الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الرحمن
قال تعالى {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7]
[89] قال الحسين بن الفضل: (الميزان: القرآن)
.
(1)
الكشف والبيان
(2)
/ 478
(3)
الدراسة
قوله: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} فيه قولان:
أحدهما أنه العدل قاله أكثر الناس ومنهم مجاهد والسدي
(4)
والفراء
(5)
والطبري
(6)
والزجاج
(7)
وهذا؛ لأن المعادلة موازنة الأشياء
(8)
ومعنى الآية (أنه وضع العدل بين خلقه في الأرض).
وثانيهما: أنه الميزان المعروف ليتناصف الناس في الحقوق، قاله الحسن، وقتادة، والضحاك
(9)
.
والظاهر في الميزان أنه كل ما يوزن به الأشياء وتعرف به مقاديرها، وإن اختلفت الآلآت، فجعله تعالى حاكماً بالسوية في الأخذ والإعطاء.
وعلى الأول: تكون الآلآت بعض ما يندرج في العدل
(10)
؛ لأن إقامة الوزن بالقسط من العدل والانصاف.
قال السمرقندي: " أُنزل الميزان للخلق يوزن به، وإنما أُنزل في زمان نوح ولم يكن قبل ذلك ميزان {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} لكي لا تظلموا.
ويقال (وضع الميزان) يعني أنزل العدل في الأرض {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} يعني لكيلا تميلوا عن العدل "
(11)
.
(1)
زاد الثعلبي (وأصل الوزن التقدير) والذي اتضح لي أن هذه الزيادة من كلام الثعلبي وليست من كلام الحسين بن الفضل - والله أعلم -.
(2)
وافقه ابن الجوزي في زاد المسير 8/ 107 والقرطبي في تفسيره 17/ 135 وأبو السعود في تفسيره 8/ 177 والشوكاني في فتح القدير 5/ 164.
(3)
ت: فريد الغامدي، ج: أم القرى.
(4)
رواه عن مجاهد الطبري في تفسيره 27/ 138، وينظر: تفسير مجاهد 2/ 640 ونسبه إليهما ابن الجوزي في زاد المسير 8/ 107 والقرطبي في تفسيره 17/ 135.
(5)
ينظر: معاني القرآن 3/ 113.
(6)
ينظر: تفسيره 27/ 138.
(7)
ينظر: معاني القرآن وإعرابه 5/ 96 ..
(8)
زاد المسير 8/ 107
(9)
نسبه إليهم البغوي في تفسيره 4/ 284 وابن الجوزي في زاد المسير 8/ 107 والقرطبي في تفسيره 17/ 135. وذهب إليه النسفي في تفسيره 4/ 200 والزمخشري في الكشاف 4/ 444.
(10)
ينظر: البحر المحيط 8/ 188 مع شيء من التصرف.
(11)
تفسيره 3/ 358/ 359.
والميزان المعروف جزء من الميزان الذي يعبر به عن العدل بين العباد، فالله تعالى قد وضع الميزان، أي: العدل بين الناس في الأقوال والأفعال ويدخل فيه الميزان المعروف والمكيال والمقادير وغيرها
ولا إشكال عندي في هذا، وقد رجح الشنقيطي كون الميزان في هذه الآية الآلة المعروفة، ودلّل عليه بالتعبير بالوضع لا الإنزال كما في قوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: 17] {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ}
…
[الحديد 25]
(1)
وذكر ابن الجوزي في الآية ثلاثة أقوال، وجعل ثالثها هو قول الحسين بن الفضل
(2)
ولو تُتَدَبَّر الآيات لوجدت أنه تعالى (بدأ أولاً بالعلم فذكر فيه أشرف أنواع العلوم، وهو القرآن ثم ذكر ما به التعديل في الأمور وهو الميزان كقوله تعالى
…
{وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} ) [الحديد: 25].
(3)
ولعل هذا مما يؤيد القولين السابقين.
قال القرطبي: " أي وضع في الأرض العدل الذي أمر به، يقال: وضع الله الشريعة، ووضع فلان كذا أي ألقاه، وقيل: على هذا الميزان: القرآن، لأن فيه بيان ما يحتاج، وهو قول الحسين بن الفضل
(4)
ولا منافاة بين العدل والقرآن؛ لأن الثاني متضمن للأول بلا ريب، لكن كونه المقصود والمراد بالآية ففيه نظر، لأمور:
الأول: كونه غيرَ ظاهر اللفظ، فظاهر اللفظ يدل على أن الميزان الآلة التي يوزن بها.
الثاني: أن قوله بعدها {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} لا يتناسب مع كونه القرآن.
الثالث: أن تفسيره بهذا فيه انفراد؛ إذ لم يقل به غيره، والجمهور على خلافه. والله أعلم.
(1)
ينظر: الأضواء 7/ 184
(2)
ينظر: زاد المسير 8/ 107.
(3)
ينظر: بين القوسين: تفسير الرازي 29/ 80 والبحر المحيط 8/ 188.
(4)
تفسيره 4/ 135.