الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة وقبل ذبح الإِمام لحديث البراء بن عازب، مرفوعًا من نسك قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم، لكن الأولى لصاحب الأضحية أن يؤخر ذبحها ليقع بعد ذبح الإِمام أضحيته احتياطًا، وعملًا بأقوال جميع الأئمة، كما قاله الزرقاني.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل الذي يذبح أضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى، شرع في بيان أجناس الحيوانات يجوز منها الأضحية، وبيان كمية الشركاء في الأضحية، فقال: هذا
* * *
باب ما يجزئ من الضحايا عن أكثر من واحد
باب في كمية ما يجزئ أي: يكفي من الضحايا، بيان بما عن أكثر من واحد، متعلق بيجزئ عن وجه التنازع، أي: باب في بيان أضحية فيها اشتراك سبعة رجال أن يذبحوها للتقرب، وجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق معنى الاختلاف بين الأئمة واتفاقهم.
638 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عُمارة بن صياد: أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره، قال: كنا نضحّي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته، ثم تباهى الناس بعد ذلك، فصارت مباهاة.
قال محمد: كان الرجل يكون محتاجًا فيذبح الشاة الواحدة يضحي بها عن نفسه؛ فيأكل ويُطعم أهله، فأما شاةٌ تُذبح عن اثنين أو ثلاثة أضحية فهذه لا تجزئ، ولا تجزئ الشاة إلا عن الواحد، وهو قولُ أبي حنيفة والعامة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا أخبرنا عُمارة بضم العين المهملة، وتخفيف الميم الممدودة، فرواها ابن صياد بفتح الصاد المهملة وتشديد التحتية
(638) إسناده صحيح.
فألف ودال، اسم جده واسم أبيه أكيمة، بضم الهمزة وفتح الكاف وسكون التحتية، وفتح الميم والهاء، مصغر أكمه، وهو الذي وُلِدَ من أمه عمي، يكنى أبا الوليد الليثي، المدني، ثقة كان في الطبقة الثامنة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وسبعين سنة، كذا في (تقريب التهذيب)، أن عطاء بن يسار الهلالي، يُكنى أبا محمد المدني، مولى ميمومة، ثقة فاضل، صاحب مواعظ وعبادة، كان في الطبقة الثانية من طبقات صغار التابعين، من أهل المدينة، مات سنة أربع وتسعين، أخبره أن أبا أيوب هو خالد بن زيد الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره، قال: كنا نضحّي بالشاة الواحدة أي: من الأغنام يذبحها الرجل عنه أي: عن نفسه وعن أهل بيته أي: تطوعًا، (ق 663) ثم تباهى الناس أي: تفاخروا وتكاثروا بعد ذلك، فصارت أي: التضحية مباهاة، أي: مبالغة ومفاخرة، فبعدت عن السنة، فإنما عاب ذلك للمباهاة.
قال محمد: كان الرجل يكون محتاجًا أي: إلى اللحم وفقيرًا لا يجب عليه التضحية، فيذبح في يوم النحر الشاة الواحدة أي: للتبرك لا للتقرب، يضحي أي: الرجل المسلم المقيم لصاحب النصاب، بها أي: الشاة الواحدة عن نفسه للتقرب، فيأكل أي: صاحب الأضحية عن أضحيته، ويُطعم أهله أي: يطبخ لحم أضحيته ويدعو أتباعه ويحضرهم عنده، ويجعل اللحم المطبوخ بين يديهم، ويأمرهم بأن يأكلوا، ويعطيهم اللحم غير مطبوخ، والإِطعام على هذين المعنيين أعم من الإِعطاء صورته من حنث في يمينه يجوز له أن يُكَفِّر بأن يدعو بعشرة مساكين ويشبعهم في الغداة والعشي، أو يدفع يد كل واحد منهم نصف صاع من بر أو صاعًا من تمر أو شعير، فأما الزكاة وصدقة الفطر فتدفعان بأيدي الفقراء فقط، كما ذكرناه في كتاب الزكاة من (سلم الفلاح).
فأما شاةٌ واحدة تُذبح بصيغة المجهول، عن اثنين أو ثلاثة أضحية أي: بطريق الوجوب، فهذه أي: أضحية الشاة الواحدة عن متعدد، لا تجزئ أي: لا تكفي، ولا تجزئ الشاة إلا عن الواحد، إذا كانت واجبة عليه، وهذا كالتأكيد لما قبله، وهو أي: جواز أضحية الشاة الواحدة عن رجل واحد، قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
* * *
639 -
أخبرنا مالك، أخبرنا أبو الزّبير المكي، عن جابر بن عبد الله، قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحُديبيَة البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، البدنة والبقرة تجزئ عن سبعة في الأضحية والهدي؛ متفرقين كانوا أو مجتمعين، من أهل بيت واحد أو غيره، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا أبو الزّبير المكي، هو محمد بن مسلم الأسدي، مولاهم، صدوق إلا أنه يدلس، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل مكة، مات سنة ست ومائة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنهما، على ما رواه الجماعة إلا البخاري، قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحُديبيَة أي: عام الحديبية بضم الحاء المهملة وفتح الدال وسكون التحتية وكسر الموحدة وفتح التحتية الثانية المخففة فهاء على المشهور، أو بينه وبين مكة عشرة أميال، أو خمسة عشر ميلًا عن طريق جدة قريبًا من جدة، البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، على معنى أنهم اشتركوا في الأجر، وكان القياس أنه لا يجوز البقرة أو البعير إلا عن فرد؛ لأن الإِراقة واحدة، وهي القربة، إذ تركناه لهذا الحديث ولا نص في الشاة، فبقيت على أصل القياس، ثم كل من البقرة والبعير يجوز عن ستة، وعن خمسة، وعن ثلاثة، على ما ذكره محمد في الأصل، وعن اثنين على أصح الروايتين؛ لأنه إذا أجاز عن السبعة فعن ما دونهم أولى، ولا يجوز عن ثمانية أخذًا بالقياس فيما لا نص فيه، فكذا أخرج الترمذي (1) وقال: حديث حسن غريب، والنسائي (2) وأحمد (3) وابن حبان (4) في
(639) صحيح، أخرجه مسلم (3127)، والترمذي (1502)، وأبو داود (2809)، والنسائي (2/ 242)، وابن ماجه (3132)، والبيهقي في الكبرى (5/ 168، 169)، وفي معرفة السنن والآثار (14/ 19096).
(1)
الترمذي (3/ 249).
(2)
النسائي في الكبرى (3/ 59)، رقم (4482).
(3)
أحمد (5/ 406).
(4)
ابن حبان (9/ 318)، (4007) الإِحسان.