الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفتح
[81] قال الحسين بن الفضل: (يجوز أن يكون الاستثناء من الدخول، لأن بين
…
الرؤيا وتصديقها سنة، ومات منهم في السنة أناس، فمجاز الآية: لتدخلنَّ المسجد الحرام كلكم إن شاء الله آمنين)
.
الكشف والبيان للثعلبي
(1)
/ 64
(2)
الدراسة
قال الحافظ ابن كثير: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك، وهو بالمدينة، فلما ساروا عام الحديبية لم يشكَّ جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع ما وقع من قضية الصلح ورجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل، وقع في نفس بعض الصحابة رضي الله عنهم من ذلك شئٌ. حتى سأل عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في ذلك فقال له فيما قال: "أفلم تكن تخبرنا أنَّا سنأتي البيت ونطوف به؟ " قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه عامك هذا؟ قال: لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم (فإنك آتيه ومطوِّفٌ به) وبهذا أجاب الصديق رضي الله عنه أيضا حذو القذَّة بالقذَّة، ولهذا قال تبارك وتعالى {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ}
(3)
واختلف الناس في معنى الاستثناء في هذه الآية.
فقال الزجاج: " يخرج على وجهين: أحدهما لتدخُلُنَّ إن أمركم الله، ويجوز وهو حسن أن يكون (إن شاء الله) جرى على ما أمر الله به في كل ما يُفعلُ مُتَوَقَّعاً فقال {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24]
(1)
وافقه البغوي في تفسيره 4/ 190. ونسب نحوه القرطبي في تفسيره 16/ 246 وأبو حيان في البحر المحيط 8/ 100 مختصراً.
(2)
ت: ابن عاشور.
(3)
تفسيره 4/ 201 ويراجع: فتح الباري 5/ 412 - 443.
وقال أبوعبيدة: إن بمعنى إذ
(1)
وقال عنه النحاس: " وهذا قول لا يُعرَّجُ عليه ولا يعرف أحدٌ من النحويين (إن) بمعنى (إذ)، وإنما تلك (أن) فغلط وبينهما فصل في اللغة والأحكام "
(2)
.
وحسَّن هذا القول لأبي عبيدة ابن عطية، ولكنه أفاد أن (إن) بمعنى (إذ) غير موجود في لسان العرب
(3)
واستبعد قول أبى عبيدة كذلك القرطبي
(4)
وقيل: هو استثناء من الملك المخبر للنَّبيِّ عليه السلام في نومه فذكر الله تعالى مقالته كما وقعت
(5)
فهو حكاية لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم.
(6)
وقيل: الاستثناء واقع على الأمن
(7)
.
وقال ابن عطية: " وقال بعض العلماء إنما استثنى من حيث كل واحد من الناس متى رد هذا الوعد إلى نفسه أمكن أن يتم الوعد فيه وأن لا يتم، إذ قد يموت الإنسان أو يمرض أو يغيب وكل واحد في ذاته محتاج إلى الاستثناء، فلذلك استثنى عز وجل في الجملة إذ فيهم ولا بد من يموت أو يمرض "
(8)
.
وقال النحاس: (وقيل الاستتثناء لمن مات منهم أو قتل)
(9)
وهذا ما يتضمنه قول الحسين بن الفضل وجوَّز أن يكون الاستثناء من الدخول مع أن هناك من قال بل من الأمن، لأن الدخول لم يكن فيه شك
(10)
.
وأجاب ابن عطية بأنه لا فرق، لأن الله تعالى قد أخبر بهما ووقت الثقة بالأمرين فالاستثناء من أيهما كان فهو استثناء من واجب، ولا يخفى أن الحسين لم يجزم في قوله السابق ويقطع بأن الأستثناء من الدخول بل جوّزه، فكأنه علم بجواز غيره ـ والله أعلم ـ
قال الزمخشري: " وأن يريد: لتدخلن جميعاً ـ إن شاء الله ـ ولم يمت منكم أحد "
(11)
.
(1)
لم أجده في موضعه في مجاز القرآن وينظر: تفسير البغوي 4/ 190 وزاد المسير 7/ 443 وتفسير القرطبي 16/ 246 والبحر المحيط 8/ 100 وفتح القدير 5/ 68.
(2)
إعرا ب القرآن 4/ 136.
(3)
ينظر: المحرر الوجيز 5/ 139.
(4)
ينظر: تفسير القرطبي 16/ 246.
(5)
المحرر الوجيز 5/ 139 وينظر: تفسير السمرقندي 3/ 304 والكشاف 4/ 345 والبحر المحيط 8/ 100.
(6)
ينظر: معاني القرآن للنحاس 6/ 512 وزاد المسير 7/ 443 وتفسير القرطبي 16/ 246.
(7)
ينظر: إعراب القرآن للنحاس 4/ 135 وتفسير القرطبي 16/ 246 وتفسير البغوي 4/ 190.
(8)
المحرر الوجيز 5/ 139.
(9)
معاني القرآن 6/ 512.
(10)
ينظر: تفسير البغوي 4/ 190.
(11)
الكشاف 4/ 27.
وقال الزركشي موافقاً لبعض قول الحسين: " وأما قوله {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} فالاستثناء مع تحقق الدخول تأدباً بأدب الله في المشيئة، والاستثناء من الداخلين، لا من الرؤيا، لأنه كان بين الرؤيا وتصديقها سنة، ومات بينهما خلق كثير، فكأنه قال: كلكم إن شاء الله ".
(1)
وقول الحسين في هذه الآية له وجهه وقوته، ولا يستبعد معناه في الاستثناء
…
ـ والله أعلم -
ولقد ذكر ابن كثير في معنى قوله {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} أن هذا لتحقيق الخبر وتوكيده وليس هذا من الاستثناء في شيء
(2)
ومعلوم أن اللغة تسوغ إباحة الاستثناء في الشيء المستقبل، وإن لم يشك في كونه لدلالة هذه الآية
(3)
والاستثناء يكون في الواجبات التي لا بد من وقوعها.
(1)
البرهان 4/ 220.
(2)
تفسيره 4/ 201
(3)
ينظر: صحيح ابن حبان 3/ 322 والاستذكار 1/ 186 ولم يستدل بهذه الآية.