المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الأيمان والنذور وأدنى ما يجزئ في كفارة اليمين - المهيأ في كشف أسرار الموطأ - جـ ٣

[عثمان الكماخي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النِّكَاح

- ‌باب الرجل يكون له نسوة، كيف يقسم بينهن

- ‌باب أدنى ما يتزوج عليه المرأة

- ‌باب لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها في النكاح

- ‌باب الرجل يخطب على خطبة أخيه

- ‌باب الثَّيِّب أحقُ بنفسها من وليها

- ‌باب الرجل يكون عنده أكثر من أربع نسوة فيريد أن يتزوج

- ‌باب ما يُوجب الصداق

- ‌باب نكاح الشغار

- ‌باب نكاح السر

- ‌باب الرجل يجمع بين المرأة وابنتها، وبين المرأة وأختها في ملك اليمين

- ‌باب الرجل ينكح المرأة ولا يصل إليها لعلة بالمرأة أو الرجل

- ‌باب البكر تستأمر في نفسها

- ‌باب النكاح بغير ولي

- ‌باب الرجل يتزوج المرأة ولا يفرض لها صداقًا

- ‌باب المرأة تتزوج في عدتها

- ‌باب العزل

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب طلاق السنة

- ‌باب طلاق الحرة تحت العبد

- ‌باب ما يُكره للمطلقة المبتوتة والمتوفى عنها من المبيت في غير بيتها

- ‌باب الرجل يأذن لعبده في التزويج هل يجوز طلاق المولى عليه

- ‌باب المرأة تختلع من زوجها بأكثر مما أعطاها أو أقل

- ‌باب الخلع كم يكون من الطلاق

- ‌باب الرجل يقول: إذا نكحت فلانة فهي طالق

- ‌باب المرأة يطلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين فتتزوج زوجًا ثم يتزوجها الأول

- ‌باب الرجل يجعل أمر امرأته بيدها أو غيرها

- ‌باب الرجل يكون تحته أمة فيطلقها ثم يشتريها

- ‌باب الأمه تكون تحت العبد فتعتق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها وهي حامل

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الرجل يطلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها

- ‌باب المرأة يطلقها زوجها فتتزوج رجلًا فيطلقها قبل الدخول

- ‌باب المرأة تسافر قبل انقضاء عدتها

- ‌باب المتعة

- ‌باب الرجل يكون عنده امرأتان فيؤثر إحداهما على الأخرى

- ‌باب اللعان

- ‌باب متعة الطلاق

- ‌باب ما يكره للمرأة من الزينة في العدة

- ‌باب المرأة تنتقل من منزلها قبل انقضاء عدتها من موت أو طلاق

- ‌باب عدة أم الولد

- ‌باب الخلية والبرية وما يشبه الطلاق

- ‌باب الرجل يولد له فيغلب عليه الشبه

- ‌باب المرأة تُسْلِم قبل زوجها

- ‌باب انقضاء الحيض

- ‌باب المرأة يطلقها زوجها طلاقًا يملك الرجعة فتحيض حيضة أو حيضتين ثم ترتفع حيضتها

