الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الرازي بعد أن ساق هذين الوجهين اللذين ذكرهما الزمخشري: " والقول الأول أقرب، لأنَّ قوله {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ} [هود: 63] كالدلالة على أنه أراد (إن أتبعكم فيما أنتم عليه من الكفر الذي دعوتموني إليه لم أزدد إلا خسراناً في الدين، فأصير مع الهالكين الخاسرين).
(1)
الأمر الثالث: موقع ((غير)) الإعرابي:
قال أبو البقاء " الأقوى في المعنى أن يكون ((غير)) هنا استثناءً في المعنى، وهو مفعول ثانٍ لـ (تزيدونني) أي: فما تزيدونني إلا تخسيراً، ويضعف أن تكون صفة لمحذوف، إذ التقدير: فما تزيدونني شيئاً غير تخسير، وهو ضد المعنى"
(2)
.
وذكر السمين الحلبي أن الظاهر في (غير) أن تكون مفعولاً ثانياً لـ (تزيدونني)
(3)
وقال: "ويجوز أن تكون صفة لمفعول محذوف، أي: شيئاً غير تخسير وهو حدٌّ في المعنى، ومعنى التفعيل هنا النسبة. والمعنى غير أن أخسركم، أي أنسبكم إلى التخسير، قاله الزمخشري. وقيل: هو على حذف مضاف "
(4)
وهذا على قول ابن عباس.
(5)
والحاصل أن المعنى الذي أورده الحسين رحمه الله في الآية سائغٌ ومعروف في اللغة، ولكنه ليس بالقوي، وغيره أقوى منه والله أعلم.
[48]
قال الحسين بن الفضل: (عرض بناته عليهم بشرط الإسلام)
معالم التنزيل 2/ 416.
الدراسة
في المراد من قوله ({هَؤُلَاءِ بَنَاتِي}) قولان مشهوران:
أحدهما: أنَّ المراد البنات لصلبه
(6)
وهي رواية قتادة عن حذيفة بن اليمان
(7)
، ونسبه ابن الجوزي لابن عباس
(8)
وهو اختيار الزمخشري
(9)
، واتفق أصحاب هذا القول على أن لوطاً عليه السلام ما دعا القوم إلى الزنا بل إنه دعاهم إلى التزوج بهنَّ
(10)
.
(1)
تفسيره 18/ 16 وينظر البحر المحيط 5/ 240.
(2)
التبيان في إعراب القران ص: 704.
(3)
ينظر: الدر المصون 4/ 110.
(4)
الدر المصون 4/ 110.
(5)
ينظر: المصدر السابق و البحر المحيط 5/ 240،
(6)
ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 23 وزاد المسير 4/ 137 وتفسير القرطبي 9/ 67 وتفسير الرازي 18/ 27 وتفسير البيضاوي متن حاشية شيخ زاده 4/ 672 والبحر المحيط 5/ 274 وفتح القدير 2/ 636
(7)
حذيفة بن اليمان، العبسي، حليف الأنصار، صحابي جليل من السابقين وأبوه صحابيٌّ أيضاً، استشهد بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة عليٍّ سنة (36 هـ)، ينظر: السير (2/ 361)،
…
التهذيب (1156).
(8)
ينظر: زاد المسير 4/ 137.
(9)
ينظر: الكشاف 2/ 413.
(10)
ينظر: تفسير الرازي 18/ 27.
وتحته قولان:
الأول: دعاهم إلى التزوج شريطة أن يسلموا،
(1)
وهذا قول الزجاج.
(2)
الثاني: أنه كان يجوز تزويج المؤمنة من الكافر في شرعهم، وهكذا في أول
…
الإسلام.
(3)
وثانيهما: ما قاله مجاهد وقتادة وغيرهما
(4)
، أنَّ المراد نساء أمته
(5)
وأضاف إلى نفسه لأن كل نبي أبو أمته
(6)
ويقويه: قراءة أبي بن كعب
(7)
وابن مسعود {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وهو أبٌ لهم
(8)
.
قال سعيد بن جبير: في قول لوط {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} . يعني: نساءهم هنَّ بناته هو نبيّهم. وقال في بعض القراءة {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وهو أبٌ لهم.
(9)
وفي هذا اعتراض على القول الأول ودلَّلوا عليه بأمور منها:
(1)
ينظر: معاني القرآن للنحاس 3/ 368 وتفسير الرازي 18/ 27 وتفسير القرآن العظيم للعزِّ بن عبد السلام 1/ 148.
(2)
ينظر: معاني القرآن وإعرابه 3/ 67.
(3)
ينظر: المحرر الوجيز 3/ 194 وتفسير الرازي 18/ 27 وتفسير القرطبي 9/ 67 وتفسير القرآن العظيم للعزِّ بن عبد السلام 1/ 148/ 149 والبحر المحيط 5/ 247.
(4)
رواه عنهم ابن جرير في تفسيره 12/ 101/ 102/ ورواه عن مجاهد ابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 2062.
