الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهذا الحديث حسن جميل بالجيم أي: في غاية من الحسن والكمال والحديث رواه مالك وأحمد وأصحاب الكتب الستة جميعهم عن ابن عمر، كما أورده مالك في ترجمة الأمر بالوصية من (الموطأ) برواية يحيى.
لما فرغ من بيان وجوب الوصية واستحبابها على المسلم مطلقًا، شرع في بيانها خاصة، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يوصي عند موته بثلث ماله
في بيان حكم حال الرجل يوصي عند أى: موته بثلث ماله بأقل من الثلث عند غني ورثته أو استغنائهم بحصتهم كتركها بلا أحدهما وصحت الوصية بالثلث للأجنبي، لما أخرجه ابن ماجه في (سننه) عن طلحة بن عمر والمكي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم"(1) وإنما قال: "تصدق عليكم. . ." إلى آخره؛ لأن القياس يقتضي أن لا يجوز الوصية؛ لأنها تمليك شيء مضاف إلى حال زوال الملك، ولو أضاف حد التمليك إلى حال فقام الملك بأن قال ملكتك غدًا كان باطلًا فهذا أولى لا أن الشارح أجازها لحاجة الناس إليها، فإن الإِنسان مغرور بأمله مقصر في عمله فإذا أعرض له عارض فخاف مجيء أجله احتاج إلى تلاقي ما فاته بماله على وجه لو تحقق ما يخافه لحصل، ويجوز أن يبقى الملك بعد موت المالك باعتبار الحاجة، كما في قدر التجهيز والدين وقد نطق بها الكتاب والسنة، وانعقد عليه إجماع الأمة. وجه المناسبة بين هذا الباب والباب السابق الإِطلاق والتقييد.
735 -
أخبرنا مالك حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن حزم، أن أباه أخبره أن عمرو بن سُلَيم الزُّرَقي، أخبره: أنه قيل لعمر بن الخطاب: إن ههنا غلامًا يفَاعًا
(1) أخرجه أحمد في المسند (6/ 441)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 104)، وابن عدي في الكامل (2/ 794).
(735)
إسناده صحيح، أخرجه البيهقي (6/ 282)، (10/ 317).
من غَسّان، ووارثه بالشام، وله مالك، وليس ههنا إلا ابن عمٍّ له، فقال عمر: مروه فليوص لها، فأوصى لها بمالٍ يقال له: بئر جُشَم، قال عمرو بن سُليم: فَبِعْتُ ذلك المال بثلاثين ألفًا بعد ذلك، وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سُليم.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن حزم، الأنصاري المدني القاضي، ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة، وهو ابن سبعين سنة كذا قاله ابن حجر أن أباه أخبره أي: أبا بكر بن حزم أن عمرو بفتح العين المهملة وسكون فراء ابن سُلَيم بالتصغير ابن خلدة بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام الأنصاري الزُّرَقي، بضم الزاي وفتح الراء المهملة فقاف نسبة إلى بني ذريق بالتصغير، بطن من الأنصار، كان في الطبقة الأولى كان من طبقات كبار التابعين ومشاهيرهم، ويقال: له رؤية وأبوه صحابي، مات سنة أربع ومائة. كذا قاله العلامة الذهبي الشافعي في (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) (1) وابن حجر في (تقريب التهذيب) (2) أخبره: أنه أي: الشأن قيل لعمر بن الخطاب: إن ههنا أي: بالمدينة غلامًا يفَاعًا بفتح التحتية والفاء بزنة كلام مرتفع من غَسّان، بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة، وفي (المغرب): غلامًا يافع لم يبلغ ويفاع بمعنى يافع، وهي قبيلة من الأزد ووارثه أي: القريب بالشام، أي: وهو مريض في هذا المقام وله مال، أي: عظيم وليس ههنا من ورثة البعيدة إلا ابنة عمٍّ قال أي: الراوي فهل يوصي لها؟ فقال عمر: مروه فليوص لها أي: بثلث ماله قال أي: الراوي فأوصى لها بمالٍ أي: من عقار يقال له أي: للمال بئر جُشَم، بضم الجيم وفتح الشين المعجمة فميم قال عمرو بن سُليم، فَبِعْتُ ذلك المال أي: وكالة عنها بثلاثين ألفًا وفي (الموطأ) لمالك برواية يحيى بثلاثين ألف درهم بعد ذلك، أي: بعد أمره بالوصية وابنة عمه أي: الغلام التي أوصى أي: الغلام لها هي أم عمرو بن سُليم بن خلدة الزرقي الراوي الخبر المذكور.