- ‌باب عدة المستحاضة

- ‌باب الرضاع

- ‌كتاب الضحايا وما يُجزئ منها

- ‌باب ما يُكره من الضحايا

- ‌باب لحوم الأضاحي

- ‌باب في الرجل يذبح أضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى

- ‌باب ما يجزئ من الضحايا عن أكثر من واحد

- ‌باب الذبائح

- ‌باب الصيد وما يُكره أكله من السباع وغيرها

- ‌باب أكل الضب

- ‌باب ما لفظه البحر من السمك الطافي وغيره

- ‌باب السمك يموت في الماء

- ‌باب ذكاة الجنين ذكاة أمه

- ‌ باب أكل الجراد

- ‌باب ذبائح نصارى العرب

- ‌باب ما قتل الحجر

- ‌باب الشاة وغير ذلك تذكى قبل أن تموت

- ‌باب الرجل يشتري اللحم فلا يدري أذكى هو أو غير ذكى

- ‌باب صيد الكلب المعلم

- ‌باب العقيقة

- ‌أبواب الديات

- ‌باب الدية في الشفتين

- ‌باب دية العمد

- ‌باب دية الخطأ

- ‌باب دية الأسنان

- ‌باب أرش السن السوداء والعين القائمة

- ‌باب النفر يجتمعون على قتل واحد

- ‌باب الرجل يرث من دية امرأته والمرأة من دية زوجها

- ‌باب الجروح وما فيها من الأروش

- ‌باب دية الجنين

- ‌باب الموضحة في الوجه والرأس

- ‌باب البئر جبار

- ‌باب من قتل خطأ ولم تعرف له عاقلة

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود في السرقة

- ‌باب العبد يسرق من مولاه

- ‌باب من سرق تمرًا أو غير ذلك مما لم يحرز

- ‌باب الرجل يُسرق منه الشيء يجب فيه القطع فيهبه للسارق بعد ما يرفعه إلى الإمام

- ‌باب ما يجب فيه القطع

- ‌باب السارق يسرق وقد قطعت يده أو يده ورجله

- ‌باب العبد يأبق ثم يسرق

- ‌باب المختلس

- ‌كتاب الحدود في الزنا

- ‌باب الرجم

- ‌باب الإِقرار بالزنا

- ‌باب الاستكراه في الزنا

- ‌باب حد المماليك في الزنا والسكر

- ‌باب الحد في التعريض

- ‌باب الحد في الشراب

- ‌كتاب الأشربَة

- ‌باب شراب البتع والغبيراء وغير ذلك

- ‌باب تحريم الخمر وما يُكره من الأشربة

- ‌باب الخليطين

- ‌باب نبيذ الدُّبَّاء والمُزَفَّت

- ‌باب نبيذ الطلاء

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب ميراث العمة

- ‌باب النبي صلى الله عليه وسلم هل يُورَث

- ‌باب لا يرث المسلم الكافر

- ‌باب ميراث الولاء

- ‌باب ميراث الحميل

- ‌باب الرجل يوصي عند موته بثلث ماله

- ‌باب الأيمان والنذور وأدنى ما يجزئ في كفارة اليمين

- ‌باب الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله

- ‌باب من جعل على نفسه المشي ثم عجز

- ‌باب الاستثناء في اليمين

- ‌باب الرجل يموت وعليه نذر

- ‌باب من حلف أو نذر في معصية

- ‌باب من حلف بغير الله عز وجل

- ‌باب من جعل ماله لباب الكعبة

- ‌باب اللغو في الأيمان

الفصل: ‌باب الأيمان والنذور وأدنى ما يجزئ في كفارة اليمين

المريض بشدة مرضه وقوة ألمه إذا لم يقرن بذلك شيء مما يمنع أو يكره من التبرم وعدم الرضى بل لطلب دعاء أو دواء، وربما استحب وأن ذلك لا ينافي في الاتصاف بالصبر المحمود، وإذا جاز ذلك أثنى المريض كان الإِخبار بعد البرء أجوز وأن أعمال البر والطاعة إذا كان منهما ما لا يمكن استداركه قام غيره في الثواب والأجر مقامه.

قال محمد: الوصايا جائزة في ثلث مال الميت بعد قضاء دينه، لأن قضاء الدين من فروض العين وليس له أي: للميت أن يوصي بأكثر منه أي: من الثلث، وإن أوصى بأكثر من ذلك أي: الثلث فأجازته الورثة بعد موته فهو أي: الإِيصاء بأكثر منه جائز، وفيه تنبيه على أن إجازتهم قبل موته غير معتبرة لعدم تعلق حق لهم بماله وليس لهم أي: للورثة أن يرجعوا بعد إجازتهم، أي: الواقعة بعد موته وإن ردّوا أي: وصيته رجع ذلك إلى الثلث، أي: وبطل الزائد عليه لا أصله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الثلث، أي: عين الثلث والثلث كثير"، (ق 777) فلا يجوز لأحد وصية مرفوعة لأنها فاعل يجوز بأكثر من الثلث إلا أن يُجيزوا الورثة، وهو أي: جواز الوصية بأكثر من الثلث بإجازتهم قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال:"الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"(1).

قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواه النسائي عن عمرو بن خارجة مرفوعًا، فلا أوصي لوارث، فأجازوا أي: الورثة جاز وإلا فلا وإن اجتمع الوصايا وضاق عنها الثلث قوم الفرض وإن أخره الوصي عن غيره؛ لأنه أهم فإن تساوت قُوَّة قَدَّم مَا قَدَّمَه الموصي؛ لأن الظاهر من حال الإِنسان أن يبدأ بما هو أهم عنده والله أعلم.

لما فرغ من بيان ما يتعلق بالوصية، شرع في بيان ما يتعلق اليمين والنذر، فقال: هذا

* * *

‌باب الأيمان والنذور وأدنى ما يجزئ في كفارة اليمين

في بيان أحكام الأيمان، بفتح الهمزة وسكون التحتية فألف ونون جمع يمين، وهو

(1) أخرجه الترمذي (4/ 423)، رقم (2120)، وقال: حسن صحيح، وأبو داود (3/ 114)، رقم (2868)، وابن ماجه (2/ 905)، رقم (2723)، وأخرجه النسائي في الكبرى (4/ 107)، رقم (6468)، عن عمرو بن خارجة مرفوعًا.

