المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أكل الضب - المهيأ في كشف أسرار الموطأ - جـ ٣

[عثمان الكماخي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النِّكَاح

- ‌باب الرجل يكون له نسوة، كيف يقسم بينهن

- ‌باب أدنى ما يتزوج عليه المرأة

- ‌باب لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها في النكاح

- ‌باب الرجل يخطب على خطبة أخيه

- ‌باب الثَّيِّب أحقُ بنفسها من وليها

- ‌باب الرجل يكون عنده أكثر من أربع نسوة فيريد أن يتزوج

- ‌باب ما يُوجب الصداق

- ‌باب نكاح الشغار

- ‌باب نكاح السر

- ‌باب الرجل يجمع بين المرأة وابنتها، وبين المرأة وأختها في ملك اليمين

- ‌باب الرجل ينكح المرأة ولا يصل إليها لعلة بالمرأة أو الرجل

- ‌باب البكر تستأمر في نفسها

- ‌باب النكاح بغير ولي

- ‌باب الرجل يتزوج المرأة ولا يفرض لها صداقًا

- ‌باب المرأة تتزوج في عدتها

- ‌باب العزل

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب طلاق السنة

- ‌باب طلاق الحرة تحت العبد

- ‌باب ما يُكره للمطلقة المبتوتة والمتوفى عنها من المبيت في غير بيتها

- ‌باب الرجل يأذن لعبده في التزويج هل يجوز طلاق المولى عليه

- ‌باب المرأة تختلع من زوجها بأكثر مما أعطاها أو أقل

- ‌باب الخلع كم يكون من الطلاق

- ‌باب الرجل يقول: إذا نكحت فلانة فهي طالق

- ‌باب المرأة يطلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين فتتزوج زوجًا ثم يتزوجها الأول

- ‌باب الرجل يجعل أمر امرأته بيدها أو غيرها

- ‌باب الرجل يكون تحته أمة فيطلقها ثم يشتريها

- ‌باب الأمه تكون تحت العبد فتعتق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها وهي حامل

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الرجل يطلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها

- ‌باب المرأة يطلقها زوجها فتتزوج رجلًا فيطلقها قبل الدخول

- ‌باب المرأة تسافر قبل انقضاء عدتها

- ‌باب المتعة

- ‌باب الرجل يكون عنده امرأتان فيؤثر إحداهما على الأخرى

- ‌باب اللعان

- ‌باب متعة الطلاق

- ‌باب ما يكره للمرأة من الزينة في العدة

- ‌باب المرأة تنتقل من منزلها قبل انقضاء عدتها من موت أو طلاق

- ‌باب عدة أم الولد

- ‌باب الخلية والبرية وما يشبه الطلاق

- ‌باب الرجل يولد له فيغلب عليه الشبه

- ‌باب المرأة تُسْلِم قبل زوجها

- ‌باب انقضاء الحيض

- ‌باب المرأة يطلقها زوجها طلاقًا يملك الرجعة فتحيض حيضة أو حيضتين ثم ترتفع حيضتها