(5)
ينظر: تفسير الطبري 12/ 101، ومعاني القرآن للفراء 2/ 23، ومعاني القرآن وإعرابه 3/ 67، وتفسير البغوي 2/ 416، وتفسير القرطبي 9/ 67.
(6)
تفسير البغوي 2/ 416 وينظر: زاد المسير 4/ 138.
(7)
أبيُّ بن كعب: ابن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي، أبو المنذر، سيّد القراء، من فضلاء الصحابة، اختلف في سنة وفاته اختلافاً كثيراً قيل سنة (19 هـ)، وقيل سنة (32 هـ)، وقيل غير ذلك، ينظر: السير (1/ 389)، التقريب (283).
(8)
ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 23 ولم ينسبه، وتفسير البغوي 2/ 416 ونسبه لأبي بن كعب والمحرر الوجيز 3/ 194
(9)
رواه عنه ابن جرير في تفسيره 12/ 102 وروى نحوها ابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 2062
أولاً: إن إقدام الإنسان على عرض بناته على الأوباش والفجّار مستبعد، لا يليق بأهل المروءة والخير فكيف بأكابر الأنبياء
(1)
.
ثانياً: قيل: إنَّ له عليه السلام بنتين
(2)
فإن صحت هذه الرواية فلا يصح الجمع
ذلك لأنه ثبت أنّ أقل الجمع ثلاثة
(3)
.
قال أبو حيان: " ويدلّ عليه أنه فيما قيل: لم يكن له إلا بنتان، وهذا بلفظ الجمع"
(4)
.
وأجاب ابن الجوزي: " فإن قيل كيف جمع وقد كنّ اثنتين، فالجواب: أنه قد يقع الجمع على اثنتين، كقوله:(وكنا لحكمهم شاهدين)[الأنبياء 78]
(5)
ويُردُّ عليه أيضاً أنَّه روي أنَّهنَّ ثلاث بنات
(6)
.
ثالثاً: وأيضاً فإنه لا يمكن أن يزوّج بناته من جميع قومه، أما نساء أمته فتكفي للكل
(7)
.
رابعاً: وقيل: إنما كان الكلام مدافعة، ولُم يُردْ إمضاءه
(8)
.
قال الشيخ السعدي في تفسيره: " وهذا كما عَرض سليمان عليه السلام على المرأتين أن يشقَّ الولد المختصم فيه لاستخراج الحق، ولعلمه أنَّ بناته ممتنعٌ منالُهُنَّ، ولا حقَّ لهم فيهنَّ والمقصود الأعظم دفع هذه الفاحشة الكبرى".
(9)
وقد ضعف القول الثالث ابن عطية وقال: " وهذا التنطع ليس من كلام الأنبياء صلوات الله عليهم ".
(10)
ولعل القول الثاني وهو قول مجاهد، الأرجح في بيان المراد لِمَا سبق بيانه من الأوجه، وهذا ما ذهب إليه جمع من المفسرين: كالطبري وقد قال: " قال لوط لقومه لما جاءوا يراودونه عن ضيفه: هؤلاء يا قوم بناتي يعني نساء أمته فانكحوهنَّ "
(11)
.
والنحاس الذي قال: " فيه أقوال، أحسنها قول مجاهد، قال: يريد نساء أمته، ويقوِّيه (وأزواجه أمهاتهم) ويروى أن أبيَّ بن كعب وعبد الله بن مسعود قرءا (وأزواجه أمهاتهم، وهو أبٌ لهم "
(12)
وقال الرازي: " وهذا عندي هو القول المختار "
(13)
وذكر أبو حيان أن هذا القول هو الأحسن.
(14)
(1)
ينظر: تفسير الرازي 18/ 27.
(2)
ينظر: تفسير القرطبي 9/ 67 و تفسير الرازي 18/ 27 والبحر المحيط 5/ 247 وفتح القدير 2/ 636.
(3)
ينظر: تفسير الرازي 18/ 27.
(4)
البحر المحيط 5/ 247.
(5)
زاد المسير 4/ 137
(6)
ينظر: تفسير القرطبي 9/ 67 والبحر المحيط 5/ 247 وفتح القدير 2/ 636
(7)
ينظر: تفسير الرازي 18/ 27 ويراجع: البحر المحيط 5/ 247.
(8)
ينظر: المحرر الوجيز 3/ 194 وتفسير القرطبي 9/ 67 (ونسباه لأبي عبيده) ولم أجده في موضعه في مجاز القرآن وتفسير البغوي 2/ 416 وفتح القدير 2/ 636.
(9)
ص: 386.
(10)
المحرر الوجيز 3/ 194
(11)
تفسيره 12/ 101.
(12)
معاني القرآن 3/ 368.
(13)
تفسيره 18/ 27
(14)
ينظر: البحر المحيط 5/ 246
وقال ابن كثير: " يرشدهم إلى نسائهم فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة، كما قال لهم في الآية الأخرى:{أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80]
وقوله في الآية الأخرى {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} [الحجر: 70] أي ألم ننهك عن ضيافة الرجال {قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الحجر: 71] وقال في هذه الآية الكريمة {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} "
(1)
(1)
تفسيره 2/ 453.