ص: 392

في اللغة مشتركة بين الجارحة والقسم والقوة، كما قال تعالى في سورة الحاقة:{لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: 45] أي: بالقوة، وفي الشرع: هي عبارة عن عمد قوي بها عزم الحالف على الفعل أو الترك أو عن تعليق الجزاء بالشرط فإنه أيضًا يمين حتى لو حلف أن لا يحلف، فقال: إن دخلت الدار فعبدي حر يحنث عند العامة، وعند أصحاب أبي حنيفة: الظاهر أنه لا يحنث وركنها اللفظ المستعمل فيها وشرطها العقل والبلوغ والإِسلام، وحكمها شيئان وجوب البر بتحقيق الصدق في نفس اليمين، والثاني وجوب الكفارة بالحنث. كذا قاله محمد التمرتاشي في (منح الغفار) والنذور، أي: وبيان أحكام النذور بضم النون والذال المعجمة وسكون الواو فراء مهملة جمع النذر، وهو بفتح النون وسكون الذال المعجمة والراء المهملة إيجاب عين الفعل المباح على نفسه تعظيمًا لله تعالى. كذا عرفه السيد محمد الجرجاني، ولذا قال عبد الله بن عمر بن محمد بن البيضاوي الشيرازي في تفسير قوله تعالى:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]: من وفى بما أوجبه على نفسه تعظيمًا لله تعالى، كان أوفى بما أوجبه الله عليه وأدنى ما يجزي بلا أي: وبيان أقل الشيء يكفي في كفارة اليمين. وجه المناسبة بين هذا الكتاب وبين الكتاب السابق حكم يظهر بعد الموت، وهو الميراث وبعد اليمين، وهو وجوب البر بتحقيق الصدق في نفس اليمين ووجوب الكفارة بالحنث.

737 -

أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر كان يُكَفِّر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين، لكل إنسان مدّ من حنطة، وكان يعتق الجوَارِ إذا وكَّدَ في اليمين.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا أخبرنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني، مولى ابن عمر ثقة فقيه ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة أن عبد الله بن عمر كان يُكَفِّر عن يمينه أي: عن حنثه بإطعام عشرة مساكين، لكل إنسان أي: يعطي لكل مسكين، كما في (الموطأ) لمالك برواية يحيى مدّ من حنطة، وهو بضم الميم وتشديد الدال المهملة نصف صاع، كما قدره علماؤنا وهو مد النبي صلى الله عليه وسلم وكان يعتق الجوَارِ إذا وكَّدَ في اليمين أي: في مذهبه وهو بفتح الواو وتشديد الكاف، يقال: وكدت اليمين توكيدًا أو أكدت اليمين تأكيدًا.

(737) إسناده صحيح، وانظر المدونة الكبرى (3/ 119).

ص: 393

قال السيوطي: (ق 778) قيل لنافع: ما التأكيد قال: تزداد اليمين في الشيء الواحد انتهى، ولا يخفى أن "أو" في قوله تعالى في سورة المائدة:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] للتخيير، ولما كان تحرير الرقبة أكثر قيمة استعمله ابن عمر في أكبر جريمة مخالفة للنفس ومهاجرًا لها عن متابعة هواها.

* * *

738 -

أخبرنا مالك، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار، قال: أدركتُ الناس وهم إذا أعطوا المساكين في كفارة اليمين أعطوا مدا مدا من حنْطة، بالمدّ الأصغر، ورأوا أن ذلك يجزئ عنهم.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا يحيى بن سعيد، بن قيس الأنصاري المدني، يكنى أبا سعيد القاضي، ثقة ثبت كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين ومائة عن سليمان بن يسار، بفتح التحتية وخفة السين المهملة الهلالي المدني، مولى ميمونة وقيل: مولى أم سلمة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة وقيل: قبلها. كذا في (تقريب التهذيب)(1) قال: أدركتُ الناس يعني الصحابة وهم إذا أعطوا المساكين في كفارة اليمين أعطوا مدا مدا من حِنْطة، أي: لكل مسكين بالمدّ الأصغر، أي: مد النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصف صاع من بر كما مر، وكما صرح به الإِمام مالك، والمد الأكبر مد هشام بن إسماعيل المخزومي، وكان غلامًا لبني أمية على المدينة ورأوا أي: اختاروا أن ذلك أي: المد الأصغر يجزئ أي: يكفي عنهم لأن جميع الكفارات به ما عدا المظاهر.

