الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد أن تبينت قراءتا (أمن) وحجة كل قراءة.
فالقول فيهما: أنهما قراءتان، حسنتان، قرأ بكل واحدة منها أئمة من القراء، مع صحة كل واحدة، فبأيهما قرأت فقد أصبت.
وبالنسبة لإضمار الحسين وتقديره في الآية، فهو كما رأيت وعلمت جائز على كلتا القراءتين، سواءً أكانت الهمزة للاستفهام أم للإضراب.
فتقديره صحيح ولا بد من الإضمار هنا لدلالة قوله تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} والتسوية تكون بين شيئين وجملتين ـ والله أعلم ـ.
قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]
[15]
قال الحسين بن الفضل: (ردّ الكناية إلى الاستعانة).
الكشف والبيان للثعلبي
(1)
. 2/ 894
(2)
الدراسة
اختلف المفسرون في مرد الضمير على أقوال عدة منها:
1 -
رده على الصلاة خاصة
2 -
رده عليهما ولكنه كنى عن الأغلب وهو" الصلاة. "
3 -
لما كان الصبر داخلاً في الصلاة أعاد عليها.
4 -
رده على المصدر " الاستعانة "، من واستعينوا.
(3)
5 -
معناه واستعينوا بالصبر، وإنه لكبير، وبالصلاة وإنها لكبيرة، فحذف أحدهما اختصاراً
(4)
.
6 -
رد الضمير على الوصية وهي ما يدل عليه الكلام.
(5)
7 -
وقيل على إجابة محمد صلى الله عليه وسلم، لأنَّ الصبر والصلاة مما كان يدعو إليهما.
(6)
8 -
وقيل على الكعبة لأن الأمر بالصلاة إنما هو إليها.
(7)
(1)
وافقه الواحدي في الوجيز 2/ 829 و البغوي في تفسيره 1/ 44 وأبو حيان في البحر المحيط 1/ 341 ..
(2)
ت: خالد العنزي، ج: أم القرى.
(3)
ينظرفي هذه الأقوال: تفسير البغوي إلا في الأول (1/ 44) والمحرر الوجيز لابن عطية إلا في القول الثاني 1/ 137 و تفسير القرطبي 1/ 416، 417 وفتح القدير 1/ 102.
(4)
ذكره البغوي في تفسيره 1/ 44 وذكر نحوه الحلبي في الدر المصون 1/ 212.
(5)
ذكره ابن كثير في تفسيره 1/ 87.
(6)
ينظر: تفسير المحرر الوجيز لابن عطية 1/ 137 وتفسير القرطبي 1/ 417.
(7)
ينظر: المصدرين السابقين ومشكل إعراب القرآن لمكي 1/ 92 و زاد المسير لابن الجوزي 1/ 76 و التبيان في إعراب القرآن للعكبري 1/ 59، وذكر هذا القول الضحاك عن ابن عباس وبه قال مقاتل ينظر: زاد المسير 1/ 76 ..
والجمهور على القول الأول، قاله ابن عباس
(1)
والحسن
(2)
ومجاهد
(3)
واختاره ابن جرير
(4)
وأبو عبيدة
(5)
والزجاج
(6)
وأبو حيان
(7)
والآلوسي
(8)
والسعدي
(9)
وغيرهم.
ولا يخفى على متأمل ما يحمل هذا القول من قوة تؤيده القاعدة التفسيرية (التي ترد الضمير عند ذكر شيئين على أحدهما والغالب كونه الثاني
(10)
، والعرب تقتصر على أحد الاسمين وأكثره الثاني
(11)
، وقد نزل القرآن بلغتهم.
قال أبو حيان: الضمير عائد على الصلاة هذا ظاهر الكلام، وهو القاعدة في علم العربية أن الضمير الغائب لا يعود على غير الأقرب إلا بدليل"
(12)
وأما عن اختيار الحسين فله وجهته كذلك؛ لأنَّ الهاء والألف تعود على مؤنث، فإذا لم يكن على الصلاة فعلى الاستعانة مصدر (استعينوا) فعل الأمر الذي صدرت به الآية، فيكون معنى الآية (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنَّ الاستعانة بهما لكبيرة إلا على الخاشعين)، وفي رد الضمير على الاستعانة إشراك الصبر مع الصلاة في كونهما ثقيلتين وكبيرتين على النفس إلا أنفس الخاشعين.
وهذا صحيح، فالصبر له ثقله ومشقته والصلاة كذلك مثله ـ والله تعالى أعلم ـ.
وأما عن القولين الآخرين فتطرق الضعف إليهما بيِّن واضح. حيث إن الضمير إذا رُد إلى إجابة النبي صلى الله عليه وسلم تُرك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دليل على صحته، فلم يجر بلفظ الإجابة ذكر
(13)
، ولا دليل له من الآية
(14)
وأضعف من هذا
(15)
: رده إلى الكعبة بعلة كونها قبلة للصلاة.
(1)
ينظر: تنوير المقباس من تفسير ابن عباس 1/ 8 وزاد المسير لابن الجوزي 1/ 76.
(2)
ينظر: زاد المسير لابن الجوزي 1/ 76.
(3)
ينظر: تفسير ابن كثير 1/ 87.
(4)
ينظر: تفسير الطبري 1/ 299.
(5)
ينظر: مجاز القرآن 1/ 39.
(6)
ينظر: معاني القرآن وإعرابه 1/ 125.
(7)
ينظر: البحر المحيط 1/ 341 ..
(8)
ينظر: روح المعاني 1/ 249.
(9)
تفسير السعدي ص: 51.
(10)
ينظر: إلى القاعدة: في البرهان للزركشي 4/ 30 والإتقان 2/ 283.
(11)
ينظر: مجاز القرآن لأبي عبيدة 1/ 39.
(12)
البحر المحيط 1/ 341 وأبو حيان هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي، اللغوي المفسر المقرئ الأديب، له عدة مؤلفات، منها: البحر المحيط، إتحاف الأريب وغيرهما)، توفي سنة (745 هـ). ينظر: الدرر الكامنة (6/ 58)، بغية الوعاة (1/ 280) ..
(13)
ينظر: تفسير الطبري 1/ 299.
(14)
ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية 1/ 137.
(15)
نفس المصدر السابق.