- ‌باب عدة المستحاضة

- ‌باب الرضاع

- ‌كتاب الضحايا وما يُجزئ منها

- ‌باب ما يُكره من الضحايا

- ‌باب لحوم الأضاحي

- ‌باب في الرجل يذبح أضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى

- ‌باب ما يجزئ من الضحايا عن أكثر من واحد

- ‌باب الذبائح

- ‌باب الصيد وما يُكره أكله من السباع وغيرها

- ‌باب أكل الضب

- ‌باب ما لفظه البحر من السمك الطافي وغيره

- ‌باب السمك يموت في الماء

- ‌باب ذكاة الجنين ذكاة أمه

- ‌ باب أكل الجراد

- ‌باب ذبائح نصارى العرب

- ‌باب ما قتل الحجر

- ‌باب الشاة وغير ذلك تذكى قبل أن تموت

- ‌باب الرجل يشتري اللحم فلا يدري أذكى هو أو غير ذكى

- ‌باب صيد الكلب المعلم

- ‌باب العقيقة

- ‌أبواب الديات

- ‌باب الدية في الشفتين

- ‌باب دية العمد

- ‌باب دية الخطأ

- ‌باب دية الأسنان

- ‌باب أرش السن السوداء والعين القائمة

- ‌باب النفر يجتمعون على قتل واحد

- ‌باب الرجل يرث من دية امرأته والمرأة من دية زوجها

- ‌باب الجروح وما فيها من الأروش

- ‌باب دية الجنين

- ‌باب الموضحة في الوجه والرأس

- ‌باب البئر جبار

- ‌باب من قتل خطأ ولم تعرف له عاقلة

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود في السرقة

- ‌باب العبد يسرق من مولاه

- ‌باب من سرق تمرًا أو غير ذلك مما لم يحرز

- ‌باب الرجل يُسرق منه الشيء يجب فيه القطع فيهبه للسارق بعد ما يرفعه إلى الإمام

- ‌باب ما يجب فيه القطع

- ‌باب السارق يسرق وقد قطعت يده أو يده ورجله

- ‌باب العبد يأبق ثم يسرق

- ‌باب المختلس

- ‌كتاب الحدود في الزنا

- ‌باب الرجم

- ‌باب الإِقرار بالزنا

- ‌باب الاستكراه في الزنا

- ‌باب حد المماليك في الزنا والسكر

- ‌باب الحد في التعريض

- ‌باب الحد في الشراب

- ‌كتاب الأشربَة

- ‌باب شراب البتع والغبيراء وغير ذلك

- ‌باب تحريم الخمر وما يُكره من الأشربة

- ‌باب الخليطين

- ‌باب نبيذ الدُّبَّاء والمُزَفَّت

- ‌باب نبيذ الطلاء

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب ميراث العمة

- ‌باب النبي صلى الله عليه وسلم هل يُورَث

- ‌باب لا يرث المسلم الكافر

- ‌باب ميراث الولاء

- ‌باب ميراث الحميل

- ‌باب الرجل يوصي عند موته بثلث ماله

- ‌باب الأيمان والنذور وأدنى ما يجزئ في كفارة اليمين

- ‌باب الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله

- ‌باب من جعل على نفسه المشي ثم عجز

- ‌باب الاستثناء في اليمين

- ‌باب الرجل يموت وعليه نذر

- ‌باب من حلف أو نذر في معصية

- ‌باب من حلف بغير الله عز وجل

- ‌باب من جعل ماله لباب الكعبة

- ‌باب اللغو في الأيمان

الفصل: ‌باب أكل الضب

تعالى في سورة الأنعام: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} [الأنعام: 139]، وأُجيب بأن الحديث لا دليل فيه على الحرمة لاحتمال أكل مصدر مضاف إلى الفاعل، فيكون كقوله تعالى في سورة المائدة:{وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3]، وقال ابن عبد البر: إن النهي أن تنظر إلى ما ورد فيه، فإن ورد على ملكك فهو نهي إرشاد كالأكل بالشمال وأخذ الكتاب به، والاستنجاء باليمين، وما ورد غير ملكك فهو على التحريم كالشفاء، وعن قليل ما أُسكر كثيره، وعن بيع حبل الحبلة، واستباحة الحيوان من هذا القسم، قال: وحمل النهي عن التنزيه ضعيف لا يعضده دليل صحيح. انتهى، وهو على اختياره ترجيح التحريم، كذا قاله الزرقاني (1).

قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه عبيدة بن أبي سفيان بن الحارث الحضرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه، يكره أي: يحرم أكل كُلّ ذي نابٍ من السباع، وكلِّ ذي مِخْلب من الطير، لما روى أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير، ويكره أي: يحرم من الطير أيضًا أي: كما يحرم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير ما أكل الجيفَ بكسر ففتح جمع جيفة، وهي: النجاسة، مما له مِخلب، أو ليس له مخلب، أي: هما سيان، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وقول إبراهيم النَّخَعي.