* * *
(1) ميزان الاعتدال (3/ 263).
(2)
التقريب (1/ 422).
736 -
أخبرنا مالك أخبرنا ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ حَجة الوداع يعودني من وجع اشتدَّ بي، فقلتُ: يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنةٌ لي، أفأتصدق بثلثي مالي، قال:"لا"، قال: بالشطر، قال:"لا"، قال: فبالثلث؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثلث والثلث كثير - أو كبير - إنك إن تَذَر ورثتَك أغنياء خيرٌ من أن تَذَرهم عالةً يتكفَّفُونَ الناس، وإنك لن تُنفق نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلا أُجِرْتَ بها حتى ما تجعل في امرأتك"، قال: قلتُ: يا رسول الله أخلَّفُ بعد أصحابي، قال:"إنك لن تُخلَّف فتعمل عملًا صالحًا تبتغي به وجه الله تعالى إلا ازددتَ به درجة ورفعة، ولعلك أن تُخْلِفَ حتى ينتفع بك أقوامٌ ويُضَرَّ بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردّهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة، يرثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مات بمكة".
قال محمد: الوصايا جائزة في ثلث مال الميت بعد قضاء دينه، وليس له أن يوصي بأكثر من ثلثه، وإن أوصى بأكثر من ثلثه فأجازته الورثة بعد موته فهو جائز، وليس لهم أن يرجعوا بعد إجازتهم، وإن ردّوا رجع ذلك إلى الثلث، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الثلث، والثلث كثير"، فلا يجوز لأحد وصية بأكثر من الثلث إلا أن يُجيزوا الورثة، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين مات سنة خمس وعشرين ومائة عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، الزهري المدني، ثقة
(736) صحيح، أخرجه البخاري (1295)(4409)، ومسلم في الوصية (4131، 4132)، وأبو داود (2864)، والترمذي (2116)، والنسائي في الوصايا (6/ 241)، وفي عشرة النساء في الكبرى كما في التحفة (3/ 297)، وابن ماجه في الوصايا (2708).
كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع ومائة، كما قاله ابن حجر (1) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرة بالجنة أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ حَجة الوداع يعودني كذا في نسخة: أن يزورني عام حجة الوداع أي: سنة عشر هكذا اتفق عليه أصحاب الزهري، لابن عيينة فقال: في فتح مكة أخرجه الترمذي وغيره، واتفق الحفاظ على أنه وهم فيه وقد أخرجه البخاري في الفرائض من طريق فقال: بمكة، ولم يذكر الفتح.
قال الحافظ: وقد وجدت لابن عيينة مستند عن أحمد والبزار والطبراني والبخاري في التاريخ عنه وابن سعد من حديث عمرو بن الغازي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قدم مكة فخلف سعدًا مريضًا، حيث خرج إلى حنين فلما قدم من الجعرانة معتمرًا أدخل عليه وهو مغلوب، فقال: يا رسول الله أنا لي مالًا وإني أورث كلالة، أفأوصي بمالي. . . الحديث، وفيه: قلت: يا رسول الله أميت أنا بالدار التي خرجت منها مهاجرًا؟ قال: "إني لأرجو أن يرفعك الله حتى ينتفع بك أقوام. . ." الحديث، فلعل ابن عيينة انتقل ذهنه من حديث إلى حديث، ويمكن الجمع بين الروايتين بأن ذلك وقع له مرتين مرة عام الفتح ولم يكن له وارث من الأولاد أصلًا، ومرة عام حجة الوداع وكانت له بنت فقط يعودني، أي: يزورني من وجع وهو بالفتح اسم لكل مرض اشتدَ بي، أي: قوي على ما في رواية: أشفيت منه على الموت فقلتُ: يا رسول الله بلغ مني وفي نسخة: بي بدل مني الوجع ما ترى، أي: الغاية من الكثرة والغلبة وطول المدة وأنا ذو مال، أي: كثيرًا؛ لأن التنوين للكثرة وفي رواية قد جاء صريحًا في بعض طرقه ذي مال كثير ولا يرثني إلا ابنةٌ لي، قال النووي وغيره: معناه: (ق 774) لا يرثني من الولد أو من خواص الورثة أو من النساء، وإلا فقد كان لسعد عصبات؛ لأنه من بني زهرة، وكانوا كثيرًا، وقيل: معناه: لا يرثني من أصحاب الفروض أو خصها بالذكر على تقدير: ولا يرثني، فمن أخاف عليه الضياع والعجز إلا ابنه أو أظن أنها ترث جميع المال، واستكثرتها نصف التركة.