* * *

739 -

أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر قال: من حلف

(738) إسناده صحيح.

(1)

التقريب (1/ 255).

(739)

إسناده صحيح، أخرجه البيهقي في الكبرى (10/ 56)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/ 118).

ص: 394

بيمين فوكَّدها ثم حنث، فعليه عتق رقبة أو كسوة عشرة مساكين، ومن حلف بيمين فلم يوكدها فحنث فعليه إطعام عشرة مساكين، لكل إنسان مدّ من حنطة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

قال محمد: إطعام عشرة مساكين غداءً وعشاءً ونصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو شعير.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر قال: من حلف بيمين أي: على يمين، كما في رواية أي: على مقسم عليه؛ لأن حقيقة اليمين جملتان أحدهما مقسم به والآخر مقسم عليه، فذكر الكل وأريد به البعض، وقيل: ذكر اسم الحال وأريد المحل؛ لأن المحلوف عليه محل اليمين، كما قاله علي القاري فوكَّدها أي: كررها على ما سبق ثم حنث، بكسر النون أي: نقض يمينه فعليه عتق رقبة أو كسوة عشرة مساكين، أي: لكل مسكين ثوب يستر عامة بدنه قميص أو إزار أو رداء أو قباء أو كساء ومن حلف بيمين أي: على مقسم عليه فلم يوكدها أي: ولم يكررها فحنث أي: ثم حنث كما في (الموطأ) لمالك برواية يحيى فعليه إطعام عشرة مساكين، أريد ما يشمل الفقراء لكل إنسان مدّ بالرفع مبتدأ مؤخر من حنطة، أي: ونحوها قال تعالى في سورة المائدة: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] فمن لم يجد أي: أحد الأشياء الثلاثة فصيام ثلاثة أيام أي: متتابعات كما في قراءة شاذة، وبه قال علماؤنا خلافًا للشافعي وهذا التنويع الذي ذكره ابن عمر رضي الله عنهما، فلعله اختيار منه بما صدر في اجتهاده عنه.

قال محمد: إطعام عشرة مساكين غداءً وعشاءً قال البغوي: ولو غداهم وعشاهم لا يجوز، وجوزه أبو حنيفة، ويروي ذلك عن علي رضي الله عنه، ولا يجوز الدراهم والدنانير ولا الخبز ولا الدقيق، بل يجب إخراج الحب إليهم، وجوز أبو حنيفة كل ذلك ونصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو شعير ولما روى المصنف أول الباب إلى هنا عن مالك روى عن مشايخه غير الإِمام مالك إلى الباب الآتي فقال (ق 779):

* * *

ص: 395

740 -

قال محمد: أخبرنا سلَّام بن سُليم الحنفي، عن أبي إسحاق السَّبيعي عن يرفاء مولى عمر بن الخطاب، قال: قال عمر بن الخطاب: يا يرفاء، إني أنزلتُ مال الله مني منزلة اليتيم، إذا احتجت أخذت منه، وإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت، وإني قد وُلِّيتُ من أمر المسلمين أمرًا عظيمًا، فإذا أنت سمعتني أحلف على يمين فلم أمضها فأطعم عني عشرة مساكين، خمسة أصْوُع بُرٍّ، بين كل مسكينين صاع.

• قال محمد: أخبرنا سلَّام بن سُليم بالتصغير الحنفي، مولاهم، يكنى أبا الأحوص الكوفي ثقة متقن صاحب حديث، كان في الطبقة السابعة من طبقات التابعين من أهل الكوفة، مات سنة تسع وسبعين ومائة عن أبي إسحاق السَّبيعي بفتح السين المهملة وكسر الموحدة نسبة إلى سبيع بن سبع، وهو مكثر عابد، اسمه عمرو بن [عبد](*) الله الهمداني، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل الكوفة، وذكر السيوطي أن السبيع مثلثة نسبة إلى سبع بطن من همدان، ومحلة السبيع بالكوفة، مات سنة تسع وعشرين ومائة وقيل: قبل ذلك عن يرفاء بفتح التحتية وسكون الراء المهملة والفاء فألف ممدودة مولى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه قال: قال عمر بن الخطاب: يا يرفاء: إني أنزلتُ مال الله أي: مال بيت المال مني بمنزلة وفي نسخة: منزلة مال اليتيم، أي: في قوله تعالى في سورة النساء: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] إذا احتجت أي: إليه أخذت منه، وإذا أيسرت أي: إن صرت غنيًا رددته، أي: أعطيت عوضًا عما أخذت وإن استغنيت، أي: على وجه الكفاف استعففت أي: طلبت العفاف وإني قد وُلِّيتُ بكسر اللام أي: توليت من أمر المسلمين أي: من جملة أمورهم اللازمة في ظهورهم أمرًا عظيمًا، أي: وشأنًا جسيمًا ربما أغفل عن بعض أقوالي وأفعالي من كثرة اشتغالي وشدة أحوالي فإذا أنت سمعتني أحلف على يمين أي: على المقسم عليه فلم أمضها أي: فلم أبرها بل أحنث فيها فأطعم عني عشرة مساكين، خمسة أصْوُع بُرٍّ، فيه إضافتان، والأصوع على زنة أرجل جمع الصاع