لما فرغ من بيان حكم الصيد الذي يكره أكله من كل ذي ناب ومخلب، شرع في بيان حكم الضب، فقال: هذا

* * *

‌باب أكل الضب

باب في بيان حكم أكل الضب، بفتح الضاد المعجمة، وتشديد الموحدة دويبة معروفة بأرض اليمن وأرض نجد، ولم تكن بأرض الحجاز، يقال لها باللسان التركي:(كلي)، وإنما سميت ضبًا لقربها (ق 670) إلى الأرض؛ لأن الضب في الأصل الالتصاق

(1) في شرحه (3/ 121).

ص: 203

بأرض، كذا قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري)، قال السيوطي: الضب دويبة لطيفة من خصياته أن له ذكرين في أصل واحد، يعيش سبعمائة سنة ولا يشرب الماء، بل يكتفي بالنسيم، وهو ريح الصباح، ويبول في كل أربعين يومًا قطرة، ولا يسقط له سن، وما أحسن قول حاتم الأصم شعرًا:

وكيف أخاف الفقر والله رازقي

ورازق هذا الخلق في العسر واليسر

يكفل بالأرزاق للخلق كلهم

فللضب في البيداء وللحوت في البحر

والمناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق ظاهرة.

645 -

أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف عن عبد الله بن عباس، عن خالد بن الوليد بنِ المغيرة، أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأُتي بضبّ مَحْنوذ فأهْوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فقال بعض النسوة اللاتي كنّ في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل منه، فقيل: هو ضبّ، فرفع يده، فقلتُ: أحرامٌ هو، قال:"لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي؛ فأجدُني أعافه"، قال: فاجْتَرَرْتُه، فأكلتُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، عن أبي أُمامة أي: سعد أو أسعد بن سهل بن حُنيف بالتصغير الأنصاري، له رؤية، وأبوه صحابي بدري، عن عبد الله بن عباس، عن خالد بن الوليد بن المغيرة، أي: المخزومي، يقال له: سيف الله، أنه أي: خالد بن الوليد دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فأُتي بفتح الهمزة، أي: فجيء بضبّ مَحْنوذ، بفتح الميم وسكون

(645) صحيح، أخرجه البخاري (5/ 2060)، ومسلم (3/ 1543)، وأبو داود (3/ 353)، والنسائي (7/ 197)، وابن حبان (12/ 69)، وأبو عوانة في مسنده (5/ 38)، والدارمي (2/ 128)، والشافعي في مسنده (1/ 168)، وأحمد في المسند (1/ 332).

ص: 204

الحاء المهملة، وضم النون، فواو ساكنة، ثم ذال معجمة، أي: مشوي بالحجارة المحماة بالنار، ومنه قوله تعالى في سورة هود:{بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]، فأهْوى بفتح الهمزة وسكون الهاء وفتح الواو فتحتية، أي: مد إليه أي: إلى الضب المشوي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم يده أي: ليأخذه فيأكله، فقال بعض النسوة التي، وفي نسخة: اللاتي كنّ في بيت ميمونة أي: لم يسم النسوة، والقائل ميمونة، كما في مسلم وغيره: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل منه، والمعنى: سموه باسمه لمعرفة حكمه، فقيل: أي: بعضهن: هو ضبّ، ولفظ مسلم من طريق ابن الأصم عن ابن عباس، فقالت ميمونة: يا رسول الله إنه لحم ضب، فرفع يده، أي: امتنع من أكله، قال خالد: فقلتُ: أحرامٌ هو؟ أي: حيث امتنعت من أكله؟ قال: "لا، أي: ليس بحرام، ولكنه أي: الضب لم يكن بأرض قومي؛ أي: من الحجاز الذي يسكنه قريش، فأجدُني أي: نفسي وطبعي أعافه"، بفتح الهمزة وضم الفاء، أي: أكرهه، ومعنى الاستدراك هنا تأكيد الخبر، كأنه لما قال:"ليس بحرام" قيل: ولم لا تأكله أنت؟ قال: "لأنه لم يكن بأرض قومي"، والفاء للسببية في فأجدني، قال: أي: خالد بن الوليد، كما رواه ابن بكير بن الأشج عن مالك: فاجْتَرَرْتُه، بجيم ساكنة ففوقية فراء مكسورة، أي: جررته فأكلتُ، وفي نسخة: فاجتذبته فأكلته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فاجتمع فيه الدليل القولي والتقريري على جواز أكله خلافًا لقول صاحب (الهداية) من الحنفية يكره لنهيه صلى الله عليه وسلم عائشة لما سألته عن أكله، لكنه ضعيف فلا يُحتج به، وحكى عياض تحريمه عن قوم، قال النووي: وما أظنه يصح عن أحد.

