ 181 و تفسير البغوي 4/ 575 وزاد المسير 9/ 56 وتفسير القرطبي 19/ 229.
(4)
أحكام القرآن 17/ 40 تفسير السمعاني 6/ 181.
(5)
تفسيره 4/ 486.
(6)
تفسير ابن جرير 29/ 124.
(7)
المصدر السابق.
وقال النحاس في تقديرهم عن كرامة ربّهم: " وهذا خطأ على مذهب النحويين منهم الخليل
(1)
وسيبويه، ولا يجوز عندهما ولا عند غيرهما من النحويين: جاءني زيدٌ، بمعنى جاءني غلامه وجاءتني كرامته ".
(2)
وحاصل القول أن قول الحسين رحمه الله هو قولٌ صحيح وهو على مذهب أهل السنة في إثبات الرؤية لأن الله تعالى إذا حجب الكل لم يكن هذا عذاباً لهم ولكن مفهوم قوله {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} أن المؤمنين غير محجوبين عن رؤيته فسيرونه حقاً ـ نسأل الله من فضله ـ
قال الزجاج: " وفي هذه الآية دليل على أن الله يُرى في الآخرة لولا ذلك لما كان في هذه الآية فائدة، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن الله عز وجل.
وقال تعالى في المؤمنين {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} فأعلم الله عز وجل أن المؤمنين: ينظرون إلى الله، وأن الكفار يحجبون عنه"
(3)
وسبب حجبهم هذا عن رؤية ربهم أنهم حجبوا أنفسهم في الدنيا عن توحيده واتباع أنبيائه ولذا حجبوا عن رؤيته في الآخرة.
قال الشيخ ابن عثيمين: " وذلك في يوم القيامة فإنهم يحجبون عن رؤية الله عز وجل كما حُجبوا عن رؤية شريعته وآياته، فرأوا أنها أساطير الأولين"
(4)
.
(1)
الخليل بن أحمد: الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي، أبو عبد الرحمن البصري، اللغوي النحوي، صاحب العروض، توفي بعد (160 هـ)، وقيل بعدها، ينظر: السير (7/ 429)، بغية الوعاة (1/ 557).
(2)
إعراب القرآن 5/ 111.
(3)
معاني القرآن وإعرابه 5/ 299
(4)
تفسير جزء عم ص: 100.