وقال الحافظ: وهذه البنت زعم بعض من أدركناه أن اسمها عائشة، فإن كان محفوظًا فهو غير عائشة بنت سعد الذي روت الحديث عند البخاري في الوصايا والطب
(1) في التقريب (1/ 232).
وهي تابعية، عمرت حتى أدركها مالك، وروى عنها وماتت سنة سبع عشرة ومائة أفأتصدق بثلثي مالي، بالتثنية والاستفهام للاستخبار، وهكذا رواه الزهري، ومثله في رواية عائشة بنت سعد عن أبيها، في (الصحيح)، وفيه من رواية سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه قلت: يا الله أوصي بمالي كله، وجمع بينهما بأنه سأل أولًا عن الكل ثم عن الثلثين ثم عن النصف ثم عن الثلث، وذكر مجموع في رواية جرير بن يزيد عن أحمد وبكير بن مسمار عن النسائي كلاهما عن عامر بن سعد قال: أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا"، قال: أي: سعد فقلت: فبالشطر، بالجزء على ثلثي مالي، أي: إذا تصدق بالنصف قال: "لا"، وفي الصحيح من وجه آخر عن عطف لأمر عين أبيه قال: النصف كثير فقلت فبالثلث؟ ثم أي: بعد أن سأل عن الثلث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثلث بالنصب على الإِغراء أو بفعل فصل نحو عين الثلث وبالرفع خبر مبتدأ أي: المشروع والثلث أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: الثلث كاف أو فاعل لفعل مقدر يكفيك الثلث.
قال ابن عبد البر (1): هذا الحديث أصل للعلماء في قصر الوصية على الثلث لا أصل لهم غيره والثلث كثير بمثلثة أي: بالنسبة إلى ما دونه ويحتمل أنه مسوق بالنسبة لبيان الجواز بالثلث؛ ولأن الأولى أن ينقص عنه، وهو ما يبتدره الفهم، ويحتمل لبيان أن التصدق بالثلث هو الأكمل أي: كثير أجره، وأن معناه كثير غير قليل أو كبير بالموحدة شك من الراوي أي: عظيم وفيه تنبيه على أن الثلث رخصة دونه مستحبة إنك بالكسر على الاستئناف وبالفتح بتقدير حرف الجر، أي: لأنك إن تَذَر بهمزة والذال المعجمة أي: تترك ورثتَك أي: بنتك المذكورة وأولاد أخيك هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الصحابي وأخوته، فعبر بورثته لتدخل البنت وغيرها ممن يرثه، لو مات إن ذاك أو بعد ذلك أغنياء أي: بما تتركه لهم خيرٌ.
قال السيوطي: ضبط بفتح الهمزة على "أن" مصدرية في محل المبتدأ والخبر خير وبكسرها شرطية على تقدير: فهو خير من أن تَذَرهم عالةً أي: فقراء جمع عائل، وفعله عال يعيل إذا اقتضى يتكفَّفُونَ الناس، أي: بفتحتان وتشديد الفاء الأولى أي: يسألونهم بأكفهم يقال: تكفف الناس، واستكف إذا بسط كفه للسؤال أو سأل (ق 775) ما يكف
(1) في التمهيد (8/ 380).
عنه الجوع، أو سأل كفافًا من الطعام والمعنى يطلبون الصدقة من أكف الناس، وإنك لن تُنفق نفقةً تبتغي بها أي: تريد بالنفقة وجهَ الله تعالى أي: رضاه أو لقاؤه إلا أُجِرْتَ بها بضم الهمزة مبني للمفعول فهو علة للنهي، كأنه قيل: لا تفعل؛ لأنك إن مت تركت ورثتك أغنياء، وإن عشت تصدقت وأنفقت فالأجر حاصل لك في الحالين ونبه بالنفقة على غيرها من وجوه البر والإِحسان حتى ما موصولة أو مصدرية أي: الذي تجعل أي: تضعه في أي: في فم امرأتك"، حقيقة أو حكمًا بأن يكون كفاية عن الإِنفاق عليها فيثاب عليه مع أنه واجب شرعًا وعرفًا وله حظ ونصيب فالاستلذاذ بها فبالأولى إنفاقه على غيرها، وفي رواية في الصحيح: حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك، وقول ابن بطال: تجعل بالرفع و"ما" كافة كفت حتى عملها تعقبه في (المصابيح)، بأنه لا معنى للتركيب حينئذ إن تأملت بل هي اسم موصول وحتى عاطفة أي: لا أجرت بتلك النفقة حتى بالشيء الذي تجعله في فم امرأتك، ولا يرد أن شرطية حتى العاطفة على المجرور إعادة الخافض لابن مالك قيده بأن لا يتعين للعطف نحو عجبت من القدم حتى بينهم قال: أي: سعد قلتُ: يا رسول الله أخلَّفُ بضم