الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الشرح
قال تعالى {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح: 2]
[103] قال الحسين ابن الفضل: (يعني الخطأ والسهو)
.
الكشف والبيان للثعلبي
(1)
/ 134
(2)
الدراسة
الوزر: الحِمْلُ الثقيل من الإثم، وقد وَزَرَ يَزِر، وهو: وازر، والمفعول: موزور.
والوزير: الذي يسْتَوْزِره الملكُ، فيَستعينُ برأيه، وحالته: الوزارة.
وأوزار الحرب: آلتها، لا تُفرد، ولو أفْرِد لقيل وِزْر، لأن يرجع إلى الحمل الثقيل
(3)
.
وقال مجاهد
(4)
وقتادة وابن زيد والحسين وجمهور المفسرين: الوزر هنا، الذنوب
(5)
.
وقد أُفرد هنا وأُطلق ولم يُبيَّن ما هو نوعه، فاختلف فيه المفسرون:
فقال: قتادة: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ذنوب قد أثقلته، فغفرها الله له.
وقال الضحاك: يعني الشرك الذي كان فيه.
قال الفراء: " يقول: إثم الجاهلية "
(6)
.
وقال القرطبي: " أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية، لأنه كان صلى الله عليه وسلم في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنماً ولا وثناً "
(7)
وقال ابن جرير: " وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها
(8)
.
وقال الزجاج: " أي وضعنا عنك إثمك أن غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر "
(9)
وهذا قول مجمل.
وذكر البغوي
(10)
وابن كثير
(11)
في تفسيرهما أن قوله تعالى {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ}
هي كقوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]
قال أبو حيان في قوله: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2)} : "كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس "
(12)
.
(1)
وافقه البغوي في تفسيره 4/ 639 والقرطبي في تفسيره 20/ 98.
(2)
ت: أحمد بن محمد البريدي، ج: أم القرى.
(3)
العين 4/ 366.
(4)
رواه عنه ابن جرير في تفسيره 30/ 284، وابن أبى حاتم في تفسيره 10/ 3445.
(5)
ينظر: المحرر الوجيز 5/ 496.
(6)
معاني القرآن 3/ 275.
(7)
تفسيره 20/ 97 وينظر: أضواء البيان 9/ 312.
(8)
تفسيره 3/ 284.
(9)
معاني القرآن وإعرابه 5/ 341 وينظر: إعراب القرآن للنحاس 5/ 156.
(10)
/ 639.
(11)
/ 524.
(12)
البحر المحيط 8/ 484 وينظر: كتاب الشفاء باب (فيما يختص بالأمور الدينية والكلام في عصمة نبينا عليه الصلاة والسلام وسائر الأنبياء صلوات الله عليهم) ص: 286.
وذهب قوم إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها، سهل الله ذلك عليه حتى تيسرت له
(1)
.
وأجاب الحسين بأنه الخطأ والسهو
(2)
، ولعل مقالته تلك صدرت بسبب المبالغة في تنزيهه صلى الله عليه وسلم ـ والله أعلم ـ.
وهذه مسألة لها تعلق بمسألة عصمة الأنبياء، والمعروف عن أهل السنة والجماعة أنهم يقولون بعصمة الأنبياء من كل ما ينافي الرسالة كالكذب، والخيانة، والشرك .. وأما الذنوب فإنها يجوز وقوعها ولكن لا يُقَرُّون عليها بل يُوفَّقون للتوبة، ويكون حالهم بعد التوبة أكمل من حالهم قبلها، وكأن الحسين لا يرى ذلك، فالأصل أن الوزر هو الذنب والإثم وحمله هو على الخطأ والنسيان، وهذا لا إثم فيه ولا وزر، وهذا ليس بصريح من كلام الحسين بن الفضل.
والآية واضحة الدلالة في أن الله تعالى غفر للنبي صلى الله عليه وسلم وزره وخطيئته حتى بقي مغفوراً له، فمغفرة الذنوب المتقدمة والمتأخرة ثابتة بهذا النص وغيره قال تعالى:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] وهذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم فلا أحد من الناس يغفر له ما تقدم وما تأخر إلا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
(1)
ينظر: تفسير البغوي 4/ 639 وفتح القدير 5/ 584.
(2)
ينظر في عصمته من السهو: الشفا ص: 308.