الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة هود
قال تعالى {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} [هود: 17]
.
[46] وقال الحسين بن الفضل: (هو القرآن ونظمه وإعجازه، والمعاني الكثيرة منه في اللفظ القليل)
الكشف والبيان للثعلبي
(1)
/ 32
(2)
.
الدراسة
النَّظم: الجمع والتأليف والضم
(3)
ونظمت اللؤلؤ: أي جمعته في السلك.
(4)
والنظم في الاصطلاح:
تأليف الكلمات والجمل مُرتَّبة المعاني، متناسبة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل.
(5)
ويقال: نظم القرآن عبارته التي تشتمل عليها المصاحف صيغة ولغة
(6)
وأما الإعجاز فهو من المصطلحات الحادثة والذي أظهرته بعض الفرق الكلامية
(7)
.
ومعنى الإعجاز: الفوت والسبق، يقال أعجزني فلان أي فاتني
(8)
، ويقال أعجزني فلان إذ عجزت عن طلبه وإدراكه.
(9)
وفي الاصطلاح: هو زوال القدرة على الإتيان بالشيء من عمل أو رأي أو تدبير
(10)
.
والإعجاز في الكلام هو: " أن يؤدي المعنى بطريق هو أبلغ من جميع ما عداه من الطرق "
(11)
.
أما الإعجاز في القرآن فهو مركب إضافي معناه بحسب أصل اللغة إثبات القرآن عجز الخلق عن الإتيان بما تحداهم
(12)
.
(1)
وافقه البغوي في تفسيره 2/ 392 وابن الجوزي في زاد المسير 4/ 85 ولم يذكرا (والمعاني الكثيرة منه في اللفظ القليل)، والقرطبي في تفسيره 9/ 18 وذكر بدل (إعجازه) بلاغته.
(2)
ت: عبد الله بن علي القبيسي، ج: أم القرى.
(3)
ينظر في المعنى الأول: الصحاح (نظم) وفي البقية القاموس المحيط (نظم).
(4)
الصحاح (نظم).
(5)
التعريفات للجرجاني ص: 242.
(6)
المعجم الوسيط 2/ 941، وفي أوائل من تناول ذلك، ينظر: رسالة علمية بعنوان (النظم القرآني في آيات الجهاد) للدكتور: ناصر الخنين ص: 10.
(7)
ينظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية 5/ 412 - 418.
(8)
تهذيب اللغة 3/ 2337.
(9)
مقاييس اللغة لابن فارس (عجز) 4/ 232.
(10)
بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي 1/ 65.
(11)
التعريفات للجرجاني ص: 47، وينظر: الكليات ص: 149.
(12)
مناهل العرفان 2/ 238.
قوله تعالى {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} اختلف أهل التأويل في بيان المراد من الشاهد: فقال ابن عباس، ومجاهد، وأبو صالح، وعكرمة، والضحاك وغيرهم: أنه جبريل عليه السلام
(1)
، وعلى هذا القول أكثر أهل التفسير
(2)
.
وقال الحسين بن علي، رضي الله عنه أنه محمد صلى الله عليه وسلم
(3)
وقال عليٌّ رضي الله عنه والحسن البصري
…
وقتادة: أنه لسانه
(4)
.
وقال مجاهد: هو ملك يحفظه
(5)
وقال بعضهم: هو الإنجيل
(6)
وقالت فرقة: هو القرآن
(7)
، وقالت أخرى: هو إعجاز القرآن.
(8)
.
والذي يفهم من اختيار الحسين بن الفضل جمعه بين القولين الأخيرين، ومن الواضح أن الأول متضمن للثاني وأن الثاني داخل في الأول، ويعتبر النظم جزءاً من الإعجاز، والإعجاز كائن في القرآن، والقرآن معجزُ لا محالة.
وممَّا جعل كلام الله تعالى يرتقي أعلى درجات البلاغة فيعتلي عرشها، تضمنه المعنى الكثير الذي يزيد على لفظه من غير حذف، وهذا ما يسميه البلاغيون
…
" إيجاز القصر "
(9)
.
(1)
رواه عنهم ابن جرير في تفسيره 12/ 2122، وينظر: ابن أبى حاتم 6/ 2014.
(2)
ينظر: تفسير البغوي 2/ 392.
(3)
رواه عنه ابن جرير في تفسيره 12/ 12، وابن أبى حاتم في تفسيره 6/ 2014.
(4)
رواه عنهم ابن جرير في تفسيره 12/ 20، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 2014، وراه عن قتادة عبد الرازق في تفسيره 2/ 303.
(5)
رواه عنه عبد الرازق في تفسيره 2/ 301، بلفظ (يتبع حافظ من الله) وابن جرير في تفسيره 12/ 23، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 2014، وينظر: تفسير مجاهد 1/ 302.
(6)
ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 6 والمحرر الوجيز 3/ 157 وزاد المسير 6/ 86 والبيان في غريب إعراب القرآن 2/ 9.
(7)
ينظر: معاني القرآن للنحاس 3/ 337، والمحرر الوجيز 3/ 157، وتفسير القرآن العظيم للعز بن عبد السلام 1/ 104، ت عبد الفتاح با فرج: ج: أم القرى، والتسهيل لعلوم التنزيل 2/ 103.
(8)
ينظر: المحرر الوجيز 3/ 157، وتفسير القرآن العظيم للعزِّ بن عبد السلام 1/ 104.
(9)
ينظر: في هذا القسم من الإيجاز: الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني 184 - 187، والمثل السائر لابن الأثير 2/ 115 - 118، البلاغة فنونها وأفنانها للدكتور فضل عباس
…
ص: 470 - 477.
قال ابن الأثير
(1)
: "وهذا الذي لا يمكن التعبير عن ألفاظه بألفاظ أخرى مثلها وفي عدتها وهو أعلى طبقات الإيجاز مكاناً، وأعوزها إمكاناً وإذا وُجد في كلام بعض البلغاء، فإنما يوجد شاذاً نادراً فمن ذلك ما ورد في القرآن الكريم .. "
(2)
بيان المراد من الشاهد وجه مقبول
قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن: " ويقال: الشاهد " القرآن " " يتلوه " يكون بعده تالياً شاهداً له.
وهذا أعجب إليَّ، لأنه يقول:(ومن قبله كتاب موسى) يعني التوراة ".
(3)
وقال الزمخشري: " أي شاهد يشهد بصحته، وهو القرآن ".
(4)
وقال الرازي: " والمراد بالشاهد هو القرآن "
(5)
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " يعني القرآن شاهد من الله يوافق الإيمان
…
ويتبعه ".
(6)
(1)
ابن الأثير هو: نصر الله بن محمد بن محمد الشيباني الجزري، أبو الفتح بن الأثير، الأديب اللغوي، له: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، المعاني المخترعة، توفي سنة (637 هـ)، ينظر: السير (23/ 72)، بغية الوعاة (2/ 315).
(2)
المثل السائر 2/ 115.
(3)
ص: 226.
(4)
الكشاف 2/ 385.
(5)
تفسيره 17/ 161.
(6)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 15/ 17.