قال أبو عمر ابن عبد البر: فيه أن صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وإنما يعلم منه ما يظهره الله عليه، وأن النفوس تعاف ما لم تعهد، وحل الضب؛ وأن من الحلال ما تعافه النفس، وأن الحرمة والحل ليسا مردودين إلى الطباع، وإنما الحرام ما حرمه الكتاب والسنة، وكان في معنى ما حرمه أحدهما، قال: ودخول خالد وابن عباس (ق 671) بيت ميمونة، وفيه النسوة كان قبل نزول الحجاب. انتهى.

وليس يلازم أن يجوز أنه وبعده وهن مستترات، وأما ميمونة فخالة ابن عباس، وخالد بن الوليد. انتهى.

* * *

ص: 205

646 -

أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف ترى في أكل الضب؟ قال:"لستُ بآكله ولا مُحَرِّمه".

قال محمد: جاءَ في أكل الضبّ اختلاف، فأما نحن فلا نرى أن يُؤكل.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا عبد الله بن دينار، العدوي، مولاهم يُكنى أبا عبد الرحمن المدني، مولى ابن عمر، ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين ومائة، كذا في (تقريب التهذيب)، عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أنه قال: نادى رجل، وفي نسخة: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كيف ترى أي: أي شيء تختار في أكل الضب؟ أي: أيحل أكله أم يحرم؟ قال: "لستُ بآكله بمد الهمزة، ولا مُحَرِّمه"، رواه مسلم أيضًا، قال ابن العربي: سبب عدم أكله، لاستكراهه عن رائحته، فيكون من باب أكل البصل والثوم ولنزول عليه الملك بالوحي، كما روى ابن بكير بن الأشج عن مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري المازني، عن سليمان بن يسار الهلالي، أنه قال مرسلًا: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة بنت الحارث الهلالية، أم المؤمنين، فأُتي بضباب فيها بيض ومعه عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد، فقال صلى الله عليه وسلم:"من أين لكم هذا؟ " فقالت ميمونة: أهدته إليَّ أختي هزيلة بنت الحارث، فقال لعبد الله بن عباس وخالد بن الوليد:"كُلا"، فقالا: أفلا تأكل أنت يا رسول الله؟ فقال: "إني يحضرني من الله حاضرة"، أي: يجيء ملك بالوحي، فلا ينبغي أن يجد عندي رائحة لا يرضى عنها.

قال محمد: قد جاءَ في أكلة وفي نسخة: في أكل الضب اختلاف، أي: في الأحاديث، فأما نحن أنا مع أصحاب أبي حنيفة، فلا نرى أي: لا نختار أن يُؤكل، أي: الضب، احتياطًا، لتعارض الأدلة.

* * *

(646) أخرجه النسائي (7/ 197)، وأحمد في المسند (2/ 33، 62)، وابن سعد في الطبقات (1/ 2/ 122)، وعبد الرزاق في المصنف (8672)، والعقيلي في الضعفاء (3/ 452).

ص: 206

647 -

أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنه أُهدي لها ضب، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن أكله فنهاها عنه، فجاءَت سائلة فأرادت أن تطعمها إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتطعمنها مما لا تأكلين".

