الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرجل يتزوج المرأة ولا يفرض لها صداقًا
في بيان حكم حال الرجل يتزوج المرأة ولا يفرض من الإِفراض، أي: لا يقدر لها صداق بفتح الصاد المهملة أي: مهرًا ومات زوجها عنها ولم يدخل بها.
543 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع، أن بنتًا لِعُبَيْد الله بن عمر، وأمها ابنة زيد بن الخطاب، كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر، فمات ولم يُسَمِّ لها صَدَاقًا فقامت أمها تطلب صَدَاقها، فقال ابن عمر: ليس لها صَدَاق، ولو كان لها صَدَاق لم نمسكه، ولم نَظلمها، فأبَت أن تقبل ذلك، وجعلوا بينهم زيد بن ثابت، فَقَضَى ألَّا صداق لها، ولها الميراث.
قال محمدٌ: ولسنا نأخذ بهذا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا حدثنا،، في نسخة: عن نافع، بن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة أن بنتًا لِعُبَيْد الله بالتصغير ابن عمر، وأمها بالرفع ابنة زيد بن الخطاب، وهو أخو عمر، والجملة معترضة، أسلم قبله، واستشهد (ق 581) قبله كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر، فمات أي: ابن عبد الله، وهو زوجها ولم يُسَمِّ لها صَدَاقًا أي: مهرًا عند عقدها فقامت أمها تطلب صَدَاقها، أي: وكالة عنها فقال ابن عمر: ليس لها صَدَاق، أي: مهرًا مسمي من أصله ولو كان لها صَدَاق أي: تستحقها لم نمسكه، أي: لم نمنعه منها ولم نَظلمها، أي: لم ننقصها فأبَت أي: أمها تبعًا لها أن تقبل ذلك، أي: ترضى ما قاله ابن عمر من ليس لها صداق وجعلوا أي: قوم الزوج والزوجة حكمًا، وفي نسخة بالواو وبينهم زيد بن ثابت، أي: قاضيًا أو مفتيًا فقضى أي: حكم ألَّا صداق لها، أي: لبقاء بضعها ولها الميراث أي: بالموت، وهو الثمن إن ترك ولدًا وإلا فلها الربع مما ترك وبهذا قال علي وجمهور الصحابة.
وقال جماعة منهم: يجب الصداق بالموت، وقاله الشافعي، وهو قول شاذ عندنا، ورجحه ابن العربي وغيره، لما في السنن لأبي داود والترمذي وقال: حسن صحيح عن
(543) إسناده صحيح.
معقل بن يسار رضي الله عنه: أن بروع بنت واشق نكحت بلا مهر فمات زوجها قبل أن يفرض لها صداقا، فقضى لها صلى الله عليه وسلم بمهر نساءها وبالميراث لكن قال مالك: ليس عليه العمل كذا قاله الزرقاني (1).
قال محمدٌ: ولسنا نأخذ بهذا أي: بحكم زيد بن ثابت، وفي نسخة الشارح: بها أي: بحكومة زيد بن ثابت أو لا لمعارض له أقوى.
* * *
544 -
أخبرنا أبو حنيفة، عن حَمَّاد، عن إبراهيم النَّخَعِيّ، أن رجلًا تزوج امرأة ولم يَفْرِض لها صَدَاقًا، فمات قبل أن يدخل بها، فقال عبد الله بن مسعود: لها صداق مثلها من نسائها، لا وَكْسَ ولا شَطَط، فلما قضى قال: فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان، فقال رجل من جلسائه: بَلَغَنَا أنَّهُ مَعْقِل بن يَسَار الأشجعي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: قَضَيْتَ والذي يُحْلَفُ به بِقَضَاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في بِرَوْعَ ابنة وَاشِق الأشْجَعِيّة.
قال: ففرح عبد الله فَرْحَة ما فرح قبلها مثلها، لموافقة قوله قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال مسروق بن الأجْدع: لا يكون ميراثٌ حتى يكون قبله صَدَاق.
قال محمد: فبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا أبو حنيفة، أي: سلطان المجتهدين في المذاهب، وبرهان الأئمة في المشارق والمغارب الإِمام الأعظم، نعمان بن ثابت بن طاوس بن هرمز بن ملك بن شيبان، كان في الطبقة السادسة من طبقات صغار التابعين، ولد في عهد الصحابة سنة ثمانين من الهجرة، ولقي جماعة منهم كأنس بن مالك وعاص بن الطفيل وعبد الله بن الزهري وسهل بن سعد
(1) في شرحه (3/ 170) والحديث أخرجه أبو داود (2114) والترمذي (1145).
(544)
إسناده صحيح.
الساعدي، ونشأ في زمن التابعين، مات سنة خمس ومائة ببغداد، هي في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة، وهو ابن سبعين سنة عن حَمَّاد، بن أبي سليمان مسلم مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري الكوفي فقيه صدوق، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل الكوفة، كانت في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة مات سنة عشرين ومائة، عن إبراهيم بن زيد النَّخَعِيّ، بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سعد بن مالك، كان في الطبقة الرابعة، من كبار التابعين، من أهل الكوفة، مات سنة ست وتسعين من الهجرة، وهو ابن ست وأربعين سنة، كما قاله الاقتصاري في (طبقات الحنفية) أن رجلًا تزوج امرأة ولم يَفْرِض بكسر الراء أي: لم يقدر ولم يعين لها صَدَاقًا، فمات قبل أن يدخل بها، فقال عبد الله بن مسعود: أي: بعد اجتهاده شهرًا لها صداق مثلها من نسائها، أي: من نساء قومها في موافقة وصفها لا وَكْسَ ولا شَطَط، أي: لا نقصان ولا زيادة، فلما قضى أي: بما سبق قال: فإن يكن صوابًا فمن الله، أي: فهو بعض إلهاماته تعالى إلى وإن يكن خطأ فمني أي: من تحدث نفسي ومن الشيطان، أي: من وسوسته وهي الدعوة خفيفة لا تسمع والله ورسوله بريئان، أي: منزهان عن الخطأ، ولعله قال ذلك لئلا يتوهم أن حديثه هذا في حكم المرفوع، وذكر الله لتزين الكلام وذكر رسوله للتلذذ، والحال يجوز صدور الخط والنسيان عنه صلى الله عليه وسلم وإلا لما دعا عند العرش في ليلة (ت 582) المعراج بقوله:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] فقل رجل من جلسائه: أي: من رفقاء ابن مسعود لما كان بينهما بَلَغَنَا أنَّهُ أي: الرجل هو مَعْقِل بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف ابن سنان بكسر أوله ابن مطهر الأشجعي، وكان أي: معقل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل المدينة ثم الكوفة واستشهد بالحرة سنة ثلاث وستين، كذا في (تقريب التهذيب)، والجملة معترضة بين القول ومقوله وهو قَضَيْتَ أي: حكمت بابن مسعود والذي يُحْلَفُ به بصيغة المجهول قسيمت اعتراضية بِقَضَاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى قضيت بعين قضائه صلى الله عليه وسلم ومثله في بِرَوْعَ ابنة بكسر الموحدة في المشهور على ما ذكره ابن الهمام، ويروي بفتحها وسكون الراء المهملة وفتح الواو والعين المهملة بنت وَاشِق الأشْجَعِيّة أي: الصحابية، قال بعض أهل اللغة: كسر الباء خطأ لأنه لا يؤخذ فعول بالكسر [الآخر دع بفتح معروف](1) وعتود اسم واد عتود وزرود.
(1) هكذا بالأصل.