الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعجمة وسكون الموحدة وبعدها اللام، المدني، صدوق ربما وهم، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة، عن أبيه، أي: عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، يكنى أبا شبل، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ بصيغة المجهول، أي: أن يطرح في الدباء، أي: القرع، والمزفت، أي: من الجرار لإِسراع إسكار ما ينبذ فيهما.
لما فرغ من بيان حكم ما ينبذ في الدباء والمزفت، شرع في بيان حكم نبيذ الطلاء، فقال: هذا
* * *
باب نبيذ الطلاء
في بيان حكم نبيذ الطلاء، أي: منبوذ فيه، وهو بكسر الطاء المهملة كل ما يُطلى به قطران ونحوه، ويقال: لكل ما غلظ من الأشربة طلاء على التشبيه، حتى سمي به الثلث، كذا في (المغرب).
721 -
أخبرنا مالك، أخبرنا داود بن الحُصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن لبيد الأنصاري: أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثِقلها، قالوا: لا يصلح لنا إلا هذا الشراب، قال: اشربوا العسل، قالوا: لا يصلحنا العسل، قال رجل من أهل الأرض: هل لك أن أجعل لك من هذا الشراب شيئًا لا يُسكر، قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، فأتوا به عمر بن الخطاب، فأدخل إصبعه فيه ثم رفع يده فتبعه يتمطَّط، فقال: هذا الطلاءُ مثلُ طلاءِ الإِبل، فأمرهم أن يشربوه، فقال له عُبادة بن الصامت: أحللتَها والله، قال: كلا والله ما أحللتُها، اللهم إني لا أُحلُّ شيئًا حَرَّمْتَهُ عليهم، ولا أُحَرِّمُ عليهم شيئًا أَحْلَلْتَهُ لهم.
(721) إسناده صحيح.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس بشراب الطِّلاء الذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه وهو لا يُسكر، فأمَّا كل معتَّق يُسكر فلا خير فيه.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا داود بن الحُصين الأموي، مولاهم يُكنى أبا سليمان المدني، ثقة إلا في عكرمة، كان في الطبقة السادسة من (ق 755) طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة، عن واقد بالقاف ابن عمرو بفتح العين المهملة ابن سعد بن معاذ الأنصاري الأشهلي، يُكنى أبا عبد الله المدني، ثقة تابعي، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ست وعشرين ومائة، عن محمود بن لبيد الأنصاري الأوسي الأشهلي، يُكنى أبا نعيم المدني، صحابي صغير، وحكى روايته عن الصحابة، مات سنة ست وتسعين وله تسع وتسعون سنة، كذا في (تقريب التهذيب) لابن حجر (1).
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قدم الشام أي: في زمان خلافته، شكا إليه أهل الشام وباء الأرض أي: عن طاعونها وثِقلها بكسر الثاء المثلثة وفتح القاف فلام بعدها، أي: ثقل مائها، وقالوا: عطف على شكى: لا يصلح لنا إلا هذا الشراب، لعله كان عندهم نوع من الشراب غير الخمر من أنواع النبيذ، فيكون الاستثناء منقطعًا، فقال: أي: عمر: اشربوا العسل أي: فإنه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون، قالوا: أي: أهل الشام، لا يصلحنا العسل، أي: لا يوافق أمزجتنا؛ لأنه حلو وأمزجتنا حارة، قال رجل من أهل الأرض أي: أرض الشام: هل لك أي: رغبة أن أجعل لك من هذا الشراب شيئًا لا يُسكر، قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب أي: منه ثلثاه وبقي ثلثه، فأتوا به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أي: ليعرضوا عليه، فأدخل أي: عمر إصبعه فيه ثم رفع يده فتبعه وفي (الموطأ) ليحيى فتبعها يتمطَّط أي: يتمدد، أراد أنه ثخين على ما في (النهاية)، فقال: هذا الطلاءُ بالمد، أي: ما يطبخ من العصير حتى يغلظ مثلُ طلاءِ الإِبل، وفي رواية: ما أثبته بطلاء الإِبل، أي: ما يطلى به جربها من قطران ونحوه، فأمرهم أي: بأهل الشام أن يشربوه، أي: على سبيل التداوي؛ لأنه لم يره مسكرًا، وفيه إشعار بأن
(1) التقريب (1/ 522).
