الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشيخ العلامة محمد بن العثيمين بعد شرحه للحديث السابق الصريح في سبب نزول الآية في أبي طالب: " الإشكالات الوارده في الحديث ..
الإشكال الثالث: أن قوله تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} في سورة التوبة وهي متأخرة مدنية، وقصة أبي طالب مكية. وهذا يدل على تأخر النهي عن الاستغفار للمشركين، ولهذا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم للاستغفار لأمه وهو ذاهب للعمرة، ولا يمكن أن يستأذن بعد نزول النهي، فدلّ على تأخر الآية، وأن المراد بيان دخولها في قوله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} ليس المعنى أنها نزلت في ذلك الوقت "
(1)
.
والحاصل: أن الحديث صحيح وصريح في السببية ولا داعي لاستبعاد الحسين رحمه الله لأن الجمع ممكن ـ والله أعلم ـ.
قال تعالى {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
.
[41] قال الحسين بن الفضل: (لم يجمع الله لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} وقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143]
.
الكشف والبيان للثعلبي
(2)
/ 115
(3)
الدراسة
قال ابن عباس رضي الله عنهما: سماه الله تعالى باسمين من أسمائه، ولم يجمع الله تعالى اسمين من أسمائه في غير رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(1)
القول المفيد 1/ 455 - 456.
(2)
وافقه القرطبي في تفسيره 8/ 274، وأبو حيان في البحرالمحيط 5/ 122.
(3)
ت: ابن عاشور.
(4)
حاشية شيخ زاده 4/ 563، وينظر: زاد المسر 3/ 521، وتفسير الرازي 16/ 188، وتفسير السمعاني 2/ 363، والتسهيل لعلوم التنزيل 2/ 88 ولم ينسباه، ولم يذكروا في تلك التفاسير الأربعة
…
(ولم يجمع الله تعالى اسمين من أسمائه في غير رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقال القاضي عياض: " قال بعضهم: أعطاه اسمين من أسمائه: رؤوف
…
رحيم "
(1)
.
وقال الزمخشري: " وقيل لم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {رَءُوفٌ رَحِيمٌ}
(2)
وقد أثبت الله عز وجل هاتين الصفتين لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في هذا النص القرآنيِّ الواضح، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعدٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء، فتح اليوم، لم يُفتح قطُّ إلا اليوم نزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا
…
أعطيته)
(3)
، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على أن هذه خصيصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء. وفي القرآن الكريم إشارة رحمته صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] وبيَّن سبحانه أنَّه نبيُّ الرحمة في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] ويُفهم من قوله (بين اسمين من أسمائه) أنه يجوز التسمي ببعض أسماء الله ـ والله أعلم ـ.
قال ابن كثير: " والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمَّى به غيره باسم الله والرحمن والخالق والرازق ونحو ذلك، فلهذا بدأ باسم الله ووصفه بالرَّحمن؛ لأنه أخصُّ وأعرف من الرَّحيم؛ لأنَّ التسمية أولاً إنما تكون بأشرف الأسماء فلهذا ابتدأ بالأخصِّ فالأخص. "
(4)
(1)
الشفا ص: 22 والقاضي هو عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي، الشهير بـ القاضي عياض المالكي، العلامة الحافظ الفقيه، من مصنفاته: الإكمال في شرح صحيح مسلم، مشارق الأنوار، الإلماع، وغيرها، توفي سنة (544 هـ)، ينظر: السير (20/ 212)، الديباج المذهب لابن فرحون (1/ 168).
(2)
الكشاف 2/ 325.
(3)
كتاب (فضائل القرآن وما يتعلق به) ح: 1877 ص: 325/ 326
(4)
تفسيره 1/ 21، وينظر: النهج الأسني في شرح أسماء الله الحسنى للنجدي 1/ 79/ 80.
وأما عن الرحمة فقد بُين معناها في سورة الفاتحة، ومعلوم عقيدة أهل السنة والجماعة في الصفات فللَّه رحمة تليق بجلاله، وللمخلوقين رحمة تليق بطباعهم البشرية، ومثله الرأفة.
رؤوف
(1)
قال أبو عبيدة: " فعول من الرأفة وهي أشد الرحمة ".
(2)
وقال الطبري " بالمؤمنين (رؤوف) أي رفيق
(3)
ومعناه: مبالغ في الشفقة
(4)
(1)
ينظر في هذا: الأسماء والصفات للبيهقي 1/ 154.
(2)
مجاز القرآن 1/ 59، وينظر: التبيان في تفسير غريب القرآن لشهاب الدين بن محمد الهائم المصري 1/ 229.
(3)
تفسيره 11/ 89.
(4)
لمحرر الوجيز 3/ 100.