الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الحديد
قال تعالى {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]
[93]
قال الحسين بن الفضل: (هو الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، والظاهر بلا اقتراب، والباطن بلا احتجاب)
الكشف والبيان للثعلبي 1/ 232
(1)
الدراسة
اُختُلِف في معاني أسماء الله
(2)
(الأول والآخر والظاهر والباطن) وقد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم شرحاً يغني عن قول كل قائل، فقال في صحيح مسلم من حديث أبى هريرة (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)
(3)
قال الفراء: " يريد الأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، والظاهر على كل شيء علماً وكذلك الباطن على كل شيء علماً "
(4)
وقال ابن جرير: " (هو الأول) قبل كل شيء بغير حدّ، (والآخر) يقول: والآخر بعد كل شيء بغير نهاية وإنما قيل ذلك كذلك؛ لأنه كان ولا شيء موجود سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جلَّ ثناؤه: كل شيء هالك إلا وجهه، وقوله (والظاهر) يقول: وهو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء، فلا شيء أعلى منه (والباطن) يقول: وهو الباطن جميع الأشياء، فلا شيء أقرب إلى شيءٍ منه، كما قال {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]
(5)
.
وقال الزجاج: (الأول) وهو موضوع التقدم والسبق. ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أوّل: هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وُجدت بعده، وقد سبقها كلَّها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه (أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء) والآخر هو المتأخر عن الأشياء كلها ويبقى بعدها، والظاهر هو الذي ظهر للعقول بحججه وبراهين وجوده وأدلة وحدانيته هذا إن أخذته من الظهور، وإن أخذته من قول العرب ظهر فلان فوق السطح إذا علا
(6)
.. إلى أن قال: الباطن هو العالم ببطانة الشيء، يقال: بَطنْتُ فلاناً وخبرتُه: إذا عرفت باطنه وظاهره، والله تعالى عارفٌ ببواطن الأمور وظواهرها، فهو ذو الظاهر وذو الباطن "
(7)
(1)
ت: هبة الله بنت صادق أبو عرب، ج: أم القرى.
(2)
ينظر: تفسير البغوي 4/ 321 وشرح النووي 17/ 30 وتفسير ابن كثير 4/ 302/ 303.
(3)
كتاب (الذكر والدعاء) ح: 6889 ص: 1179.
(4)
معاني القرآن 3/ 132 وبمثل قوله في (الظاهر والباطن) قال البخاري في كتاب (التفسير) سورة الحديد ص: 865.
(5)
تفسيره 27/ 252 وقد فصَّل شيخ الإسلام في مسألة (القرب) ينظر: مجموع الفتاوى 5/ 498 وما بعدها.
(6)
تفسير أسماء الله الحسنى ص: 59/ 60 قال النحاس في إعراب القرآن 4/ 233: " ومن أحسن ما قيل فيه أنه من (ظهر) أي قويَ وعلا، فالمعنى الظاهر على كل شيء العالي فوقه فالأشياء دونه " وينظر التنبيهات السنيّة ص: 55
(7)
تفسير أسماء الله الحسنى ص: 61.
وقال الخطابي: " الأول هو السابق للأشياء كلها
…
الآخر هو الباقي بعد فناء الخلق، وليس معنى الآخر ماله الانتهاء، كما ليس معنى الأول ماله الابتداء، فهو الأول والآخر وليس لكونه أولُ ولا آخرُ. (الظاهر) هو الظاهر بحججه الباهرة وبراهينه النيرة وبشواهد أعلامه الدالة على ثبوت ربو بيته وصحة وحدانيته ويكون الظاهر فوق كل شيء بقدرته، وقد يكون الظهور بمعنى العلو، ويكون بمعنى الغلبة .. (الباطن) هو المحتجب عن أبصار الخلق وهو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين وتجليه لبصائر المتفكرين ويكون معناه: العَالم بما ظهر من الأمور والمطلع على ما بطن من الغيوب "
(1)
وقال البيهقي في (الاعتقاد): " الأول هو الذي لا ابتداء لوجوده، الآخر هو الذي لا انتهاء لوجوده .. الباطن هو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية وقد يكون الظاهر بمعنى العالم بما ظهر من الأمور، والباطن بمعنى المطلع على ما بطن من الغيوب وهما من صفات الذات "
(2)
وفي نونية ابن القيم:
هُوَ أَوَّلٌ هُوَ آخرٌ قَادرٌ مُتَكَلِّمٌ
…
هُوَ بَاطِنٌ هيَ أَرْبَعٌ بِوزَانِ
مَا قَبْلَهُ شَيْءٌ كَذَا مَا بَعْدَهُ
…
شَيْءٌ تَعَالى الله ذُو السُّلْطَانِ
مَا فَوْقهُ شَيْءٌ كَذَا مَا دُونَهُ
…
شَيْءٌ وَذَا تَفْسيُر ذي الْبُرْهَان
فَانْظُرْ إلَى تَفْسيرِه بِتَدَبُّرٍ
…
وتَبَصُّرٍ وَتَعَقُّلٍ لمَعَانِ
فَانْظُرْ إلَى مَا فِيهِ مِنْ أنْوَاعِ مَعـ
ــ
…
ــــــرِفَةٍ لِخَالقِنَا الْعَظِيمِ الشَّانِ
(3)
فهذه أربعة أسماء متقابلة في الزَّمان والمكان، تفيد إحاطة الله سبحانه وتعالى بكل شيء أولاً وآخراً، وكذلك في المكان، ففيه الإحاطة الزمانية والإحاطة المكانية.
(4)
(1)
شأن الدعاء ص: 87 - 88.
(2)
ص: 63 - 64.
(3)
ينظر في الأبيات وشرحها: شرح العقيدة النونية للشيخ هرَّاس 2/ 72 - 75
(4)
ينظر في هذا وفي فوائد تتعلق بالآية: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين 2/ 180 - 183.