(740) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/ 503)، وعبد الرزاق في مصنفه (8/ 404).

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفتين سقط من المطبوع

ص: 396

وصوع بالضم وصيعان، كما في (القاموس) بين كل مسكينين صاع يعني: لكل مسكين نصف صاع من بر.

* * *

741 -

قال محمد: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، حدثنا أبو إسحاق، عن يسار بن نُمَير، عن يرفاء غلام عمر بن الخطاب، أن عمر بن الخطاب قال له: إنَّ عليَّ أمرًا من أمر الناس جسيمًا فإذا رأيتني قد حلفتُ على شيء فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر.

• قال محمد: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، بن السبيعي، يكنى أبا إسرائيل الكوفي، صدوق يهم قليلًا، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل الكوفة، مات سنة اثنين وخمسين ومائة. كذا قاله ابن حجر (1) حدثنا أبو إسحاق، عن يسار بن نُمَير، بالتصغير أبو قبيلة المدني مولى عمر ثقة نزل الكوفة، كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل الكوفة، مات قبل المائة عن يرفاء بفتح التحتية وسكون الراء المهملة والفاء فألف ممدودة غلام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب قال له: إنَّ عليَّ أمرًا أي: عظيمًا من أمر الناس جسيمًا أي: معظمًا شبه عمر ما التزمه من أمور العباد جبلًا مرتفعًا، يقال: تجسمت الرمل والجبل إذا ركبه لما نقله الجوهري عن ابن السكيت، وفي نسخة: إني على أمر الناس جسيم فإذا رأيتني قد حلفتُ على شيء أي: وحنثت فيه فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من بر.

* * *

742 -

قال محمد: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن منصور بن المعتمر، عن شقيق بن سلمة، عن يسار بن نمير، أن عمر بن الخطاب أمر أن يُكفَّر عن يمينه بنصف صاع لكل مسكين.

(1) في التقريب (1/ 613)، (741).

(742)

إسناده صحيح.

ص: 397

• قال محمد: أخبرنا سفيان بن عيينة، بضم العين المهملة وفتح التحتية الأولى وسكون الثانية وفتح النون فهاء أي: ابن أبي عمران ميمون الهلالي، يكنى أبا محمد الكوفي ثم المكي ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه في آخره، كان ربما دلس لكن عن الثقات، (ق 780) كان رؤوس الطبقة الثامنة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة وله إحدى وتسعون سنة، عن منصور بن المعتمر، بكسر الميم الثانية ابن عبد الله السلمي، يكنى أبا عتاب بمثنات ثقيلة فألف وموحدة الكوفي ثقة، في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل الكوفة، مات سنة اثنين ومائة عن شقيق بن سلمة، الأسدي، يكنى أبا وائل الكوفي ثقة مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز عن يسار بن نمير، وقد سبق بيان طبقته آنفًا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أن يُكفَّر عن يمينه بنصف صاع لكل مسكين.

* * *

743 -

قال محمد: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم، عن مجاهد، قال: في كل شيء من الكفارة فيه إطعام المساكين نصف صاع لكل مسكين.

• قال محمد: أخبرنا وفي نسخة: محمد قال: ثنا سفيان بن عيينة، قد سبق طبقته عن عبد الكريم، بن راشيد أو ابن راشد البصري، صدوق كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل البصرة عن مجاهد، بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة، يكنى أبا الحجاج المخزومي مولاهم المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، كان في الطبقة الثالثة من طبقات أهل مكة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة وله ثلاث وثمانون سنة قال: في كل شيء من الكفارة أي: من جنس الكفارات فيه إطعام المساكين نصف صاع لكل مسكين والله أعلم.

لما فرغ من بيان أحكام الأيمان والنذور وبيان ما يكفي في كفارة اليمين، شرع في بيان حكم حال الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله، فقال: هذا

* * *

(743) إسناده حسن.

ص: 398