الهمزة وفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحة ففاء وهمزة الاستفهامية محذوفة تقديره: أخلف بعد أصحابي، أي: أخلف بصيغة المجهول المتكلم، وليحيى: أخلف، أي: بمكة من أجل مرضي بعد توجهه صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام إلى المدينة وكانوا يكرهون الإِقامة بمكة لكونهم هاجروا فيها وتركوا الله تعالى كذا قاله السيوطي قال أي: النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تُخلَّف أي: بعد أصحابك فتعمل عملًا صالحًا تبتغي أي: تطلب به وجه الله تعالى أي: رضاه إلا ازددتَ به أي: بذلك العمل الصالح درجة ورفعة، أي: طبقة من الجنة طولها ما بين السماء والأرض ومرتبة عند الله تعالى أراد بذلك التلبية ولعلك أن تُخْلِفَ أي: بأن يطول عمرك يريد أن في خبر لعل تشبيهًا لها تعني كما تحذفونها من خبر عسى تشبيهًا لها بلعل حتى ينتفع بك أقوامٌ أي: المسلمون بالغنائم بما يستفتح الله على يديك من بلاد الكفر ويُضَرَّ بك آخرون، أي: وهم المشركون الهالكون على يدك وحيدك، وفيه تنبيه على أن الصبر على ما تكره النفس فيه خير كثير كما قال تعالى:{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا، وأن الرضا بالقضاء بأن الله الأعظم، والله سبحانه أعلم.
ثم انتقل النبي صلى الله عليه وسلم من حال التفرقة مع الخلق إلى مقام الجمع بالحق فقال: اللهم
امض بهمزة مقطوعة من الإِمضاء، وهو إنفاذ أي: أتمم لأصحابي هجرتهم أي: أقبل وأكمل ثواب الهجرة التي هاجروها من مكة إلى المدينة ولا تردّهم على أعقابهم، أي: بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم.
قال ابن عبد البر: ففيه سد الذريعة لأن قوله ذلك؛ لئلا يتذرع بالمرض أحد لأجل (ق 776) أحب الوطن لكن البائس بموحدة وهمزة وسين مهملة، الذي عليه أثر البؤس أي: شدة الفقر والحاجة سعد بن خولة، بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو ولام وتاء تأنيث، القرشي العامري وقيل: من خلفائهم وقيل: مواليهم، وقيل: هو فارسي من اليمن حالف بني عامر وشهد بدرًا، وقال في بعضهم: اسمه خولي بكسر اللام وتشديد التحتية واتفقوا على أنه بسكون الواو يرثى بفتح التحتية وسكون الراء المهملة وكسر المثلثة فتحتية أي: يتحزن عليه ويتوجع له أي: لأجله سعد بن خولة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة" بفتح الهمزة ولا يصح كسرها، لأنها شرطية لما يستقبل، وهو كان قد مات سعد بن خولة في حجة الوداع، كما في (الصحيحين).
قال السيوطي: قوله: لكن البائس سعد بن خولة آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: يرثي له إلى آخره مدرج من كلام الراوي تفسير المعنى هذا الكلام، أو أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نهاه وتوجع عليه لكونه مات بمكة انتهى.
قال ابن عبد البر (1): زعم أهل الحديث أن قوله: يرثي. . . إلى آخره من كلام الزهري.
قال الحافظ (2): وكأنهم استندوا إلى ما رواه أبو داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد عن الزهري، فإنه فصل ذلك لكن عند البخاري في الدعوات عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد البائس سعد بن خولة قال سعد: يرثي له إلى آخره فهذا صريح في وصله، فلا ينبغي الجزم بإدراجه. وزاد البخاري في الطب عن عائشة بنت سعد عن أبيها: ثم وضع يده على جبهتي ثم مسح وجهي وبطني ثم قال: "اللهم اشفه وأتمم له هجرته" فما زلت أجد بردها ولمسلم: قلت: فادع الله يشفيني، قال:"اللهم سعد" ثلاث مرات، وفي الحديث استحباب زيارة المريض من الإِمام فمن دونه، ويتأكد باشتداد المرض ووضع اليد على جبهته، ومسح وجهه فالعضو الذي يألمه والفسح له بطول العمر، وجواز إخبار
(1) في التمهيد (8/ 391).
(2)
الفتح (5/ 365).