المسكر لا يتداوى به، إلا أن ينتقل من طبعه إلى الحل، فقال له أي: لعمر عُبادة بن الصامت أي: أحد فضلاء الصحابة أحللتَها أي: جعلت الخمر حلالًا يا عمر والله، هذا يمين لغو، وهي حلفه كاذبًا يظنه صادقًا، كما إذا حلف أن في هذا الكوز ماء بناء على أنه رآه كذلك، ثم ارتق ولم يعرفه، وحكمها أن يرجى عفوه، وإنما سميت لغوًا لأنها لا يعتبرها؛ فإن اللغو اسم لما لا يفيد شيئًا، وعند الشافعي اليمين اللغو أن يجري على لسانه بلا قصد، سواء كان في الماضي والآتي، بأن قصد التسبيح، فجرى على لسانه اليمين، مثل هذا خلاصة ما في (الدرر)، قال: أي: عمر كلا ردع، أي: انزجر عن هذا القول، والله ما أحللتُها، أي: الخمر، اللهم إني لا أُحلُّ لهم أي: لا أبيح لهم، أي: لأهل الشام شيئًا حَرَّمْتَهُ عليهم، ولا أُحَرِّمُ عليهم شيئًا أَحْلَلْتَهُ لهم.
وكان عمر اجتهد في ذلك تلك المرة، ثم رجع عنه، فحد ابنه في شرب الطلاء.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، من أن الشراب إذا لم يسكر يباح شربه، كما قال، أي: محمد بن الحسن، لا بأس أي: لا كراهة بشراب الطِّلاء الذي ذهب ثلثاه وبقي ثلثه وهو لا يُسكر، أي: مطلقًا قليلًا أو كثيرًا، فأمَّا كل معتَّق بضم الميم (ق 756) وفتح العين المهملة وتشديد الفوقية، أي: العتيق والقديم، يُسكر أي: في ساعته أوسع التراجي، فلا خير فيه، أي: لا يتداوى به؛ لأنه نجس، فلا يتداوى به، وأما أبوال الإِبل شربها العرنيون بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم لأجل الدواء بجربهم فمختص لهم.
قال البخاري: ورأي عمر وأبو عبيدة بن الجراح ومعاذ شرب الطلاء على الثلث، وروي في النسائي شربه عن أبي موسى الأشعري، وقال أبو داود: سألتُ أحمد عن شرب الطلاء إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، فقال: لا بأس به، قلتُ: إنهم يقولون: إنه يسكر، قال: لو كان يسكر ما أحله عمر، ثم اعلم أنه حل نبيذ التمر والزبيب مطبوخًا أدنى طبخة بأن طبخ حتى نضج، وإن اشتد إذا شرب ما لم يسكر بلا نية لهو وطرب، بل بنية التقوي، وكذا حل نبيذ العسل والتين والبسر والشعير والذرة، وإن لم يطبخ بلا نية لهو وطرب بل التقوي.
لكن حل ذلك أبي حنيفة وأبي يوسف، فلا يحد شاربه، وإن أسكر منه.
وقال محمد: كل مسكر كثيره حرم قليله من أي نوع كان، ويحد السكران فيه.
والفتوى في زماننا على قول محمد بن الحسن الشيباني؛ لأن الفساق يجتمعون عليها ويقصدون اللهو بشرابها والسكر بسببها.
لما ذكر ما يتعلق بالإِحياء، شرع بذكر ما يتعلق بالأموات، فقال: هذا
* * *