• أخبرنا أبو حنيفة، نعمان بن ثابت بن طاوس بن هرمز بن مالك بن شيبان، سلطان المجتهدين في المذهب، الإِمام الأعظم، كان في الطبقة السادسة من طبقات صغار التابعين، فإنه ولد في عهد الصحابة سنة ثمانين بعد الهجرة، ومات سنة خمسين ومائة ببلدة بغداد، كانت في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة، وهو ابن سبعين سنة في أشهر الروايات.

عن حماد أي: ابن مسلم يكنى أبا سليمان مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، كان في الطبقة الخامسة من طبقات فقهاء أهل الكوفة، مات سنة عشرين ومائة (1)، عن إبراهيم بن يزيد النخعي بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سعد بن مالك، كان في الطبقة الرابعة من طبقات كبار التابعين، من أهل الكوفة، مات سنة ست وتسعين، وقيل: خمسة ومائة، وهو ابن ست وأربعين سنة. عن عائشة رضي الله عنها، أنه أي: الشأن أهدي يصيغة المجهول لها ضب، فأتاها أي: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته أي: عائشة عن أكله فنهاها عنه، أي: عن أكله، فجاءَت سائلة أي: امرأة فقيرة، فأرادت أي: عائشة أن تطعمها إياه، أي: الضب، فقال لها أي: لعائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتطعمنها مما لا تأكلين" أنتِ يا عائشة؟

* * *

648 -

قال محمد: أخبرنا عبد الجبار، عن ابن عباس الهمدانيّ، عن عزيز بن مَرثَد، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه نهى عن أكل الضبّ والضبع.

قال محمد: فترْكه أحبّ إلينا من أكله، وهو قول أبي حنيفة.

(647) أخرجه أبو حنيفة في مسنده (2/ 238).

(1)

التقريب (1/ 138).

ص: 207

• قال محمد: أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار العطار البصري، يُكنى أبا بكر، نزيل مكة، لا بأس به، كان في الطبقة العاشرة من طبقات صغار التابعين من (ق 672) أهل البصرة، مات سنة ثمان وأربعين ومائة بعد الهجرة، كذا قاله ابن حجر (1)، عن ابن عباس الهمدانيّ، بفتح الهاء وسكون الميم، نسبة إلى قبيلة، عن عزيز بن مَرثَد، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه نهى عن أكل الضبّ والضبع، بضم الضاد المعجمة، وفتح الموحدة: والعين المهملة، يقال له باللسان التركي:(سرثلان) و (ياللي فورت)، قال أبو حنيفة: الضبع حرام، وبه قال سعيد بن المسيب، والثوري مجتمعين بأنه ذو ناب من السباع، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وقال مالك: يُكره أكلها، والمكروه عنده ما أثم بأكله ولا يقطع بتحريمه، وفي البيهقي (2) عن عبد الله بن مغفل السلمي قال: قلتُ: يا رسول الله، ما تقول في الضبع، قال:"لا آكله ولا أنهى عنه"، وقال الشافعي: حل أكله مستدلًا بما روى عبد الرحمن بن أبي عمار قال: سألتُ جابر بن عبد الله عن الضبع أصيد هو؟ قال: نعم، أخرجه الترمذي (3)، وقال: حسن صحيح.

قال محمد: فترْكه أي: ترك لحم الضب، أحبّ إلينا من أكله؛ لأنه أحوط في حقه، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وقال بعض علمائنا: إنه لا يحل الحشرات؛ لأنها من الخبائث، وقد قال تعالى في سورة الأعراف:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وأما ما رُوي من إباحة أكل الضب فمحمول على ابتداء الإِسلام قبل أن يحرم الخبائث.

لما فرغ من بيان حكم أكل الضب، شرع في بيان أكل السمك الذي رماه البحر، فقال: هذا

* * *

(1) في التقريب (1/ 332).

(2)

في الكبرى (9/ 319).

(3)

الترمذي (4/ 252) رقم (1791).

ص: 208