الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} انتهى: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ: من شاء لاعنته فنزلت سورة النساء القصوى بعد أربعة أشهر وعشرا.
قال محمد: وبه نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه الزهري عن ابن عمر وهو أي: ما قاله ابن عمر قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا والعامة يطلق على معظم الشيء وعلى جميعه، والظاهر أن الخطاب أراد بالعامة الكل كما قاله عبد الرحيم بن الحسين الأثري في (شرح الألفية من أصول الحديث).
* * *
578 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع عن ابن عمر قال: إذا وضعت ما في بطنها حلَّت.
قال محمد: وبهذا نأخذ في الطلاق والموت جميعًا، تنقضي عنها بالولادة، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا نافع بن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة فقيه فاضل مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا وضعت ما في بطنها أي: من الجنين حلَّت أي: لها أن تتزوج سواء طلقها زوجها أو توفي عنها زوجها.
قال محمد: وبهذا نأخذ في الطلاق وهو بالاتفاق والموت جميعًا، أي: لا فرق بينهما تنقضي عنها بالولادة، أي: وحدها من غير انضمام أمر آخر إليها وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله.
لما فرغ من بيان حكم حال المرأة طلقت أو مات عنها زوجها وهي حامل، شرع في بيان حال المولى، فقال: هذا
* * *
باب الإيلاء
باب الإِيلاء أي: في بيان حكمه هو في اللغة: اليمين، يقال: ألى يولي إيلاء
(578) إسناده صحيح.
كأعطى يعطي إعطاء، وفي الشرع: حلف على ترك وطء المنكوحة مسلمة كانت أو كتابية، وحرة كان أو أمة، في مدة الإِيلاء، وحكمه: وقوع طلقة بائنة إن برأ والكفارة والجزاء إن حنث، وأقل مدته للحرة أربعة أشهر، وللأمة شهران، ولا حد لأكثرها، وصورة الإيلاء أن يقول المولى للمنكوحة الحرة: والله لا أقربك أربعة أشهر، وللأمة والله لا أقربك شهرين فلا إيلاء لو حلف على أقل من أقل المدتين بأن قال للحرة: والله لا أقربك شهرين أو ثلاثة أشهر، وللأمة: والله لا أقربك شهرًا.
وقال الشافعي: مدة إيلاء الأمة أيضًا أربعة أشهر؛ لأن هذه المدة ضربت لإِظهار الظلم بمنع الحق في الجماع (ق 613) والحرة والأمة سواء، ولنا أن هذه المدة ضربت إجلال البينونة فشابهت مدة العدة في تصنيف مدة العدة فكذا في مدة الإِيلاء، والجامع فوات الحل بهما كما قاله الشمني والتمرتاشي وابن مالك في (شرح النقاية) و (تنوير الأبصار) و (مجمع البحرين)، ووجه المناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق معنى يوجب البينونة من أن المرأة إذا طلقت أو مات زوجها عنها فولدت ما في بطنها بانت وحل لها أن تتزوج زوجًا في الحال وكذا الحكم في الإِيلاء، استنبط المصنف رحمه الله هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] أي: يحلفون على ترك قربان أزواجهم أربعة أشهر فصاعدًا بالله أو بتعليق ما يشق عليهم وأيد استنباطه بقوله:
579 -
أخبرنا مالك، أخبرنا الزُّهري، عن سعيد بن المسيَّب قال: إذا آلى الرجل من امرأته ثم فاء قبل أن يمضي أربعة أشهر فهي امرأته، لم يذهب من طلاقها شيء، وإن مضت الأربعة قبلِ أن يفيء فهي تطليقة، وهو أمْلَك بالرجعة ما لم تنقض عدتها، قال: وكان مَرْوان يقضي به.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا الزُّهري، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، كانت في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة من وجه الأرض، عن سعيد بن المسيَّب بن حزن بن وهب بن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي أحد العلماء الأثبات، كان في
(579) إسناده صحيح.
الطبقة الأولى من طبقات كبار التابعين، من أهل المدينة، اتفقوا على أن مرسلاته أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين وبيسير وهو ابن أربع وثمانين سنة، كذا قاله ابن الجوزي وابن حجر (1) في (طبقاتهما) قال: إذا آلى أي: حلف الرجل من امرأته أي: بأن قال: والله لا أقربك أربعة أشهر إن كانت حرة، أو قال: والله لا أقربك شهرين إن كانت أمة، فالإِيلاء الذي يكون بمعنى الحلف يتعدى بعلي لكنه ضمن معنى البعد فكأنه قال: إذا بعد الرجل من امرأته شبه سعيد بن المسيب الحكم المعقول المستفاد من قول الرجل لامرأته، والله لا أقربك أربعة أشهر إلى مكان بعيد محسوس وهو استعارة تبعية ثم فاء أي: رجع عن يمينه بأن يجامع امرأته قبل أن يمضي أربعة أشهر وهي مدة الإِيلاء في الحرة وشهران في الأمة فهي امرأته، لم يذهب من طلاقها شيء، أي: لكنه حنث ووجب الكفارة في الحلف بالله وسقط الإِيلاء بانحلال اليمين بالحنث بإجماع العلماء وإن مضت الأربعة أشهر أي: في الحرة والشهران في الأمة قبل أن يفيء أي: أن يرجع عن يمينه بالوطء أو ما يقوم مقامه عند عدم القدرة عليه فهي مطلقة تطليقة، أي: بائنة عندنا، وقيل: رجعية وهو أي: زوجها أمْلَك أي: أولى وأقوى بالرجعة أي: بالرجوع إليها ما لم تنقض أي: ما دامت لم تتم عدتها، قال: أي: سعيد بن المسيب وكان مَرْوان أي: ابن الحكم يقضي به أي: يحكم بكونها رجعية.
وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين: إذا مضى أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة، وقيل: إذا مضت أربعة أشهر (ق 614) يوقف فإما أن يفيء ويرجع إلى جماعها وإما أن يطلقها، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، كذا ذكره الترمذي في (جامعه) وليحيى عن مالك أنه بلغه أن مروان بن الحكم كان يقضي في الرجل إذا آلى من امرأته أنها إذا انقضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة، وله عليها الرجعة ما دامت في العدة.
قال مالك: وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب.
* * *
580 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: أيُّما رجلٍ
(1) ابن حجر في التقريب (1/ 241).
(580)
إسناده صحيح.
آلى من امرأته فإنه إذا مضت الأربعة الأشهرُ وُقِفَ حتى يطلق أو يفيء، ولا يقع عليها طلاق، وإن مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف.
قال محمد: بلغنا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت: أنهم قالوا: إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر قبل أن يفيءَ فقد بانت بتطليقة بائنة، وهو خطاب من الخطَّاب، وكانوا لا يَرَوْنَ أن يُوقف بعد الأربعة، وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226، 227] ، قال: الفيء: الجماع في الأربعة الأشهر، وعزيمة الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر، وإذا مضت بانت بتطليقة، ولا يُوقَف بعدها، وكان عبد الله بن عباس أعلم بتفسير القرآن من غيره، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا نافع، بن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة فقيه، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة ومائة عن ابن عمر، رضي الله عنهما وفي نسخة: عن عبد الله بن عمر قال: أيُّما رجلٍ بفتح الهمزة وتشديد التحتية المضمومة فميم وألف محله مرفوع على أنه مبتدأ واستفهام متضمن معنى الشرط، وما زائدة تأكيد لإِبهام، ورجل مجرور لإِضافة كلمة أيما آلى صفة رجل أي: حلف من امرأته فإنه أي: الشأن إذا مضت الأربعة الأشهرُ وُقِفَ على صيغة المجهول جواب إذا، والجملة الشرطية محلها مرفوعة لأنها خبر للمبتدأ الثاني وهو فإنه والمبتدأ الثاني مع خبره خبر وجواب لأيما يعني: إذا حلف رجل أن لا يطأ امرأته أربعة أشهر وانقضت قبل أن يطأها وقف أي: أمسك حتى يطلق أي: بنفسه كما رواه الحاكم أو يفيء، أي: يرجع إلى جماعها فأو للتخيير ولا يقع عليها طلاق، وإن وصلية مضت الأربعة الأشهر ولم يجامع امرأته فيها حتى يوقف أي: يمكث إلى أن يطلقها بنفسه أو يرجع إلى جماعها، وبه قال مالك حيث قال في (موطئه) ليحيى قال مالك: وذلك الأمر عندنا انتهى.
وبه أخذ الشافعي، وأحمد، وعارضه بعض الحنفية بما رواه ابن أبي شيبة (1) بسند على شرط الشيخين عن ابن عباس، وابن عمر قالا: إذا آلى رجل فلم يف حتى مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة كما.
قال محمد: بلغنا عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت: رضي الله عنهم أنهم قالوا: إذا آلى أي: حلف الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر قبل أن يفيءَ أي: قبل أن يجامع امرأته فيها إذا كانت حرة، أو مضي شهران قبل أن يجامعها فيهما إذا كانت أمة فقد بانت أي: منه كما في نسخة بتطليقة بائنة، وهو أي: الزوج خاطب من الخطَّاب، بضم فتشديد جمع خاطب أي: واحد من الطالبين نكاحها فإنه ينكحها نكاحًا جديدًا، وهو تأكيد أن المطلقة ليست برجعية وكانوا أي: المذكورون أو غيرهم من السلف لا يَرَوْنَ أي: لا يختارون أن يُوقف أي: أن يمكث المولى بعد الأربعة، الأشهر وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: في تفسير هذه الآية {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} بالهمزة وقد تبدل بالواو {مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} أي: انتظام مدتها {فَإِنْ فَاءُوا} أي: رجعوا فيهن {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وفيه إيماء إلى أن الفيء أفضل {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} أي: استمروا على عدم الفيء حتى تنقضي الأربعة أشهر {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} أي: بمقالتهم {عَلِيمٌ} أي: بنياتهم، روى الواحدي في (أسباب نزول القرآن) بسنده عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر، وكانت امرأته حرة فليس مؤلي.
وقال سعيد بن المسيب من التابعين: كان الإِيلاء ضرار أهل الجاهلية كان الرجل منهم لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوجها فيحلفان لا يقربها أبدًا وكان يتركها كذلك لا أيما ولا ذات بعل، فجعل الله الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل من المرأة أربعة أشهر وأنزل {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} الآية، كذا قال الشيخ الإِمام العلامة عبد الله بن مسعود تاج الشريعة الشمني في (شرح النقاية) قال أي: ابن عباس رضي الله عنهما الفيء مصدر فاء الجماع في الأربعة الأشهر، وعزيمة الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر، أي: الدالة على عدم الرغبة منها وإذا مضت أي: تلك المدة بانت بتطليقة، ولا يُوقَف أي: لا ينتظر ولا يمكث
(1) المصنف (4/ 130).